وجه التحالف العربي الديموقراطي خطاباً إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بهدف التدخل وإيقاف التدهور بين الأتراك والسوريين على إثر حادثة الاعتداء على السوريين في قيصري.
وأصدرت الهيئة التنفيذية للتحالف العربي الديموقراطي بياناً قالت فيه “فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية المحترم إن ما شهدته مدنٌ تركية من اعتداءات عنصرية على اللاجئين السوريين، في الأيام الماضية، بلغت حدّ تدمير وحرق ممتلكاتهم، ومحاصرتهم في منازلهم، ما اضطر هيئات الإغاثة التركية إلى توزيع الخبز عليهم في بيوتهم، لخوفهم من التجول في الشوارع خشية التعرّض للطعن والإهانة، تضاف إليه ردود الفعل الغاضبة في الشمال السوري المحرّر وزيادة الاحتقان وأعمال التخريب الذي ينذر بالمزيد من الفوضى، هو وضعٌ لم يعد بالإمكان الاستمرار بالتعامل معه عبر محاولات الاحتواء وحسب، وهو مآل يؤسفنا أن نقول إنه “متوقّعٌ” بعد العديد من التحولات التي شهدتها القضية السورية، وبعد تراخي المجتمع الدولي عن محاسبة النظام المجرم الذي تجاوز كل الحدود وخرق كافة القوانين المحلية والدولية، دون أن ينفصل عن تلك التحوّلات انعطافكم، مؤخراً، نحو التطبيع مع هذا النظام الذي ارتكب جرائم الحرب وقتل المدنيين الأبرياء ودمّر المدن وقصفها بالسلاح الكيماوي وسفك دماء المعتقلين في سجونه، ودعم التنظيمات الإرهابية وفي مقدّمتها حزب العمال الكردستاني PKK عدو تركيا وعدو الشعب السوري”.
وأضاف البيان “إن ما وصفتموه في تعليقكم على الأحداث الخطيرة والمؤسفة بأنه “نتاج خطاب المعارضة التركية المسموم”، و”قولكم إن تركيا لم تكن ولن تكون تلك الدولة التي تتخلى عن أصدقائها” هو في الواقع، ما يدفعنا لتثمين موقفكم والتعويل عليه، وفي الوقت ذاته لفت انتباهكم، إلى أن ذلك الخطاب إنما هو نتاج استخدام البعض لمسألة التعامل مع السوريين كورقة انتخابية محلية في السنوات الماضية، وهو ما يتطلّب منكم إجراءات حقيقية يضبطها القانون التركي، لا التنافس بشعبوية على صناديق الاقتراع من أجل الفوز بأي ثمن. وشعور السوريين الذي ثاروا ضد الأسد، ووضعوا ثقتهم الكاملة بتركيا وشعبها وحكومتها وجيشها، بالقلق بعد تكرار العديد من أحزاب التركية لضرورة التعامل مع الأسد، هو شعور مشترك مع الأتراك الذين وثقوا أيضاً بصحّة مواقفكم السابقة ضد الأسد، حين كان يوجد، ولا يزال، ألفُ سببٍ وسبب لعدم مصافحتكم لمجرمي الحرب وداعمي الإرهاب، والتشويش الذي أصاب السوريين أصاب إخوتهم الأتراك معهم، الذين باتوا يعتقدون الآن أن عدّوهم يتجسّد باللاجئين السوريين والمقيمين في تركيا، لا بالأسد ونظامه الإجرامي”.
وأكمل البيان “يُدرك التحالف العربي الديموقراطي أن لتركيا مصالحها ويقدّر حرصها على أمنها القومي، وهي صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة في ما يتعلق بقراراتها السيادية. إلا أننا لن نتردّد بالقول إن العلاقة التاريخية الكبرى بين الأتراك والسوريين التي لا تتوقف على الحكومات والأنظمة، هي أكثر تراصّاً وارتباطاً من ردود الفعل والمصالح العابرة. وهذه العلاقة تمرّ الآن بمنعطف خطر، ودوركم الحاسم، في قناعاتنا، هو منع التدهور وإعادة الأمور إلى مسارها الطبيعي، بين الشعبين، التركي والسوري، فهي الضمانة الأساس للأمن في المجال الحيوي لتركيا، وفي تجربة بعض الدول التي سبقت إلى التطبيع مع الأسد وفتحت المعابر الحدودية معه، خير مثال، فهي لم تستفد شيئاً سوى تدفّق الكبتاغون والمخدرات المختلفة وحتى الأسلحة والذخائر من جانب الأسد لزعزعة استقرارها، كما في حالة الأردن”.
وأشار إلى أنه “من جانب آخر، وفي الوقت الذي نعمل فيه مع شركائنا، ويعمل عشرات الآلاف من السوريين على تنمية الشمال المحرر، بالتعاون مع السلطات التركية، وبتسهيلات كبيرة تقدّمها تركيا من أجل خلق نهضة حقيقية تليق بعودة اللاجئين إلى بلادهم، يبقى مواطنونا في الشمال السوري يعانون من هيمنة مناخ مؤسساتي غير إيجابي على قرار الملايين منهم، يؤثر على إدارة الملفات الاقتصادية والإدارية والأمنية والقانونية، ويخلق بيئة تعيد وتكرّر إنتاج الفوضى من جديد، وهو ما سبق وأن طالبنا بإصلاحه عبر مبادرات عديدة قدّمناها للدولة التركية ولمؤسسات المعارضة السورية ذاتها، ورغم رفع المتظاهرين في الشمال السوري لتلك المطالب في لافتاتهم طيلة الأعوام الماضية، لم تكن هناك استجابة جديّة من أحد.
وبعد تقديرنا للإجراءات الصارمة التي اتخذتها السلطات التركية المعنية بتوقيف الخارجين على القانون ممن اعتدوا على السوريين، والمواقف الأخلاقية والمبدئية المشرّفة التي صدرت عن نخب وحقوقيين أتراك، لا سيما تصريح وزارة الخارجية التركية الأخير عن أن المبادئ الأساسية في إرساء السياسة التركية هي القانون الدولي والقيم الإنسانية والبحث عن العدالة العالمية، وأن الادعاءات المتعلّقة بسياسة أنقرة حول الشرق الأوسط وسورية لا تحمل أي نوعية تحليلية وتفتقر إلى المعرفة التاريخية الأساسية؛ يبقى سؤالٌ نوجّهه إلى
تركيا الحليفة والشريك التاريخي للسوريين؛ ما هي المصلحة التركية العليا في خسارة ملايين السوريين في الشمال السوري ومعهم الملايين من مواطنيهم السوريين في الجمهورية التركية وفي بلاد اللجوء، مقابل تجديد العلاقة مع نظام مدانٍ لا مستقبل له؟ ولتعلموا أن حرصنا على الشعب التركي الذي عشنا معه وتشاركنا وإياه حُلوَ الأيّام ومُرّها، لا يقلّ عن حرصنا على شعبنا السوري، والمسؤولية تقتضي أن يتدخل من نظر إليه السوريون والأتراك معاً على أنه صاحب مبادئ وحكمة وبُعد نظر ومقام من المفترض أن يبقى على نقائه وأهميته للمنطقة كلها. وعلى ذلك نأمل منكم يا فخامة الرئيس أن تُسهموا في حسم مطالب إصلاح الأوضاع المؤسساتية في الشمال السوري، لتسهيل عودة اللاجئين إإلى تراب بلادهم الذي لا يبدّلونه بغيره، وفي “وقف الخطاب المسموم”، بنزع السُمّ الذي يمثّله التطبيع مع نظام الأسد، حتى لا يستفيد منه الإرهابيون في PKK وذيولهم وخلاياهم النائمة، ومعهم راعيهم الأسد ومن يدعمه، وهو استحقاق تاريخي سيسألنا ويسألكم عنه الشعبان التركي والسوري ذات يوم، مصداقاً لمبدأ أساسي في القرآن الكريم يقول “وقِفُوهم إنهم مسؤولون”.
واعتقلت قوات الأمن التركية 474 شخصاً على خلفية “أعمال استفزازية” استهدفت اللاجئين السوريين وممتلكاتهم في ولاية قيصري التركية.
وأعلن وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المتورطين في “أعمال الاستفزاز”، داخل تركيا، وفي الشمال السوري، حيث اندلعت احتجاجات رداً على الاعتداءات.
وقال يرلي كايا، إن 285 من الموقوفين لديهم سجلات جنائية ومتهمون بجرائم مختلفة، بينها تهريب المهاجرين، والمخدرات، والنهب، والسرقة، وإتلاف الممتلكات والتحرش الجنسي، والاحتيال، وتزوير الأموال والتهديدات والشتائم.
من جهتها، نقلت وكالة “الأناضول” التركية، أن جهاز الاستخبارات التركي ووزارة الداخلية وقوات الأمن، تابعت عن كثب، تطورات الأحداث في ولاية قيصري وسط تركيا وفي الشمال السوري، واتخذت الإجراءات اللازمة.
وأكدت المصادر، توقيف المتورطين في أنشطة معادية لتركيا، وفي أعمال استفزازية تستهدف السياسة الخارجية التي تنتهجها.
وحذرت المصادر من تتبع كل شخص يسعى إلى تأجيج الأحداث، والتورط في “الأعمال الاستفزازية”، مشددة على عدم السماح بهذه الأعمال ضد تركيا تحت أي ظرف.
وكان رئيس “المجلس الإسلامي السوري” ومفتي سورية الشيخ أسامة الرفاعي، قد دعا الحكومة التركية إلى معاقبة المتسببين بحالات العنف والاعتداء على السوريين في ولاية قيصري وسط تركيا.
وحذر الرفاعي في الوقت ذاته، الشعبين السوري والتركي من الانجرار وراء “مثيري الفتن”.
ورأى أن هذه الأحداث يثيرها “أهل الفتنة والشغب”، الراغبون بزعزعة الأمن والاستقرار في تركيا، مؤكداً أن من الواجب الوقوف بوجه هذه الفتنة، ودفعها بكل الوسائل الممكنة.
وطالب الرفاعي في كلمة مصوَّرة، المسؤولين الأتراك، بسد “باب الشر” بالوسائل كافة، لافتاً إلى أن الأمور ستضطرب وتخرج عن السيطرة في حال “فُتح ذلك الباب على مصراعيه”، حسب وصفه.
وشدد على أن المسؤولين الأتراك ملزمون بالعمل على تعويض المتضررين من اللاجئين السوريين.
وأدانت مؤسسات المعارضة السورية الاعتداءات على ممتلكات اللاجئين السوريين بولاية قيصري في تركيا في ظلّ تصاعُد خطاب العنصرية ضدّ السوريين.
وخرجت مظاهرات في مناطق عدّة شمال غربي سورية، الاثنين، ردّاً على أحداث، ليلة الأحد، التي شهدت تخريب ممتلكات سوريين في ولاية قيصري جنوبي تركيا.