غلوبال جستس سيريا نيوز – تحقيق – محمد رحال – واشنطن:
تحاصر الأسئلة ما يسمى بتحالف المنظمات الأميركية من أجل سورية ACS، الذي تفاءل السوريون بما يعلنه من أنشطة وفعاليات توحي بأنه يعمل حثيثاً من أجل إيصال القضية السورية إلى كبرى المحافل الأميركية.
غير أن هذا التحالف بدأ يعاني من اعتراض أعضاء بارزين فيه على ما اعتبروه خللاً يعتري بنيته، حسب تعبيرهم، بالإضافة إلى وجود وجهات نظر لدى منظمات سورية أميركية وازنة رأت إنه لا وجود لتحالف بالمعنى الحرفي للكلمة، وإنما هو عبارة عن عدة أشخاص بمرتّبات عالية، مصدرها تبرّعات الجالية السورية في الولايات المتحدة، يسيطرون على كافة المنظمات المنضوية تحت الاسم ذاته، ويقومون بنقل أخبار الكونغرس ونسبتها إلى التحالف على أنها من إنجازاتهم.
انسحاب المنظمة أم غياب اللوغو؟
وفيما يحاول تحالف المنظمات الأميركية من أجل سورية ACS الظهور أمام السوريين على أنه يحقق إنجازات كبيرة، بعقد ندوات أو بتوقيع مذكرات تفاهم، بدأت تجاوزات مجموعة الموظفين المهيمنين على قراره، تصل إلى حدود غير متوقعة، كالطعن والتشكيك بعملية “الواحة السورية” التي خطّطت لها ونفذتها بنجاح إحدى المنظمات التي وافقت على الانضمام إلى التحالف نفسه!، في الوقت الذي يستعمل التحالف في بياناته اسمها وشعارها وينسب لنفسه ما سبق وأنجزته. والحديث هنا عن منظمة SETF التي كان لها الدور الأكبر والأساسي في جلب الشاهد الملك “قيصر” الذي شوهد مديرها معاذ مصطفى إلى جانب “قيصر” في عدة جلسات للكونغرس سبقت استصدار قانون شهير حمل اسمه “قانون قيصر”. وهي ذاتها التي أتت بحفاري القبور ليدلوا بشهاداتهم أمام المسؤولين الأميركيين لمحاصرة نظام الأسد والإطباق عليه وإثبات جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها نظامه.
وفي رسالة وجهها جيري آدامز رئيس مجلس أمناء SETF، و مؤسسها وعضو مجلس الأمناء فيها د. محمد خوام، وأعضاء مجلس الأمناء السفير ستيفن راب وإيفان م. نيلسن المبعوث الدنماركي السابق للملف السوري، إلى الدكتور محمود البرازي رئيس تحالف المنظمات الأميركية من أجل سورية ACS، اطلع عليها موقع “غلوبال جستس سيريا نيوز” من مصادر خاصة، أكّدت SETF أن تركيزها كان منذ اليوم الأول لتأسيسها بعد الثورة السورية على تقديم المساعدة الإنسانية للسوريين وكذلك متابعة المساءلة.
وبيّنت الرسالة أنه وفي يوم الثلاثاء 20 يونيو 2023 ، أطلقت فرقة الطوارئ السورية SETF عملية “الواحة السورية”، والتي نجحت في كسر حصار دام ثماني سنوات على مخيم النازحين في الركبان. كان هذا الإنجاز مهمًا حيث عملت SETF بشكل وثيق مع الجيش الأمريكي المتمركز على بعد أميال قليلة من المعسكر في حامية التنف لتسهيل نقل المساعدات إلى مخيم الركبان. وهذا كان أول تعاون بين برنامج دينتون للجيش الأمريكي ومنظمة غير حكومية في تقديم المساعدة المنقذة للحياة إلى 8000 شخص حاصرهم نظام الأسد وإيران وروسيا.
وتشير الرسالة إلى أنه وبعد الإعلان عن تسليم المساعدات إلى الركبان، رد عضو بارز في التحالف الأمريكي من أجل سوريا ACS على هذا الإعلان من خلال الاعتراض علنًا على محتوى البيان الصحفي الخاص بـ SETF ، بما في ذلك على حساباته على Twitter و Facebook و Instagram بالإضافة إلى العديد من حساباته. مجموعات WhatsApp التي تضم عدة مئات من الأعضاء بما في ذلك شخصيات في التحالف السوري المعارض ونشطاء صحفيون وإعلاميون وقادة المنظمات غير الحكومية السورية الأمريكية في كل من سوريا والشتات بما في ذلك الولايات المتحدة. وقد تواصل العديد من الأشخاص مع SETF من مخيم الركبان، بما في ذلك المجالس المدنية المحلية، والمؤثرين والقادة الرئيسيين، والنشطاء الإعلاميين، بالإضافة إلى أعضاء القوة الشريكة للولايات المتحدة، واشتكوا من إساءة استخدام هذا العضو البارز لـ ACS لبيانات Voice of Rukban، وهو مكتب إعلامي مقره في مخيم الركبان ، وكان هدف هذا العضو تقويض عملية تهدف إلى إنقاذ حياة هؤلاء وأهاليهم.
ويرى فريق SETF أن هذه التصريحات تسببت بالفعل بإلحاق الضرر بعملية “الواحة السورية” وهددت استمرارها، كما أضرت التصريحات العامة والخاصة بسمعة مؤسسة SETF بين الصحافة والوكالات الحكومية والقادة المدنيين الرئيسيين والمانحين.
واستناداً إلى كل ما سلف، وحسب نص الرسالة، فإن فرقة الطوارئ السورية SETF قررت أن تبتعد على الفور عن عضويتها في تحالف المنظمات الأمريكية من أجل سورية.
سبق ذلك لغط إعلامي كان المبادر إليه مستشار للشؤون السياسية لتحالف المنظمات الأمريكية من أجل سورية قتيبة إدلبي، الذي تشير إليه رسالة SETF، والذي هاجم وبشكل غير مبرّر عملية “الواحة السورية” وشكّك في مصداقيتها رغم أن المنظمة التي نجحت بإنجازها منظمة “زميلة” في التحالف الذي يجمعه معها!. هجوم رد عليه معاذ مصطفى بمحاولة الاستفسار عن الغرض من مثل هذا التشكيك، والسؤال عن جدواه وكيف يمكن أن يخدم المدنيين المحاصرين في مخيم الركبان؟ دون أن يتلقى أي ردّ رسمي من هذا التحالف، مع استمرار الأخير باستعمال شعار منظمة SETF على أنها جزء منه. ويتساءل البعض هل سيغيب هذا اللوغو عن بيانات التحالف أم سيبقى بعيد انسحاب أصحابه؟
السعي لاحتكار تمثيل الجالية
جهود مصطفى و SETF لكسر الحصار عن مخيم الركبان أشادت بها العديد من الجهات الأميركية والدولية، ونقلت صحيفة نيويورك تايمز كبرى الصحف الأميركية، عن مصطفى قوله “لا يوجد باب لم نحاول طرقه في محاولة إيصال المساعدات إلى المخيم”، لكن نشاط تحالف المنظمات الأميركية من أجل سورية ACS يبدو وكأنه يسير في الاتجاه المعاكس تماماً. ولذلك أسباب مردّها إلى عوامل بنيوية على ما يبدو.
وعن ذلك يقول السياسي السوري المهندس أيمن عبدالنور مؤسس منصة “كلنا شركاء” وعضو اللقاء التشاوري، في تصريحات خاصة أدلى بها لموقع “غلوبال جستس سيريا نيوز” إن “ما يسمى بتحالف المنظمات الأميركية من أجل سورية ACS لم يكن موجودا كجسم سياسي في السابق، وهو من وجهة نظره مكوّن بنسبة70%من المجلس السوري الاميركي، أما ما تبقى من أعضاء التحالف من المنظمات فهي ملحقات به، ولا يوجد أي تنسيق او استراتيجية أو حتى برامج مشتركة بينها” .
وبناء على ذلك يرى عبدالنور أن تحالف ACS ليس حزباً أو تجمّعاً ذا طبيعة وبنية سياسية، وبالتالي لا أرشيف له ولا منهجية، ويضيف “فهو عملياً مختزل بالمجلس السوري الأمريكي SAC. ومشكلة بقية مكوّنات هذا التحالف أنها عبارة عن منظمات لا يتجاوز عدد أعضاء كل منظمة منها شخصاً واحداً”.
وعن انسحاب منظمة SETF من تحالف المنظمات الأمريكية من أجل سورية، يقول عبدالنور إن “ما حصل مع SETF والأخ معاذ مصطفى كان متوقعاً، لأن التبرّع الذي قام به بتفويض هؤلاء بالتصرّف باسم منظمته وشعارها، دون أن يتم أخذ رأيه، ودون حتى التشاور معه، أو إعلامه بخطواتهم، كان يجب أن يُقابل باحترام وتفدير للأعمال الإيجابية التي أنجزتها منظمته للشعب السوري، إلا أن العكس هو ما حصل، ليتضح أن الهدف المرحلي من هذا التحالف هو احتكار تمثيل الجالية السورية في الولايات المتحدة، والسيطره على المنح والداعمين” وختم عبد النور بالقول “بالنسبة لي كنت أتوقع ذلك، فالهدف الاستراتيجي لما يسمى تحالف المنظمات الأميركية، هو من أجل دعم المجلس السوري الأمريكي، وليس كما يوحي اسمه أنه تحالف من أجل سورية”.
وربما يعكس خلل العمل داخل تحالف المنظمات الأميركية عدم اطلاع معاذ مصطفى وغيره من المشاركين في التحالف على أية خطوات ينوي التحالف القيام بها، حتى أنه لم يكن يعرف من هو رئيس التحالف ليوجه له الرسالة، حسب مصادر “غلوبال جستس سيريا نيوز”، لأن منظمته ليس لديها ممثل في “البورد” حالياً، ولا تتم دعوتها الى اجتماعات التحالف، ولا إحاطتها بخططه وبرامجه، رغم أن منظمته جزءٌ من هذا التحالف، وتكاد تكون أهم منظمة فيه!.
صورة لن تكتمل إذا لم يتم النظر في مسارات أخرى يختطها موظفو تحالف المنظمات الأميركية ACS لا شك بأنها تحمل دلالات عديدة، وقد نربط خيوط هذا الهجوم غير المبرر الذي تعرّض له مصطفى ومنظمته من البعض في متابعات قادمة.