د. عبدالحكيم بشار
تضاربت الآراء حول أهداف ومخرجات مؤتمر بروكسل الذي انعقد في (25 – 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2024) الفائت تحت اسم «المسار الديمقراطي السوري»، بدعوةٍ من قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية للإدارة في شمال شرق سوريا، إلهام أحمد.
تعدَّدت، وتنوّعت وُجُهات النظر بقدر تعدُّد خلفيات المشاركين في المؤتمر ومدى معرفتهم بمجلس سوريا الديمقراطية (مسد) وخاصةً من الإخوة غير الكرد.
إذ أن الكرد الذين شاركوا في ورشة العمل أو المؤتمر يعرفون جيداً من هي (مسد)؟! ويعرفون جيداً أن السَّيدة إلهام أحمد لا تزال عضو في حزب العمال الكردستاني، ولم تعلن استقالتها من الحزب المذكور بعد، ولا خرجت عن خط الحزب، ولا تجرأت يوماً، ووقفت ضد أي قرارٍ يُصدَر عنه، لأنه في حال صدور أيِّ تصريحٍ سلبي ولو كان بسيطاً للغاية أو في حال تجرّأت بنقدٍ ولو شكلي لقنديل سيكون السبب المباشر لفقدان مهمتها خلال أقل من أسبوع.
أما بالنسبة للشخصيات الكردية ممن شاركوا في الورشة أو المؤتمر حسبما ورد في بعض وسائل الإعلام، فقد قرروا سلفاً المضي في ركاب حزب العمال الكردستاني ب ك ك، ومهما كانت تبريراتهم وحججهم حيال ذلك، فهم في النهاية على اطّلاع بأدق التفاصيل فيما يتعلق بآليات تعيين المسؤولين الأوائل في (مسد) والإدارة في شرق شمال سوريا، بما أن قرارات التعيين تصدر من قنديل دون غيرها، ويبدو أنه لم يعد لديهم شيء يخسرونه لذا يبحثون عن موطئ قدم لهم في أيّ مكان، ومن قبل أيٍّ كان.
أما الشخصيات العربية التي شاركت في المؤتمر فمنها من هي على اطّلاع واسع بالموضوع، ولكن حالهم كحال من يقول في سرّه: ليس لديّ ما أخسره، وبناءً على ذلك شارك، والبعض الآخر شاركَ من منطلق وطني في اعتقادٍ منهم أنهم قد يُغيّرون مسار التاريخ الذي عجزت عن تغييره الدول العظمى، وللعلم فتلك الدول، ومنها أمريكا على سبيل المثال لم تستطع إلى الآن جعل حزب الاتحاد الديمقراطي ب ي د ينفصل عن حزب العمال الكردستاني الذي يجر كورد سوريا إلى صراعات مع دول الجوار
كما أن عنوان الورشة أو المؤتمر الذي جاء تحت مسمّى (المسار الديمقراطي) يذكّرنا بنظام كوريا الشمالية مع كامل خلفيته الشمولية، كما يذكّرنا العنوان بأسماء بعض المؤسسات الخدمية مثل (الفرن الديمقراطي) في قامشلي.
يبدو لنا أن المشاركين يحاولون توليد الديمقراطية من رحم الدكتاتورية، وهم بذلك يبحثون عن معجزاتٍ في زمن اللامعجزات، مثل توليد فرسٍ أصيلٍ من البغلِ، بينما يعرف الكثيرون، وأهل الريف خاصة أن (البغل حيوانٌ عقيم) ومتى ما نجحوا في توليد فرسٍ أصيلٍ من البغلِ، وقتها ربما ينجحون في مسعاهم.