خاص – المحامي عبد الناصر حوشان
أعلنت قيادة جيش نظام أسد أظهر اليوم الخامس من تشرين اول عن تعرّض الكليّة الحربيّة في حمص لهجوم عبر مسيّرات تحمل ذخائر متفجرة وذلك بعد انتهاء الحفل مباشرة، مما أسفر عن سقوط عدد من القتلى من عسكريين ومن ذويهم الذين كانوا في حفل التخرّج وحمّلت فصائل الثورة وأطراف دولية لم تسمّيها وادّعت بأنّها معروفة من قِبلها ، وأنّها ستقوم بالرد بكل قوة وحزم.
وقد ترجمت هذا التهديد بقصف المناطق المحررة بمئات الصواريخ مما أدّى الى ارتقاء عدد من الشهداء وإصابة العشرات من المدنيين.
وقد جاء هذا التفجير في ظروف تثير الشبهة وتدل دلالة واضحة على ضلوع مخابرات نظام أسد وأذرعه من المرتزقة الروس والميليشيات الإيرانيّة ومن هذه الشبهات:
التوقيت المُريب: حيث تزامن مع قرب انعقاد جلسة محكمة العدل الدوليّة التي اقامتها كلٌّ من حكومتي كندا وهولندا ضد نظام أسد لعدم التزامه بالاتفاقيّات الدوليّة وتنفيذ الالتزامات التي تفرضها اتفاقيّات حظر التعذيب و حماية الأشخاص من الاختفاء القسري و الاتفاقيّة الدوليّة لحظر الأسلحة الكيميائيّة ، و سيتركّز موضوع الجلسة حول طلب الادعاء بفرض تدابير تنفيذيّة مستعجلة لحماية المعتقلين من التعذيب و كشف مصير المفقودين و ربّما اصدار قرار بوجوب اطلاق سرح المعتقلين وكشف مصير المفقودين ، مما سيضع النظام في مأزق حقيقي لا يستطيع الخروج منه.
كما تزامن مع ارتفاع وتيرة الثورة في السويداء ورفع شعارات الثورة السوريّة وتحطيم تماثيل حافظ اسد ووريثه المجرم واغلاق مقرّات حزب البعث وتلاحم مشايخ العقل وكافة فئات المجتمع في المحافظة مع الثواروالاتصالات الدوليّة من مسؤولين دوليين رفيعي المستوى مع الشيخ الهجري لدعمه ودعم الثورة في المحافظة الامر الذي يُنذر بسقوط النظام في السويداء وخروجها عن سيطرته نهائياً.
كما تزامن أيضاً مع التهديدات التركيّة بشنّ عملية عسكريّة بريّة ضد التنظيمات الكرديّة الانفصالية شرق الفرات ردّاً على العمليّة الارهابيّة التي قامت بها أنقرة منذ أيام الامر الذي سيؤدّي إلى نزع ورقة هذه التنظيمات من يد النظام باعتبارها راس حربته في موجهة تركيا.
ويؤكِّد هذه الشبهات و احتماليّة افتعال هذا التفجير من قبله وعبره أذرعه المتعدّدة أنّه ومن خلال مشاهدة مقاطع الفيديو المتداولة من شبيحة النظام عن تفجير الكليّة الحربيّة وتحليله بشكل أولّي يتبيّن أن أغلب القتلى و المصابين كانوا من المتواجدين إمّا على منصّة الاحتفال أو أمامها مباشرة ، و هذا يعني احتماليّة أن يكون الانفجار ناتج عن عبوة أو أكثر متوسطة الحجم كانت مزروعة في المنصّة انفجرت اثناء نزول هؤلاء عن المنصّة أو اثناء محاولتهم الصعود عليها ، باعتبار أن التواجد أمامها مباشرة أثناء الاستعراض و الاحتفال عن هذا القرب في هكذا مناسبات من المحظورات حتى على الضبّاط العاملين أو المتخرّجين وهذه المسافة محدّدة بواسطة خط عريض يمتد على طول الساحة وعلى مسافة لا تقلّ عن خمسة عشر متراً.
ومما يجعل احتمال كون الانفجار ناجم هجوم طائرة مسيّرة ضعيفاً لاسيما و ان المنصّة مسقوفة بالإسمنت المسلّح، و لأن سقوط الصواريخ منها سيؤدي إلى الارتطام بالسقف من جهة السماء ثم اختراقه حتى يصل الى المتواجدين و يقتلهم ، مما يؤكِّد بأنّ الترويج لهجوم بالطيران المسيّر هو للتضليل و طمس الحقيقة.
وكذلك فإنّ فصائل الثورة لا تملك هذه النوعيّات من الطائرات المسيّرة التي تستطيع قطع المسافة بين المناطق المحررة وبين الكلية الحربية التي تصِل لحوالي 120 كم على الأقل.
كما ينتشر في المنطقة الممتدّة من مناطق التماس وما حولها حتى مدينة حمص عدّة مطارات ومنهم مطار حميميم ومطار النيرب ومطار أبو ظهور و مطار حماه و مطار الشعيرات و مطار التي فور ومطار الضمير و مطار المزة التي تستطيع راداراتها رصد حتى الطيور الطائرة ، كما تنتشر عشرات القواعد العسكريّة مثل قاعدة جورين ودير شميل عداك عن أفواج الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى المنتشرة على امتداد الشريط الجبلي من جسر الشغور حتى القلمون و للعلم أن كل من هذه المطارات تحيط به على الأقل لواء دفاع جوي و لواء صواريخ و لواء إشارة و فوج مشاة ، بالإضافة لمعسكرات ووحدات الغزاة الروس والايرانيين ومعسكراتهم المنتشرة ما بين الساحل و البادية . أضف إلى ذلك بأنّ الكلية الحربية لا تبعد عن الفرقة الجوية ٢٢ وقيادة قوات حرس الحدود وعدد من المعسكرات الحربية أكثر من كيلو متر واحد.
الأمر الذي يجعل من المستحيل أن تكون هذه المسيّرات على فرض صحّة ادعاء النظام أن تجتاز كل هذه المطارات وقوات الدفاع الجوي وتصل إلى هذا العمق في مناطق سيطرته.
كل يوم يُثبت هذا النظام لحاضنته ومواليه قبل معارضيه و المجتمع الدوليّ بأنّه نظام متوحش يأكل أبناء مواليه و مؤيّديه كلّما خطر على باله ولا يبالي ، ويؤكِّد استهتاره بدمائهم و مشاعر اهاليهم وذويهم و استعداده لقتل الالاف منهم لتسعير حقدهم على باقي أطياف الشعب السوري ليستمر على كرسيّ السلطة ، وتتجلّى هذه الوحشيّة فيما فعله بهم اليوم لا لشيء سوى لخلط الأوراق و التهرّب من تبعات المحاكمة أمام محكمة العدل الدوليّة ، والتحريض على ثوار السويداء و دفعهم للتخلّي عن ثورتهم وعودتهم إلى حظيرته عبر اقناعهم بأنهم مستهدفون مثل بقيّة الأقليّات من الجماعات الارهابيّة و من قبل الأطراف الاجنبيّة التي ادّعى معرفتها إلّا أنّه لم يجرؤ على ذكرها بالاسم ، كما يهدف الى خلط الاورق في شمال وشرق سوريّة عبر الانتقام من المهجّرين في الشمال ، والحيلولة دون قيام تركيا بعمليّتها العسكريّة ضد التنظيمات الكرديّة الانفصاليّة المتحالفة معه.
متى سيفهم موالو النظام ومؤيدوه بأنّهم وأبنائهم ونسائهم وأطفالهم وقود لحربه ضد الشعب السوريّ ولبقائه في السلطة رغم يقينه بأنّه زائلٌ عمّا قريب وسيكون مصيره كمصير الطغاة والمستبدين من قبله ، وأن عليهم التوقّف عن تأييده ومساندته في حربه الخاسرة التي دمّرت البلاد والعباد؟!