تقَّدم المحامي والحقوقي، الاستاذ مبارك المطوَّع، نائب رئيس الاتحاد الدُّولي للحقوقيين، بشكوى إلى المحكمة الجنائيَّة الدُّوليَّة، من مكتب الاتحاد في مدينة جنيف السِّويسريَّة، موجِّهًا إيَّاها إلى المدَّعي العام، السَّيِّدة كارين موسوتي، مطالبًا بفتح تحقيق بشأن الجرائم الَّتي ترتكبها قوَّات الاحتلال في حقِّ الغزِّيين، من قتل وتشريد وتهجير قسري وتدمير للبنية التَّحتيَّة للقطاع.
وجاء في نصِّ الشَّكوى: “في عام 2021، اتَّخذت المحكمة الجنائيَّة الدُّوليَّة قرارًا بمعالجة القضايا المتعلِّقة بالأراضي الفلسطينيَّة المحتلَّة، أي الضَّفَّة الغربيَّة وغزَّة والقُدس الشَّرقيَّة، ومنذ ذلك الحين، تم فتح تحقيق في الجرائم الَّتي تدخل في اختصاص المحكمة.
وقد تلقَّت منظَّمتا، الاتِّحاد الدُّولي للحقوقيين، الَّتي تضم أكثر من 250 عضوًا من 35 دولة، العديد من المطالبات من العائلات الفلسطينيَّة الَّتي غادرت غزَّة للدِّفاع عنهم وحمايتهم من الاعتداءات المستمرَّة، وإنَّنا نعمل بموجب وضع المحكمة الجنائيَّة الدُّوليَّة، ونقدِّم لكم بموجب ذلك شكوى بشأن الجرائم المذكورة، فيما يتعلَّق بالأحداث الجارية في الأراضي الفلسطينيَّة في غزَّة”.
وطالب السِّيِّد مبارك المطوَّع بضرورة فتْح تحقيق عاجل بشأن الانتهاكات الإسرائيلي في حق الغزِّيين، بوصفها “جرائم إبادة جماعية أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب”، في ضوء مواد النِّظام الأساسي للمحكمة الجنائيَّة الدُّوليَّة، على غرار قرار المحكمة المرتبط بالقضيَّة الرُّوسيَّة الأوكرانيَّة. رزحت غزَّة تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ حرب يونيو/حزيران 1967م، وحتَّى تنفيذ خطَّة فكِّ الارتباط الأحاديَّة الإسرائيليَّة عام 2005م، بإخلاء كافَّة مستوطنات غزَّة، ليتحوَّل الاحتلال إلى حصار برِّي وبحري وجوِّي لتقييد وصول اللَّوازم الأساسيَّة لأهل القطاع، إلى أن صار الحصار كاملًا بدءً من 9 أكتوبر الجاري، كما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، قائلا: “لا كهرباء، لا طعام، لا غاز… نحارب حيوانات ونتصرَّف على هذا الأساس”. على ذلك؛ فالتَّحرُّك الدُّولي واجب لإغاثة أهل القطاع، الَّذين تزداد معاناتهم يوميًّا، ومن المتوقَّع أن تزداد مع استمرار التَّصعيد الإسرائيلي، كما يهدِّد رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو.
وتطرق السِّيِّد مبارك المطوَّع في شكواه إلى تبعات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزَّة، الَّذي أسفر عن مقتل الآلاف، ونزوح 70 بالمائة من سكَّان القطاع، علاوة سقوط عشرات الآلاف من الجرحى الَّذي يتعذَّر إسعافهم، في ظلِّ ضآلة الإمدادات الطِّبيَّة اللَّازمة. ومع تأكيد بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة الاحتلال، على أنَّ “صورة الدَّمار في غزَّة ليست سوى البداية”، وإعلان المكتب الرَّئيسي للأونروا، وكالة الأمم المتَّحدة لإغاثة وتشغيل اللَّاجئين الفلسطينيين، في القدس الشَّرقيَّة أنَّ “غزَّة مخنوقة، ويبدو أن العالم قد فقد إنسانيته”، فمن الواجب أن يتحرَّك الضَّمير الإنساني لإغاثة القطاع المنكوب، بعد وقْف العدوان الآخذ في التَّصعيد. مع تكثيف الهجوم الجوِّي والاستعداد لاجتياح برِّي موسَّع، تزداد معاناة سكَّان القطاع، البالغ عددهم 2,3 مليون شخص، من نقْص الإمدادات، وفي ذلك ما يتعارض مع قانون المفوضيَّة السَّامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتَّحدة، الَّذي ينصُّ على أنَّ “فرْض الحصار الَّذي يعرِّض حياة المدنيين للخطر من خلال حرمانهم من السِّلع الأساسيَّة لبقائهم، محظور بموجب القانون الإنساني الدُّولي”.
واختتم السِّيِّد مبارك المطوَّع شكواه بإعادة التَّأكيد على ضرورة فتْح تحقيق دولي من قِبل مكتب المدَّعي العام للمحكمة الجنائيَّة الدُّوليَّة، في إطار القانون الدُّولي، في ضوء الوقائع الَّتي تؤكِّد فداحة الانتهاكات الإسرائيليَّة في حقِّ المدنيين العُزَّل، الَّتي ترقى إلى أن توصف بأنَّها حرب إبادة جماعيَّة لتفريغ القطاع من سكَّانه.