أثار استئجار الإيرانيين للمنازل بمبالغ كبيرة في العاصمة دمشق، مخاوف المالكين، خاصّةً مع تدخل مخابرات النظام السوري في فرض عقود الإيجار، رغم القلق من الغارات الإسرائيلية المرتبطة بالوجود الإيراني في المنطقة.
وبحسب مصادر محلية فإنّ الإيرانيين يتّبعون خلال وجودهم في سوريا، سياسة تغيير الأماكن بين الحين والآخر، وعدم البقاء في مكان واحد مدة طويلة، ولا سيما في الآونة الأخيرة بعد الغارات الإسرائيلية التي طالت مقارهم في مختلف المحافظات، خاصة دمشق.
وتؤدّي هذه السياسة غالباً إلى وقوع ضحايا مدنيين من جراء الغارات التي يشنها سلاح الجو الإسرائيلي على أهداف إيرانية في دمشق، كما حدث في حي المزة، مؤخّراً، حيث نعت صفحات محلية الطبيبة الشابة (رهف قمحية)، التي قُتلت في مكان إقامتها قرب منزل يقطنه قيادي في الميليشيات الإيرانية.
وشهدت أسعار إيجارات المنازل السكنيّة في العاصمة دمشق ارتفاعاً كبيراً، نتيجة فرض عقود الإيجار لصالح الإيرانيين، ما اضطر العديد من العائلات السوريّة لمشاركة السكن مع أقاربهم وتقاسم تكاليف المعيشة.
قال “أبو صبحي” -أحد السكّان في دمشق-: “انتقلت للسكن مع أخي في صحنايا، وسجّلت منزلي في البرامكة لدى مكتب عقاري لتأجيره، قيمة الإيجار الشهري نحو 3 ملايين ليرة سوريّة، وهو ما سأتقاسمه مع أخي للمعيشة”.
ويضيف: “ما هي إلّا أيام حتى اتصل بي صاحب المكتب العقاري ليقول لي: إنه وجد مستأجراً يدفع له ثلاثة ملايين ونصف المليون والدفع مقدّماً لمدة عامين، هذا غير مألوف فالمستأجرون عادة يدفعون شهريا مع تأخير مستمر بتسديد قيمة الإيجار”.
وتابع: “هنا ساروني الشك ودفعني الفضول للسؤال عن الشخص المستأجر قبل إبداء الموافقة، فكان الرد بأنه مواطن سوري من بلدة حزّة قرب دمشق”، لكنّ تبيّن أنّ الشخص المستأجر لا يتحدث العربية رغم أنه يحمل بطاقة شخصية سوريّة، وبدت عليه ملامح بأنه من إيران أو أفغانستان.
وأشار “أبو صبيحي” إلى أنّ “صاحب المكتب العقاري أخذ دور المستأجر في الرد على أسئلتي، واكتفى الرجل الغريب بالإيماءات، وهنا اعتذرت عن تأجير منزلي والحجة أنّ قيمة الإيجار ارتفعت ووصلت إلى خمسة ملايين شهرياً أسوة بجيراني”.
وبحسب “أبو صحبي”، فإنّ ما دفعه للامتناع عن الإيجار بالدرجة الأولى ما بات متعارفا عليه أن أي مبنى سكني يقطن فيه شخصيات إيرانية معرض للقصف بنسبة 100%: “الخوف ليس فقط على المنزل، بل على الأبرياء من جيراننا لا سيما أن ابنتي تسكن في الملحق الفني بالطابق الخامس ومنزلي في الطابق الثالث”.
وما هي إلا أيام قليلة حتى تلقّى “أبو صبحي” اتصالاً هاتفياً من المكتب العقاري يطلب منه الحضور إلى المكتب لإجراء “أمني روتيني”، وهناك تفاجأ بعنصر من الأمن العسكري طلب منه مباشرة التوقيع على عقد الإيجار لـ”ضرورات أمنية”، وفي حال رفضه “سيتم استدعاؤه إلى فرع التحقيقات العسكرية 228 لشرح الأمر بالتفصيل، لذلك لم يكن أمامه سوى التوقيع”.
الاستيلاء على منازل في داريا
في داريا المتاخمة للعاصمة، وتحديداً في حي “خالد بن الوليد” الواقع بين مقام “السيدة سكينة” ومطار المزة العسكري، طلب ضابط أمن المطار من المكاتب العقارية تزويدهم بقائمة البيوت الموضوعة للإيجار.
ويقول محمد نمورة -صاحب مكتب عقاري في داريا- إنّه لم يكن لديهم خيار سوى تسليم نسخة من البيوت المتاحة للآجار إلى أمنية المطار ومن دون علم أصحابها، مردفاً: “الكارثة أن البيوت التي نديرها بوكالة خاصة من أهلها خارج البلد، تم الاستيلاء عليها مباشرة”، ومن خلال سؤال أحد سكان واحدة من الوحدات السكنية أكد بأنّ “السكان الجدد غير سوريين ولا يحتكون بالسكان المحليين ودائما تحركاتهم شبه سرية ليلا”.
وأضاف “نمورة” أنّه “بحكم الوكالة القانونية الخاصة التي وكلنا بها أصحاب الأملاك، حاولنا الحصول على بيان قيد العقاري لبعض العقارات، أو على الأقل صورة عن الصحيفة العقارية، لكنّ السجلات العقارية أكدت أن المنطقة المذكورة ما تزال (منطقة مكتومة) بكتاب وارد من أمن مطار المزة، منذ 2014، حيث يمنع تزويد أي مراجع بأي سند عقاري للمنطقة المذكورة حتى لصاحب العقار أو من يمثله”.
وختم نمورة كلامه بأنّ “الخوف لم يعد فقط بسبب مخاطر قصف المبنى السكني، وإن كان ذلك خطير جدا، وإنما الأخطر هو ضياع ملكية العقار ونقلها لملاّك جدد”.
تلفزيون سوريا