رافقت أغنية ”Leve Palestina” أو “تعيش فلسطين” عدد كبير من المظاهرات والمسيرات وجميع النشاطات المؤيدة للفلسطينيين منذ سبعينيات القرن الماضي، الآن وبعد مرور حوالي 50 عاما على ترديد كلمات وألحان هذه الأغنية التي أصبحت لازمة لنشيد يطلقه الشبان تعبيرا عن تأييدهم للقضية الفلسطينية، أصبحت الأغنية تواجه تهمة معاداة السامية.
كاتب الأغنية جورج توتاري، وهو فلسطيني من مواليد الناصرة، هاجر إلى السويد بعد حرب الأيام الستة في يونيو العام 1967، نفى أن يكون هو أو هذه الأغنية معادية لليهود، بل هي تعبير عن رفض الاحتلال، كما قال لصحيفة GP في مقابلة نشرتها الصحيفة أمس الأحد. ” أنا لم ولن أكن في يوم من الأيام ضد اليهود، أنا أريد أن أبين فقط للعالم كيف تعامل إسرائيل الفلسطينيين”
الصحيفة ذكرت أن أغنية ”Leve Palestina” أصبحت موضوع نقاش سياسي في السويد، واتهمت بمعادة السامية، خاصة لكونها تتضمن عبارة ”krossa sionismen” التي تعني سحق الصهيونية أو تسقط الصهيونية، لكن الكاتب جورج توتاري لا يوافق على هذا الوصف قائلا وموجها كلامه للصحفية التي تدير الحوار: ” ماذا لو احتلت دولة ما السويد، أليس من حق السويديين عندها وصف الاحتلال بأسوأ العبارات، والنضال من أجل الحرية؟”
الظروف التي كتبت بها هذه الأغنية قبل حوالي 50 عاما كانت تلبي الحاجة للتعريف بالفلسطينيين وبقضيتهم، كما يوضح جورج للصحيفة، كانت السويد مثلها مثل بقية العالم لا تعرف إلا القليل جدا عن وجود شعب اسمه الشعب الفلسطيني، لذلك تقول كلمات الأغنية إننا شعب زرعنا وعمرنا أرضنا منذ آلاف السنين.
النقاشات حول الأغنية وصلت للبرلمان السويدي
انتشرت ألحان وكلمات هذه الأغنية التي ترددت في عدد لا يحصى من الفعاليات، وتُرجمت إلى لغات أخرى، كما تمت إعادة توزيعها من قبل ثنائي الهيب هوب Medina لكن في السنوات الأخيرة، أخذت الكلمات تثير الجدل. على وجه الخصوص، عبارة “سحق الصهيونية”. في عام 2019، وجهت انتقادات لشبيبة الحزب الاشتراكي SSU بسبب ترديد الكلمات في مسيرة الأول من مايو في مالمو. رئيس اللجنة السويدية لمناهضة معاداة السامية، سفانتي ويلر قالت إن المصطلح معادة للسامية.
“من الصعب التفكير في أنها تعني أي شيء آخر غير الرغبة في محو دولة إسرائيل. وفكرة محو اسرائيل هي فكرة معادية للسامية. هناك تقليد طويل لإخفاء معاداة السامية وراء مفهوم معاداة الصهيونية”.
نوقش الأمر برمته حتى في البرلمان السويدي وتلقى ستيفان لوفين (S) هجوما من قبل جيمي أكيسون (SD) وأولف كريسترسون (M) لأن لوفين لم “يسيطر على التطرف في حزبه”. حسب أوكيسون وكريسترسون.
رئيسة الشبيبة الاشتراكية في سكونا، إلكترا فيرفيريديس، دافعت عن الأغنية بقولها: هذه لازمة غنائية رُددت لفترة طويلة في الحركة العمالية.
“هي تعبر عن موقف سياسي ضد احتلال فلسطين وليس ضد إسرائيل أو الشعب اليهودي. معاداة السامية ومعاداة الصهيونية ليسا الشيء نفسه”. رغم هذا التوضيح نشرت الشبيبة الاشتراكية ما يشبه الاعتذار، وأعلنت بيانا جاء فيه أنهم لن يكرروا ترديد اللازمة.
لو كان بالمه موجودا لما تصرف كما يتصرف لوفين الآن
ستيفان لوفين انتقد أيضاً استخدام اللازمة الغنائية في مؤتمر SSU في أغسطس 2019. حول موقف لوفين وتراجع الشبيبة الاشتراكية عن موقفها يقول جورج توتاري
“لو كان أولوف بالمه موجودا لما تصرف بهذه الطريقة” مضيفاُ.
“بالنسبة لي “سحق الصهيونية” يعني أنه إذا قتلوا وشردوا شعبك، فأنت على الأقل تريد أن تلعن أولئك الذين قتلوا عائلتك. بغض النظر إذا كانت الصهيونية، حركة فاشية، أو شيوعية، هذا غير مثير للاهتمام. عدوك هو من يقتلك. الحركة الصهيونية لا تتكون فقط من اليهود، بل فيها أيضا عرب وسويديين، وإنجليز، ومسيحيين، ومسلمين.
لقد مضى الآن ما يقرب من 50 عاماً منذ أن كتب جورج توتاري وفرقة كوفيا الأغنية المثيرة للجدل. لا تزال الأغنية تُعزف من حين لآخر، ولا يزال جورج توتاري يكتب عن كل شيء من الحب إلى السياسة، كما يقول ضاحكاً.
“أكتب القصائد كل يوم وأرسلها حتى بدأت الناس تتعب مني” وحول رأيه في حل النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين قال جورج:
” أعتقد أن العالم كله يجب أن يتخلص من نظام فرض السيطرة على الآخرين بقوة السلاح. ويجب أن يتعلم العالم كله أن للفلسطيني الحق في وطنه. إذا كان اليهود يعيشون هناك أيضاً، فيمكننا العيش معاً، بمساوة. ما نقوله هو أننا نريد أن نعيش معًا، ولكن في ظل نفس الحقوق والواجبات. ليس كما هو الحال الآن.
الكاتب المقيم في مدنية يوتيبوري منذ أكثر من 50 عاما، أكد في اتصال مع الكومبس أنه كتب هذه الأغنية وأطلقها مع فرقة “الكوفية” التي أسسها مع مجموعة من أصدقائه السويديين، وأوضح أنه يعمل دائما على توضح الفرق بين اليهود كديانة وشعب وبين الصهيونية كفكر وايديولوجيا أسست إلى قيام دولة إسرائيل والتي أصبحت كقوة احتلال. وأضاف أننا نعيش في السويد وهي دولة مساواة وديمقراطية ونحن لا نعمل على معاداة اليهود لأننا نحن وهم مواطنون في السويد وفي عدة دول أوروبية وعالمية، ونحن وهم يمكن أن نتعرض للعنصرية والتمييز لذلك يجب أن يكون تعاملنا معهم كتعامل أبناء البلد الواحد.
يذكر أن جورج درس في الجامعات السويدية عدة اختصاصات في مجال الاقتصاد والرياضيات، ومارس التدريس الجامعي، لكن توجه إلى الأعمال الحرة، وافتتح مطعما شرقيا أصبح من المطاعم الشهيرة في يوتيبوري، والآن هو متقاعد بعد أن أوكل إدارة المطعم إلى أحد أبنائه