اختتمت اليوم الأربعاء أعمال مؤتمر مبادرة مدنية الذي تم عقده في العاصمة الفرنسية باريس على مدى يومين، تحت شعار “الأحقية السياسية للفضاء المدني السوري”.
وعلى مدار يومي الخامس والسادس من حزيران/ يونيو الجاري، اجتمع أكثر من 180 سورياً وسورية يمثلون مؤسسات المجتمع المدني والتنظيمات المجتمعية ونقابات واتحادات ومراكز بحثية ووسائل إعلامية من المناطق السورية المختلفة ودول الجوار والمغترب لإطلاق مبادرة مدنية.
ويعرف القائمون على المؤتمر المبادرة بأنها “مبادرة يقودها ويمولها سوريات وسوريون، مستقلة عن النفوذ الأجنبي والسياسي، مهمتها حماية الفضاء المدني السوري ودعم الدور الرائد للمجتمع المدني في بناء مستقبل سورية”.
وشارك في انطلاق المبادرة مسؤولين ودبلوماسيين من مفوضية الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وهولندا والنمسا وإيطاليا وسويسرا وبريطانيا والولايات المتحدة وكندا وتركيا، بالإضافة إلى مسؤولين من الأمم المتحدة وهيئة التفاوض السورية، وممثلين عن المؤسسات الدولية والشخصيات الفاعلة في الملف السوري.
وجاء في البيان الختامي أن هذا الاجتماع “يأتي في ظل الضغوط التي تمارسها قوى الأمر الواقع السياسية والعسكرية المحلية والدولية منها والتحديات التي يواجهها الفضاء المدني السوري من أجل زجه في مساحات لا تتناسب مع طبيعته ورؤيته ودوره”.
كما اعتبر البيان أن الاجتماع جاء “ليؤكد على أن دور الفضاء المدني السوري لا ينحصر في خانة مزودي الخدمات ومنفذي المشاريع، بل يتجاوز ذلك للتعبير السياسي دون أن يغادر موقعه في العمل المدني، ولتأكيد عزم السوريات والسوريين على المشاركة في تحديد مستقبل بلدهم، والذي يتطلعون أن يكون حراً وديمقراطياً وذي سيادة يحترم حقوق الإنسان”.
وأضاف: “إن مدنية، هي قرار فاعلين مدنيين سوريين، بممارسة أحقيتهم السياسية بأن يكونوا أصحاب إرادة وقرار مستقل فيما يتعلق بمستقبل بلدهم وهي مساحة مفتوحة تسمح لهم بتنظيم صفوفهم وتقديم رؤيتهم للحل في سوريا على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وفي كافة المسارات التنموية والحقوقية والسياسية، بعد عقد من المحاولات التي راكم الفاعلون المدنيون خلالها الكثير من الخبرات والمعرفة والنجاحات، حتى أصبحوا اليوم هذه الكتلة الحرجة التي من شأنها أن تؤثر في المعادلات السياسية الراهنة”.
وأردف: “ومن هذا المنطلق، يؤكد المجتمعون هنا التزامهم بالمبادئ التي تجمع الطيف الأوسع من السوريين متمثلة بوحدة سوريا واستقلالها وسلامتها الإقليمية على أسس المواطنة المتساوية، والوصول إلى حل سياسي يحقق تطلعات الشعب السوري وفق القرارات الدولية وفي مقدمتها قراري مجلس الأمن رقم 2118 و 2254 ، بما يضمن إطلاق سراح المعتقلين والمختفين قسرياً عند النظام السوري وباقي أطراف الصراع، ووصول المساعدات الإنسانية إلى جميع السوريين دونما تمييز أو عوائق أو قيود، ودعم اللاجئين وحمايتهم من التمييز والترحيل القسري حتى تحقيق حل سياسي يوفر الظروف المناسبة للعودة الآمنة والطوعية والكريمة لهم، والاستمرار في العمل على محاسبة نظام الأسد وحلفائه على جرائمهم وكافة مرتكبي الانتهاكات من كافة الأطراف، والوقوف بقوة ضد أي جهود إقليمية أو دولية للتطبيع مع هذا النظام أو إعادة تأهيله”.
كما أشار البيان إلى أن مدنية تبدأ خطوتها الأولى “بجهود طيف واسع من ممثلي مؤسسات مدنية فاعلة بينما تستمر بالعمل بشكل دؤوب وخطى متسارعة لحشد كافة الفاعلين المدنيين السوريين على امتداد سوريا وخارجها وفي كافة القطاعات. ورغم الاختلافات التنظيمية والبنيوية لهؤلاء الفاعلين، إلا أن إيمانهم بمنظومة قيم مشتركة مبنية على الحقوق، وعلى رؤية مشتركة لمستقبل بلدهم، يجعل من مدنية منصة واعدة في هذا الفضاء المدني السوري”.
وتابع: “بعد عقود من سعي السوريات والسوريين نحو الديمقراطية، وأكثر من 12 سنة على انطلاق الثورة السورية، لا تزال السوريات والسوريون ساعين بهمم لا تنقطع للوصول إلى دولة تحقق تطلعاتهم”.
وأردف: “ورغم حالة الاستعصاء التي تمر بها سوريا، والانقسام بين قوى أمر واقع مهيمن عليها من قبل دول أجنبية عدة، وفي ظل جمود تام للعملية السياسية، وتزايد في توجهات التطبيع، وعدم وجود تحرك دولي حقيقي لمعالجة هذا الواقع، فإن الفضاء المدني السوري يبقى حاملاً رئيسياً لقيم الحراك الديمقراطي للشعب السوري نساءاً ورجالاً، وتطلعاته في الحرية والعيش الكريم. وبالرغم من التحديات السياسية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية والحقوقية التي تواجه السوريات والسوريين اليوم، إلا أنه لا تزال لديهم القدرة على إنتاج رؤى واستراتيجيات ومقاربات عمل وبرامج جديدة تمكنهم من الخطو نحو تحقيق أهدافهم”.
كما أكد أن المجتمعين في مدنية “وضعوا الخطوط التأسيسية للعمل المشترك مستقبلاً ضمن بيئة ديمقراطية تحتفي بالحرية والاختلاف والتنوع، لأجل خدمة وطنهم واحترام تضحيات أهلهم”.