في سياق الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا، يقوم الكرملين بترحيل الأطفال الأوكرانيين بشكل جماعي من الأراضي المحتلة مؤقتاً في أوكرانيا. يتم نقلهم إلى شبه جزيرة القرم وروسيا وبيلاروسيا وحتى أوسيتيا الجنوبية، مدّعين أن نقلهم يأتي من أجل النقاهة الصحية أو الترفيه في المخيمات.
قالت مفوضة الرئيس الأوكراني لحقوق الأطفال وإعادة تأهيلهم، داريا غيراسيمتشوك، إن روسيا تستخدم سيناريوهات شديدة التعقيد لنقل الأطفال الأوكرانيين إلى أراضيها. أحدها هو وضع تشخيص طبي مزيف غير موجود عند الطفل بالفعل. بالإضافة إلى ذلك، لا يتردد الخاطفون الروس في استخدام أساليب أخرى ومنها:
• قتل الوالدين ثم أخذ الأطفال إلى الأراضي الروسية،
• نزع الأطفال مباشرة من أسرهم البيولوجية،
• فصل الأطفال عن عائلاتهم أثناء ما يسمى بإجراءات الفرز، ونقل المؤسسات الخاصة بأكملها التي يعيش فيها الأطفال الأوكرانيون إلى الاتحاد الروسي؛
• تهيئة ظروف صعبة جداً في الأراضي المحتلة بشكل لا يتناسب مع حياة الطفل، ومن ثم دعوة الآباء بحسب الظاهر “طوعاً” إلى إرسال أطفالهم إلى ما يسمى بمخيمات النقاهة الصحية للتعافي أو الراحة، والتي لا يعودون منها إلى ديارهم.
منذ 24 فبراير/شباط 2022، أبعد الروس قسراً نحو 20 ألف طفل أوكراني. ويمكننا أن نضيف إلى هذا الرقم ما لا يقل عن مائة طفل آخر من شبه جزيرة القرم الأوكرانية المحتلة، تم ترحيلهم وتبنيهم بشكل غير قانوني من قبل المواطنين الروس في إطار ما يسمى برنامج “قطار الأمل” في الفترة من 2014 إلى 2022. هذه ليست سوى إحصاءات رسمية تعكس حالات ترحيل الأطفال المسجلة، ويمكن أن تكون البيانات الحقيقية أعلى من ذلك بكثير. وحتى الآن تمكنت أوكرانيا من إعادة 387 طفلاً فقط من أصل العشرين ألفاً المذكورين… ولكن ماذا عن الباقي؟ ماذا ينتظرهم؟
غالبًا ما يتم تغيير أسماء عائلات الأطفال الأوكرانيين، ويتم إرسالهم إلى أسر حاضنة، ويتم إعادة توطينهم في المناطق النائية والمتخلفة اقتصاديًا في الاتحاد الروسي، ويتم بذل كل شيء لجعل عودتهم إلى ديارهم مستحيلة. تسعى روسيا إلى تحسين وضعها الديموغرافي من خلال الإبعاد القسري للأطفال الأوكرانيين. كقاعدة عامة، يتم نقل الأطفال إلى مناطق الاتحاد الروسي التي يموت فيها السكان السلافيون أو إلى المناطق المهملة اقتصاديا – الشيشان، تشوفاشيا، سيبيريا، الشرق الأقصى. ويتعرض الأطفال الأوكرانيون في الاتحاد الروسي لمعاملة دعائية، ويتم تعليمهم كراهية أوكرانيا، ويتم غرس قيم “العالم الروسي” الزائفة فيهم. ويتم نقلهم ليس فقط إلى روسيا، ولكن أيضًا إلى بيلاروسيا، حيث تم إنشاء ما لا يقل عن 4 من ما يسمى بـ “المعسكرات الصحية”.
ومن خلال الأطفال والجيل الشاب الذين تم ترحيلهم إلى روسيا من الأراضي المحتلة في أوكرانيا، يقوم الكرملين بعمله “القذر”. أنشأت روسيا نظامًا واسع النطاق لـ “عسكرة” الأطفال الأوكرانيين المسروقين وتقوم بإعدادهم للحرب، بما في ذلك المشاركة في العدوان على أوكرانيا لاحقاً. يعمل “التربويون” في الكرملين بنشاط مع الأطفال الأوكرانيين من سن 4 إلى 5 سنوات، ويمحوون هويتهم الوطنية من خلال الدعاية الروسية. يحدث هذا في رياض الأطفال والمدارس، ويتم تنظيم هكذا أعمال أيضًا خارج المدرسة. ويخلق الروس واقعًا للأطفال يُظهرون فيه أنهم يجب أن يموتوا “من أجل روسيا”. ويتم تخصيص مبالغ كبيرة من المال لبرامج “وطنية” خاصة، وخاصة في شبه جزيرة القرم. وحتى الكنيسة منخرطة في عملية “عسكرة” الأطفال، حيث تقام مناسبات دينية فريدة تحت سيطرة سلطات الاحتلال (من الأمثلة معروفة : “مباركة” الصاروخ الذي يستخدم بعد ذلك لقصف أوكرانيا، و يحدث هذا بحضور الأطفال).
ودعونا نذكّر أن ترحيل الأطفال الأوكرانيين كان السبب في إصدار مذكرة اعتقال من قبل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي في 17 مارس/آذار 2023 بحق مفوضة رئيس الاتحاد الروسي لحقوق الأطفال ماريا لفوفا- بيلوفا، وبحق فلاديمير بوتين نفسه.
يجب أن تخضع الدولة الإرهابية لعقوبات إضافية وتجد نفسها في عزلة دولية كاملة، وستكون هذه خطوة منطقية رداً على عملية الاختطاف التي شرّعتها. ولابد من إعادة كل طفل أوكراني إلى وطنه، ويتعين على روسيا أن تحاسب أمام القانون عن كل قضية ترحيل غير قانوني للبشر، وعن الجرائم المرتكبة ضد أوكرانيا.