اكتشف العلماء حتى الآن أكثر من 5 آلاف كوكب خارج مجموعتنا الشمسية، ومن بين هذه الكواكب، هناك 50 كوكبا فقط تدور حول نجومها على مسافة مناسبة، أو ما يسمى بالمنطقة الصالحة للسكن (Habitable Zone) -تماما مثل كوكب الأرض وبُعده عن الشمس- وهي المنطقة التي يوجد بها الماء في الحالة السائلة.
فهذه الكواكب ليست بالقرب من نجومها بالقدر الذي يرفع درجات الحرارة بشدة فتتبخر المياه، ولا بالبُعد الذي يجعلها باردة للغاية، فتنخفض درجات الحرارة وتتجمد المياه على سطحها.
ومؤخرا، اكتشف فريق من علماء الفلك من معهد “ماكس بلانك” لعلم الفلك (MPIA) في ألمانيا (نجما قزما أحمر) أطلقوا عليه اسم “وولف 1069” (1069 Wolf)، وهو نوع من النجوم الصغيرة الباردة نسبيا مقارنة بالشمس.
وقد أطلقوا على الكوكب الخارجي المكتشف حديثا، والذي يدور حوله اسم “وولف 1069 بي” (Wolf 1069 b)، وتبلغ كتلته 1.36 مرة ضعف كتلة الأرض، ويقع في منطقة صالحة للسكن مثل كوكب الأرض، وقد نشر الباحثون نتائج الدراسة في دورية “أسترونومي آند أستروفيزيكس” (Astronomy & Astrophysics).
تقول “ديانا كوساكوفسكي” -الباحثة الرئيسة في الدراسة- في البيان الصحفي الذي نُشر يوم 3 فبراير/شباط الجاري “عندما حللنا بيانات النجم “وولف 1069″ اكتشفنا كوكبا حجمه تقريبا يساوي حجم كوكب الأرض، ويدور حول نجمه دورة كاملة في مدة مقدارها 15.6 يوما”.
وتعتبر دورة “وولف 1069 بي” صغيرة مقارنة بدورة الأرض، لأنه يقع على مسافة من نجمه تعادل 1 إلى 15 من مسافة الأرض والشمس، أي أن المسافة بينه وبين نجمه أقرب بـ15 مرة من الأرض إلى الشمس.
ما شروط صلاحية الكوكب للعيش عليه؟
ينتمي النجم “وولف 1069” إلى الأقزام الحمراء وهي نجوم أصغر حجما من الشمس وأكثر برودة، ما يعني أن المناطق الصالحة للعيش حوله تكون بالقرب منه، على عكس مجموعتنا الشمسية؛ فإن المنطقة الصالحة للسكن بعيدة عن الشمس وتمتد من كوكب الزهرة إلى كوكب المريخ.
ولكن، لا تنحصر صلاحية أي كوكب للسكن في موقعه بالنسبة لنجمه فحسب. فهناك الكثير من العوامل الأخرى التي تحدد صلاحيته، منها انبعاث الأشعة السينية والأشعة فوق البنفسجية، والغلاف الجوي والمجال المغناطيسي.
وعلى الرغم من أن “وولف 1069 بي” قريب من نجمه، فإن مقدار الإشعاع الذي يتلقاه يمثل حوالي 65% مما تتلقاه الأرض من الشمس.
ولا بد من وجود غلاف جوي يحيط بالكوكب، لأن الغلاف الجوي مسؤول عن حفظ الحرارة داخل الكوكب، مثلا لدى كوكب المريخ غلاف جوي، ولكن يبلغ متوسط درجة حرارته سالب 65 درجة مئوية، وذلك لأن غلافه رقيق نوعا ما، ويُعتقد أن السبب في ذلك هو غياب المجال المغناطيسي، ولا يحتوي كوكب الزهرة أيضا على مجال مغناطيسي داخلي، لكن تفاعله مع الرياح الشمسية يخلق مجالا خارجيا.
محاكاة حاسوبية
ينتج المجال المغناطيسي داخل الكواكب من حركة السوائل في النواة، إذ تتحول الطاقة الحركية إلى طاقة مغناطيسية ينشأ عنها المجال المغناطيسي، وتشير عمليات المحاكاة إلى أن نواة كوكب “وولف 1069 بي” لا تزال منصهرة مثل نواة كوكب الأرض، ويعتقد العلماء أن هناك حركة للسوائل داخل نواة كوكب “وولف 1069 بي”، ما يعني أنه يمكن أن يولّد مجالا مغناطيسيا.
أما بالنسبة للغلاف الجوي للكوكب المذكور، فإنه لا توجد حاليا تقنية لاستكشافه ومن المحتمل أن ننتظر 10 سنوات أخرى لاستكشاف غلافه الجوي.
الجزيرة