تبقى قضية “تحرير المعتقلين السّوريين” في صلب اهتمام قوى الثّورة السّورية، ويساهم حراك السّويداء وامتداده الوطني في إعلاء الصّوت بشأن هذه القضية؛ وإلى جانبها مختلف القضايا السّياسية والمعيشية المترديّة نتيجة الانتهاكات والجرائم التي ارتكبها النّظام في دمشق.
تزامناً مع الحراك السّوري المتجدّد في السّويداء، وعلى وجه الخصوص فعاليات أسبوع المعتقلين (11 – 21 يناير) في الدّاخل والخارج، أجرينا مجموعة لقاءات مع ممثلي بعض التّيارات السّياسية الفاعلة في حراك السّويداء، وننشرها تباعاً في موقعي “العربي القديم” و”جلوبال جستس سيريا”، على نحو متزامن.
التقينا رئيس الهيئة الاجتماعية للعمل الوطني* نزار أبو فخر، وحاورناه خلال لقاء قصير بشأن موقف الحراك في قضية المعتقلين وبعض أوجه العلاقة مع المعارضة الرّسمية ومطالب الشّارع.
-
عموماً، ما طبيعة مساهمة الهيئة الاجتماعية في السويداء بقضية “تحرير المعتقلين السوريين”، وهل تقتصر على المناداة بإطلاق سراحهم في المظاهرات والفعاليات المدنية؟
في مواجهة نظام لا يأبه لحق ولا لقانون، ولا تعنيه مشاعر إنسانية، ماذا في يدنا أن نفعل أكثر من المناداة بتحرير المعتقلين، والتّذكير بهم في كلّ فرصة سانحة، وتنظيم حملاتٍ لاستنهاض المجتمع الدّولي والمنظمات الإنسانية والحقوقيّة ذات الصلة؟
هذا جلّ ما يمكن أن نفعله!!
فنحن انتفاضةٌ سلميةٌ لا تمتلك من أدوات الضّغط سوى الكلمة، والصّورة، والرّسم التّعبيري، والأهزوجة.
فإذا كانت الولايات المتحدة بقضّها وقضيضها تطالب بمعتقلين لها لدى نظام الأسد، ولا تحصل عليهم بدون مقايضة ذلك بمنفعة ما للنظام! فماذا يُنتظر منا أن نفعل حياله؟ ونحن الشّعب الأعزل المتروك لمصيره البائس منذ ثلاثة عشر عاماً.
-
ما موقفكم من أداء المعارضة السورية الرسمية في هذا السياق؟
وهل تدعمون جهود تشكيل “الآلية الدولية المستقلة لشؤون المفقودين” الجديدة، وهي قيد الإنشاء بقرار من الأمم المتحدة.
لم يعد يختلف اثنان في سوريا على انتهازية المعارضة الرسمية السورية، وضيق أفقها، وارتهانها لمموليها.
لقد استعجلت، في السابق، التفاوض مع النظام دون إلزامه بإطلاق سراح المعتقلين، وهو شرط غير تفاوضي، فقط من أجل تحقيق خرق سياسي ما يُسجل باسمها!
فنحن لا نعول على المعارضة الرسمية، ولا أحد يذكرها أصلاً في الشأن، أو في غيره.
أما بالنسبة للجهود المبذولة لتشكيل آلية دولية مستقلة لشؤون المفقودين، فإننا بالتأكيد ندعم مثل هذه الجهود، رغم أننا لا نعول عليها كثيراً، مع إيماننا بحسن النوايا لدى المبادرين في تشكيلها، ولكن كافة الفعاليات الدولية غالباً ما تصطدم بالعقبات الاجرائية، وبإرادة الدول الفاعلة التي لا تلقي بالاً لمعانات الشعوب الأخرى، أو للقضايا الانسانية، رغم تشدقها بذلك.
- تؤكد بعض وجهات النظر ضرورة استثمار حراك السويداء في حملات سلمية للضغط على مؤسسات الدولة وتحقيق مكتسبات معيشية للمجتمع المحلي مبدئياً، ما رأيكم في ذلك؟
نحن نعتبر أن مثل هذا الطرح هو تقزيم لانتفاضتنا، وحرف لمسارها.
لم ينتفض أبناء السويداء لإشباع بطونهم الخاوية، ولا في سبيل الحصول على ساعات انارة أكثر، أو تأمين مياه الشرب بصورة ميسرة، على أهمية هذه الأمور لحياة كريمة، فقد يكون الفقر واحتجاب الخدمات الحكومية قد أسهم في تأجيج الشارع أكثر، ولكن الأساس في الانتفاضة يعود لأسباب سياسية. لذلك لا تجد لوحة واحدة في ساحة الكرامة تحمل مطلباً خدمياً أو معاشياً على الإطلاق، ومردّ ذلك لقناعة المنتفضين أن أس مشكلاتهم جميعاً هو نظام الاستبداد والفساد، وهو غير قابل للإصلاح بأية صورة، فالعلاج الوحيد يكمن في إزالته من جذوره.
- في هذا الإطار، ما موقفكم من تفعيل “العمل النقابي” من داخل النقابات الرسمية؟ هل ستشاركون في الانتخابات المقبلة بدعم مرشحين أم لديكم موقف آخر؟
بالنسبة للمشاركة في انتخابات النقابات، الأمر يتوقف على الآلية التي ستجري وفقها الانتخابات، ففي حال استمر التدخل الامني والحزبي للسلطة في الانتخابات، فإن مشاركتنا ستضفي على انتخابات النظام الشرعية التي يفتقر اليها، ولكن وبضوء ما حدث من اغلاق للمقرات الحزبية، والحالة المزرية التي بلغها حزب السلطة في المحافظة، فإن لم يبتدعوا وسيلة ما لتوجيه الانتخابات، وهم بارعون في ذلك، وبقي الحزب وأجهزة الأمن على الحياد، تكون انتخابات النقابات فرصة لنا لتحقيق خرق في العمل النقابي طال انتظاره.