حوار أسامة آغي
الحديث مع المهندس أحمد العسراوي الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي يتسم بصورة عامة بشفافية يمكن قراءة الوضع العام للبلاد من خلالها. موقعا “نينار برس” و”غلوبال جستس سيريا نيوز” أرادا أن يعرف جمهورهما وجهة نظر قوى المعارضة السورية في الداخل. ولذا تمّ طرح الأسئلة التالية على السيد العسراوي فكان هذا الحوار:
في تصريحات له منذ أيام قال المبعوث الخاص جير بيدرسون أن جولة جديدة من مفاوضات جنيف ستنعقد في شهر نيسان القادم. ما الذي استجد لدى النظام ومن يقف خلفه لكي يوافقوا على عقد جولة جديدة؟ وهل الحرب على غزة والوضع الاقتصادي الكارثي الذي تعيشه مناطق النظام هما من يدفعانه إلى طاولة التفاوض من جديد؟ أم أنه قد يناور ليستفيد من الوقت للالتفاف على القرار 2254؟
يجيب المهندس أحمد العسراوي على سؤالنا الأول قائلاً:
نعم قدّم السيد بيدرسون إحاطته إلى مجلس الأمن الدولي، وأشار فيها إلى أهمية متابعة عمل اللجنة الدستورية، وسبق ذلك وتبعه حواراته المتكررة مع كل المهتمين بالملف السوري عربياً وإقليمياً ودولياً، ووجه دعوات رسمية لرئيسي كل من فريقي المعارضة (هيئة التفاوض السورية) والسلطة (حكومة الجمهورية العربية السورية)، وأطلع الفريق الثالث (المجتمع المدني) على ذلك، وتضمنت الدعوة عقد دورة جديدة (الدورة التاسعة) للهيئة المصغرة باللجنة الدستورية ما بين 22 و26 نيسان 2024 في جنيف (المقر الرسمي للأمم المتحدة).
ويضيف العسراوي: لا أعرف حتى اللحظة فيما إذا كان فريق الحكومة السورية قد وافق على تلبية الدعوة أم لا، ولا أستطيع تقدير إمكانية تجاوبه لمتابعة ملف العملية السياسية التفاوضية بكل جوانبها، لكنني أستطيع الإشارة الى أن هيئة التفاوض السورية متفاعلة دوماً مع ملف الحل السياسي في سورية، وجاهزة دوماً للمشاركة بأي شكل من اللقاءات وبتلبية الدعوات الهادفة لإيجاد حل سياسي للمسألة السورية.
لكنه يوضح: نعم كان للحرب الروسية الأوكرانية تأثير سلبي على ملف العملية السياسية في سورية، وبالقطع فإن العدوان الصهيوني على فلسطين والمركز على قطاع غزة ولنتائجه تأثير مباشر على الملف السوري كون سورية جزء أساسي من المنطقة العربية التي تحيط بفلسطين المحتلة، لكنني لا أرى ذلك من اهتمامات السلطات الحاكمة في سورية بالقدر الذي يدفعها لقبول أو رفض دعوة السيد المبعوث الدولي الخاص الى سورية.
الوضع الاقتصادي والاجتماعي الكارثي على الشعب السوري يحيط بكل مناطق تقاسم النفوذ في سورية، صحيح أنه يختلف بحجم قسوته على شعبنا المظلوم بين منطقة وأخرى، وهذا لم ير بأعين كل المناورين على مصير الشعب السوري.
هيئة التنسيق الوطنية المعارضة حاولت من قبل العمل على تغيير مسار حزب PYD وما يسمى ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية لكي يكون مساراً وطنياً سورياً ديمقراطياً. لكن تلك الجهود لم تثمر. ثم فوجئ الجميع بتبني ذلك الحزب وذراعه العسكرية ما يسمى بالعقد الاجتماعي في الإدارة الذاتية في مناطق تحتلها ميليشيا ذلك الحزب. ما موقف هيئة التنسيق الوطنية من العقد الاجتماعي لحزب PYD؟ هل ستتفاوضون معه بعد قفزه من فوق كل التفاهمات؟ ألا يشكّل العقد الاجتماعي المذكور خطوة نحو إقامة دولة كردية على حساب الأرض السورية؟
يقول الأمين لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي في إجابته على سؤالنا الثاني:
نعم حاولت هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي، وستبقى تحاول ثني كل الخارجين عن المسار الوطني السوري الديمقراطي لأن يعودوا إليه ، ومن هذا المنطلق، كانت الحوارات مع ما يسمى “مجلس سورية الديمقراطي” وضمناً ما يسمى “قوات سورية الديمقراطية”، اللتان تحملان من الاسم المختار من قبلهم لها توجهاً واضحاً بأنهم خارج التفكير الوطني لسورية، وفي السياق، أود العودة إلى ما ورد في البيان التأسيسي لهيئة التنسيق الوطنية بالتوافق بين القوى الوطنية، التي لازالت متمسكة به، والقوى الكردية، التي خرجت عليه، حول الملف الكردي الذي أشار إلى أن الكرد جزء أساسي من النسيج الوطني السوري، وعلينا العمل معاً لضمان حقوقهم دستورياً، وهذا لا يتناقض البتة مع كون سورية جزءًا لا يتجزأ من الوطن العربي.
وأوضح العسراوي: وقد وقّعت هيئة التنسيق الوطنية مع مجلس سورية الديمقراطية وثيقة تفاهم كخطوة أولى لعودتهم للموقف الوطني كسوريين، وبما سمّي عقدهم الاجتماعي الصادر عما يسمى “الإدارة الذاتية الديمقراطية ” لم يخرجوا عليها فقط، بل تجاوزوا خيارات الإجماع الوطني السوري، وكان جواب الهيئة التأكيد على تمسكنا بخياراتنا الوطنية في التغيير الوطني الديمقراطي، والتزامنا بوحدة سورية أرضاً وشعباً، وعلى رفضنا الكامل للعقد الاجتماعي وارتداداته السلبية على سورية، وانه يقطع الطريق على متابعة الحوار معهم.
مضيفاً: هذا وقد وصلتنا منذ عدة أيام رسالة منهم يدعوننا من خلالها لمتابعة الحوار، لا أعتقد أنها ستغيّر من موقف هيئة التنسيق الوطنية.
تجري في الجنوب السوري في محافظة السويداء انتفاضة سلمية ضد الاستبداد الأسدي يحاول النظام دفعها نحو العنف كما جرى يوم ٢٨ شباط حيث سقط أول شهيد. ألا تعتقد أن طيفاً سياسياً سورياً واسعاً أحجم عن دعم هذه الانتفاضة نتيجة لحسابات طائفية؟ لماذا لا يتشكل مجلس دعم وطني سوري لانتفاضة السويداء؟
يجيب السيد العسراوي على سؤالنا فيقول: بدأت انتفاضة جبل العرب كحراك سلمي وأخذ حالته العامة ليضمّ كل شرائح المجتمع وبمشاركة غير مسبوقة للمرأة، والتعاون والمشاركة معاً للمجتمع الأهلي والديني ممثلا بمشايخ العقل مع المجتمع المدني وقطاع النقابات. كل ذلك أكسبه مناعةً ووعياً لما يخطط له النظام لإنهاء هذا الحراك دون أي نجاح، فعاد إلى أسلوب التضييق على المواطن، بمنع الحصول على جواز سفر، أو السفر، وتقييد عمليات البيع للعقارات بالموافقة الأمنية، ثم الإعلان عن إجراء تسويات لابتزاز المواطن، لكن الحراك ردّ عليهم بالتظاهر أمام مركز التسويات، أدّى إلى إطلاق نار من عناصر من خارج المحافظة، وسقط الشهيد جواد الباروكي.
مضيفاً: نعم هناك أمنيات أن يتمّ بشكل مماثل في بقية المحافظات، لكن الظروف الموضوعية لا تساعد على ذلك، ونعم هناك قلق من الوضع الداخلي والعربي والدولي، ومع ذلك فالحراك مستمرٌ بسلميته، وهذا ما يتوافق عليه المنتفضون.
الوضع المعاشي في مناطق النظام كارثي. هل تعتقدون أن هناك أفقاً لخروج النظام من هذا الوضع رغم العقوبات الأمريكية والغربية؟ وهل التطبيع العربي مع النظام الأسدي سينجح في جعله يتجاوز كل أوضاعه السيئة، وينجح في التملص من تنفيذ القرار 2254؟ هل تعتقدون أننا مقبلون على حل وسط يقوم على عدم عزل نظام الأسد مع خطوات باتجاه تشكيل حكومة تشارك فيها المعارضة ببعض الحقائب غير السيادية؟
يجيب الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي على سؤالنا الرابع فيقول:
الفقرة الأخيرة من سؤالكم تعيدني للبدايات، فلم نكن في يومٍ من الأيام باحثين عن موقع وظيفي مهما كان حجمه، نحن نريد تغييراً وطنياً ديمقراطياً، يحقق المطالب المحقة للشعب السوري، باستعادة حريته وكرامته والعدالة الاجتماعية والمساواة بالحقوق والواجبات بين جميع أبناءه، وأكدنا من بدايات تشكيل هيئة التنسيق الوطنية على ثلاثيتنا المعروفة: لا للعنف، لا للطائفية، لا للتدخل الخارجي. والمدعومة بلا للفساد والاستبداد، ونعم لتغيير بنية النظام بكامل رموزه ومرتكزاته. مؤكدين على حماية مؤسسات الدولة من الانهيار وضرورة الفصل بين النظام والدولة، وبالتالي فلن نؤيد تشكيل حكومة تشارك فيها المعارضة ببعض الحقائب غير السيادية كون ذلك مخالف للقواعد التي نؤمن بها.
ويتابع كلامه بالقول: وفق رؤيتنا، النظام لا يريد تنفيذ كل ما ورد بالبيانات والقرارات الدولية الخاصة بالملف السوري، سواءً بيان جنيف 2013 أو القرار 2254 /2015 ولا التوافقات الدولية مثل بياني ما سمي بمجموعة العمل الدولية لدعم سورية في فيينا 2015، ولا بمخرجات ما سمي بمؤتمر الحوار الوطني السوري “مؤتمر سوتشي”، مع أن حلفائه الروس والإيرانيين كانوا مشاركين فيها.
مضيفاً: لذلك لم يتم التفاعل مع المبادرة الرباعية – روسيا، تركيا، إيران وسورية – ولا مع المبادرة العربية والعودة للجامعة العربية. كل هذا لن يثنينا عن متابعة العمل لتحقيق الأهداف المرجوة من الثورة السورية الحديثة، بكل الوسائل السلمية، من خلال العملية السياسية التفاوضية التي تفضي للتغيير الوطني الديمقراطي الجذري والشامل.
أقر الكونغرس الأمريكي بأغلبية 389 صوتاً مشروع قانون مناهضة التطبيع مع نظام أسد. هل سيردع هذا القانون بعد اكتمال إجراءات إقراره الدول من التطبيع مع النظام في دمشق؟ وكيف يمكن للمعارضة السورية تثمير هذا القانون عربياً؟ ألا ترون في إقرار هذا القانون تغييراً في الموقف الأمريكي الذي يقول بتغيير سلوك النظام؟
يجيب السيد العسراوي على سؤالنا الأخير فيقول: حتى أكون صريحاً وصادقاً مع نفسي أولاً، فإنني لا أرى بقانون قيصر ولا بقرارات الكونغرس الأمريكي ولا في لاءات الاتحاد الأوربي الثلاثة طريقاً للحل السياسي في سورية.