د. عبدالحكيم بشار
في الوقت الذي تتسع فيه المظاهرات في عموم محافظة السويداء من مركز المدينة وانتشارها انتشار النار في الهشيم إلى ضواحيها و قراها وتطور شعاراتها للمطالبة برحيل رأس النظام إضافة إلى طرد العاملين من المباني الحزبية البعثية وفي عموم مقراتهم، ومع اتساع رقعة المظاهرات لتشمل بلدات في درعا وضواحيها و قراها، ومع تسريب العديد من المقاطع المصورة للمظاهرات للمواطنين في الساحل السوري تندد بممارسات النظام وتعلن العصيان و تحديه له، وفي الوقت الذي كان معظم الشعب السوري وقواه الوطنية تتابع هذه المظاهرات وتعتبرها انطلاقة جديدة للثورة وتعلن عن تضامنها معها، كما وباتت الدول العظمى تتابع منحى المظاهرات عن كثب فأمريكا حيث علق رئيس اللجنة المختصّة بشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا الوسطى في الكونغرس الأميركي “جو ويلسون”، على هذه المظاهرات التي وصفها بأنها أثبتت للعالم أجمع أن مستقبل سوريا مرتبط بالتخلص من حكم الأسد “الوحشي” حسب تعبيره. وبريطانيا والتي أشادت من خلال مبعوثة المملكة المتحدة إلى سوريا بشجاعة السوريين وعدم استسلامهم أبداً .وفرنسا التي أشادت من خلال المبعوثة الفرنسية الخاصة إلى سوريا “بريجيت كرمي” التي أكدت على وقوف بلادها إلى جانب الشعب السوري ومطالبه. وألمانيا التي أشاد المبعوث الألماني إلى سوريا “ستيفان شنيك” بشجاعة أبناء محافظتي السويداء ودرعا وخروجهم بالمظاهرات المطالبة بالحرية والعدالة.
وعلاوة إلى الاهتمام الكبير للإعلام العالمي الذي نقل الصوت والصورة من المقاطع المصورة للمدن والبلدات من محافظتي السويداء ودرعا و مظاهراتهما الحاشدة التي تدعو لإسقاط بشار الأسد ونظامه، مرددة هتافات تطالب بالحرية وإطلاق سراح المعتقلين ووحدة الشعب السوري، وتطبيق القرار الأممي 2254، وامتداد المظاهرات إلى مناطق حلب والرقة ودير الزور دعماً للمظاهرات في الجنوب السوري…
ومن خلال كل هذه الأحداث و ردات الفعل الدولية التي أحييت الأمل باستعادة الثورة السورية لرونقها وقربها من تحقيق أهدافها، دوّت فجأة أصوات انفجار الخلافات تلاها نشوب واحتدام مسلح على المصالح (الصراع على السلطة والثروة ) ضمن صفوف “قسد” – والتي ليست لها علاقة بالقضية الوطنية السورية ولا بثورتها ولا بالكورد ولا العرب على حد سواء – . وتطور هذا الخلاف الى استعمال السلاح الثقيل وبشكل مفرط..
وفي الوقت الذي يعتبر استهداف المدنيين العزل أو إلحاق الأذى أو أي ضرر بهم يعتبر عملاً مداناً دولياً و تستوجب العقوبة (من أية جهة كانت).. فإن البعض من أزلام النظام وإيران حاول جاهداً بالدفع بالأمور باتجاه آخر و إدارة دفة الأحداث واخراجها من سياقها الطبيعي وتحويلها الى فتنة صراع (عربي – كوردي).
ومن خلال كل هذه الأحداث المتتالية والمتعاقبة والمتسارعة وفي هذا الوقت ومع انطلاقة المظاهرات السلمية وتجددها في الجنوب السوري والدعوات الدولية للنظام السوري إلى الامتناع عن ممارسة العنف ضد الاحتجاجات السلمية هل قد يكون توقيت هذا الانفجار له علاقة بالانطلاقة الجديدة للمظاهرات السلمية في الجنوب السوري؟!
هل إن هذا الدفع بالأحداث في هذه المنطقة الحيوية هو للتشويش على المظاهرات في الجنوب السوري ؟! واي كان الدافع فان النتيجة هو تشويش على الحراك السلمي المتجدد في سوريا
لذلك وجب التنبيه إلى أن كل كوردي يقف الى جانب “قسد” في هذه الحملة العسكرية لا يخدم القضية الكوردية ولا الوطنية السورية..و إن كل عربي يقف الى جانب “أحمد الخبيل ” لايخدم المكون العربي ولا الوطنية السورية..
وهذا يحتم على مختلف النخب السياسية والثقافية والاجتماعية التنبه لمخاطر مثل هذا التوجه والعمل على وأد الفتنة في مهدها ، و مناصرة كافة الجهود في دعم الحراك الشعبي في الجنوب.
وبقي السؤال الأهم ، هل الصراع المسلح داخل قسد صدفة ؟!