شهد العام المنقضي تعزيز التعاون بين روسيا والدول الاستبدادية الأخرى، كما صار الاقتصاد الروسي يعمل للأغراض العسكرية بينما تحاول القوات الروسية أخذ زمام المبادرة في ساحة المعركة. وفي أواخر العام الماضي، شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على خطط الكرملين ونيته شن حرب استنزاف. وفي الوقت نفسه، تزداد قوة أوكرانيا التي أيضاً تتوقع زيادة المساعدات العسكرية الغربية لتردع القوات الروسية والقيام بعمليات هجوم مضاد في عام 2024.
مع ذلك، لم تفِ أوروبا بعدد من التزاماتها تجاه كييف، إذ وعد الاتحاد الأوروبي بتزويد أوكرانيا بمليون قذيفة مدفعية في فترة العام 2023، إلا أن الجيش الأوكراني قد تلقى حوالي 300 ألف قذيفة ما إدى إلى زيادة إراقة دماء الأوكرانيين.
في الحقيقة، لا تزال المساعدات الغربية، وخاصة أنظمة الدفاع الجوي والصواريخ، تمثل أهمية كبيرة بالنسبة للجيش الأوكراني ما يجعل القوات الروسية مضطرة إلى التكيف مع قدرات الدفاع الجوي الأوكراني.
لقد أظهرت قوات الدفاع الجوي الأوكرانية خلال الأيام الستة الماضية أنها قادرة على صد الهجمات الصاروخية الروسية المكثفة. ورغم ذلك، سجلت بعثة الأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان في أوكرانيا مقتل 90 مدنياً، بينهم طفلان، و421 مصاباً في 12 منطقة أوكرانية منذ بداية موجة الهجمات الروسية 29 ديسمبر/كانون الأول.
ولذلك، فإن الرد المناسب والفعال على القصف الروسي الضخم لأوكرانيا يتمثل في مساعدة عسكرية ومالية طويلة الأمد لأن تعليق دول الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي دعم أوكرانيا قد يؤدي إلى توسيع الحملة الجوية الروسية، وفي نهاية المطاف، إلى تقدم كبير للقوات الروسية في عمق الأراضي الأوكرانية. وفي الوقت نفسه، تخطط روسيا لغزو دول البلطيق وبولندا وفنلندا.
ولن توافق موسكو على وقف إطلاق النار ولن تتخلى عن محاولات تقويض سيادة أوكرانيا في حال التوصل إلى اتفاقات هدنة. يفترض الكرملين حالياً أن الجمود على الجبهة في أوكرانيا سيؤدي إلى تخفيض الدعم الغربي لها. ولذلك، لا بد من تسريع توريد أنظمة الدفاع الجوي والذخيرة إلى أوكرانيا، فضلاً عن توفير الطائرات المقاتلة بدون طيار والصواريخ بعيدة المدى، وخاصة الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز من طرازATACMS Taurus، كما تعتبر طائرات F-16 أحد أهم عناصر الدعم العسكري لأوكرانيا.
في حال كانت تعمل خطوط إنتاج الأسلحة في الولايات المتحدة وأوروبا لغرض تزويد أوكرانيا وتحديث الجيش الأوكراني قد يجد الكرملين نفسه أمام المنافسة مع قوى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، الأمر الذي سيزيد نفقات روسيا وقد يؤثر على إدراكها جدوى مواصلة الصراع.
ومن ناحية أخرى، لا ينبغي الإقبال على مفاوضات السلام إلا في وقت مناسب بالنسبة لأوكرانيا أي بعد أن تتكبد روسيا سلسلة من الهزائم الساحقة في ساحة المعركة. إن الطريق إلى محادثات السلام يكمن في مواصلة الغرب لدعم كييف عسكرياً في المرحلة الحالية. يحتاج العالم الغربي إلى وضع استراتيجية شاملة طويلة المدى وإدراج المساعدات المالية والعسكرية لأوكرانيا في الميزانيات لمدى طويل لمنع تقليصها في المستقبل وإظهار التزام جدي للأهداف الاستراتيجية المرسومة.
يجب أن يدرك النظام الإرهابي في موسكو أن المجتمع الدولي لن يتعامى عن قتل المدنيين وتدمير البنية التحتية المدنية في أوكرانيا بل سيدعم الأوكرانيين في محاربتهم الدولة المعتدية.