كشف تحقيق صحفي أجراه مراسلو صحيفة “لا ستامبا” الإيطالية أن الهجوم السيبراني على شركة “كييف ستار” الأوكرانية للاتصالات يمت بصلة إلى ما يسمى بعقيدة جيراسيموف التي تتمثل في جمع أدوات مختلفة لشن روسيا حروبًا حديثة حيث تُستخدم الشركات الروسية الكبيرة إلى جانب أجهزة الاستخبارات الروسية كأداة لتحقيق أهداف سياسة بوتين الخارجية الرامية إلى إضعاف أوروبا.
تعرضت أكبر شركة للاتصالات في أوكرانيا، وهي شركة “كييف ستار”، 12 ديسمبر 2023، لجهوم سيبراني كبير لا سابقة له في تاريخ الشركة. وكان غرض القرصنة محو آثار الوجود التقني لأجهزة المخابرات الروسية في شبكة الشركة عقب سرقتها لمعلومات حساسة.
تشير هذه السابقة إلى التهديدات المتصاعدة لأوروبا حيث تبذل روسيا في إطار حربها واسعة النطاق على أوكرانيا قصارى جهدها لإنشاء خلايا في شركات المعلومات والاتصالات العاملة في البلدان الأوروبية بغرض التغلغل اللاحق في بنيتها التحتية، الأمر الذي يمكن أجهزة المخابرات الروسية من الوصول إلى المعلومات التي تهمها ويوفر ظروفًا مواتية لتنفيذ الأعمال التخربيية والهجمات الإلكترونية والتجسس الصناعي، ما يلحق، في نهاية المطاف، أضرارًا اقتصادية وسياسية للغرب. ويشكل كل ذلك، بلا شك، تهديدًا هجينًا كلاسيكيًا راميًا لإضعاف أوروبا.
أما الشركات الروسية فتعتبر شريكًا واعيًا في ارتكاب مثل هذه الجرائم إذ أنها تهيئ حيزًا لتسلسل المخابرات الروسية وعملائها من خلال شراء تلك الشركات أصولًا في شركات أجنبية (مثلما حدث مع شركة “كييف ستار” التي كان جزء من أسهمها مملوكًا للأوليغارشي الروسي ميخائيل فريدمان). ونظرًا لتحدي بوتين للغرب لم يبق ببساطة في روسيا شركات أو مؤسسات لا تعمل على تحقيق أهداف السياسة الخارجية والأهداف العسكرية للكرملين.
وفي الظروف الراهنة يتعين على الغرب أن يرفض أي اتصالات أو تعاون مع الشركات الروسية. كما لا بد أن ترفض شركات الاتصالات والتكنولوجيا الغربية الأصول الروسية لأنها تشكل تهديدًا لأمنها القومي.