د. باسل معراوي
بعد أن صدّع رؤوسنا حسن نصر الله خلال الثلاثون عاماً الماضية بصراخه من جحره ، ولوّح كثيراً بسبابته وأرغد وأزبد وهدّد إسرائيل ، ولم نرَ بطولاته إلا على الشعب اللبناني وإستلابه لدولتهم وقرارهم ، وتجرأ على ثورة السوريين وحاربهم بكل وحشية ، مرة لحماية الأضرحة الدينية من تخريبهم ، ثم في المرات اللاحقة كانت حربه على المدن والبلدات السورية على طريق القدس وتدمير الكيان الصهيوني ، وقد لقّنه الثوار السوريون درساً في فنون الحرب والشجاعة وهزموه مع معلمه قاسم سليماني قبل أن يدخل الدب الروسي المعركة وينقذه من هزيمة محققة على أيدي ثوار سوريا الأبطال…
وبعد أن هُزِم الحزب في حرب 2006 هزيمة نكراء مع إسرائيل وقال نصر الله لو كنت أعلم عواقب الحرب ما بدأتها ، وأصبحت جبهة جنوب لبنان كجبهة الجولان هادئة بل صامتة صمت القبور بإستثناء الشعارات الرنانة لتحرير فلسطين وذلك لخداع القطيع وتحشيدهم لتنفيذ المشروع الفارسي في المنطقة ،تحت زيف تلك الشعارات المرفوعة.
وبعد إطلاق مشروع وحدة الساحات بدأت الحرب في غزة حيث حاول التبرؤ منها ( وقد يكون جَبُنَ عن تنفيذ الجزء المناط به تنفيذه ) وبعد إستيعاب إسرائيل للصدمة وإستعادة توازنها وبدء هجومها على القطاع ، أطلق مناوشات حرب الإشغال لمساندة غزة ، وكانت أقرب للأفلام الهليودية بمعارك العمود وإستهداف الأراضي الفارغة من سكانها .
ومع إستمرار الجيش الإسرائيلي بحرب مدمرة على البشر والحجر في القطاع، وتجاوز ذلك الجيش للخطوط الحمر التي كان يضعها له ( سماحة السيد ) وتهديده بدخول الحرب مباشرة إن تمّ تجاوزها ، وتجاوز الاسرائيليون كل الخطوط ومن مختلف الألوان ولم يفعل سماحته شيئاً. ، حتى إنّ قرار الحرب لم يكن في يده منذ 8 أوكتوبر ولا بيد معلمه في قم. ، بل ذهب إلى الجهة الأخرى والتي أمعنت فيه قتلاً ، فتمّ اغتيال معظم قادته الميدانيين وتدمير جنوب الليطاني كاملاً وتهجير أهله..
وفي الوقت الذي لم يبقَ من رفح إلا بضع حارات وبضع أتفاق، وبدل أن يفعل شيئاً يُجبر إسرائيل على وقف القتال ، كإطلاق صاروخ واحد من ال150 ألف صاروخ التي يدعي إمتلاكها.، بدل ان يفعل ذلك يُرسل طائرة مسيرة تتجاوز الدفاعات الإسرائيلية وتُصوّر مناطق في حيفا ، ثم يعتبر ذلك إنتصاراً عظيماً يدل على تفوقه ، ويطلق على المسيرة بالهدهد في إسقاط ديني غير موفق منه ، لإستغلال آيتي الهدهد التي وردت في سورة النمل من القرآن الكريم حول قصة النبي سليمان والهدد…
إنتقل (سماحة السيد) خلال الأشهر التسعة من حرب غزة من إطلاق التهديدات إلى معركة العمود وصولاً لإنجاز الهدهد، في الوقت الذي تمّ فيه إبادة القطاع وإزالته من خارطة الحياة..