أجرى وفد من الكونغرس الأمريكي، الأحد 27 آب/ أغسطس، زيارة إلى مناطق شمال غربي سورية الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، وهي الزيارة الأولى من نوعها منذ أكثر من عشر سنوات.
والتقى الوفد عددًا من النازحين السوريين في مدينة أعزاز على الحدود السورية – التركية، إضافة لعدد من المسؤولين المحليين، في الحكومة السورية المؤقتة وعدد من العاملين في القطاع الإغاثي والطبي.
وضم الوفد ثلاثة أعضاء في الكونغرس، جميعهم لهم دور في إقرار مشروع قانون منع التطبيع مع النظام السوري والذي أقره الكونغرس في وقت سابق.
وقد وصل الوفد إلى المنطقة بدعوة وتنظيم المنظمات السورية الأميركية، وصحافيين أجانب.
وللوقوف على دلالات الزيارة وأهدافها، أجرت “بوليتكال كيز | Political Keys”، اليوم الثلاثاء 29 آب/ أغسطس، حوارًا صحفيًا مع الدكتور والمحلل السياسي باسل معراوي، طرحت خلاله مجموعة من الاسئلة والاستفسارات حول دلالات الزيارة وأهدافها.
وقد أكد “معراوي” أنّ “زيارة وفد الكونغرس وإن تمت تحت دعاوى إنسانية لكنها تحمل أبعادًا سياسية بالتأكيد”، فالولايات المتحدة – بحسب معراوي – هي “أقوى دولة في العالم ولها حضور فاعل بالملف السوري، والكونغرس الأمريكي من أهم مؤسسات صنع القرار في الولايات المتحدة، ولو كانت الزيارة لغايات إنسانية بحتة وللاطلاع فقط على الحاجات الإنسانية لمناطق المعارضة السورية لكانت تمت من قبل منظمات إنسانية مدنية مختصة بالجوانب الإغاثية”.
وتابع معراوي “أما أن يأتي وفد من الكونغرس الأمريكي بعد انقضاء عشر سنوات على آخر زيارة لوفد من الكونغرس عام 2013 برئاسة العضو الجمهوري “جون ماكين” لمناطق تحت سيطرة المعارضة السورية فلا يمكن إلا أن يكون لها أهدافًا سياسية”.
وأشار معراوي إلى أن الزيارة أتت “في ظل تحسن تدريجي – يزداد وضوحًا – في العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وتركيا”، مشيرًا إلى أن ذلك التحسن جاء بعد الانتخابات التركية وفوز الرئيس أردوغان وتحالفه الحزبي بولاية جديدة، وأن “قمة الناتو الأخيرة في ليتوانيا واستقبال الرئيس الأوكراني في أنقرة وماصدر من تصريحات و مواقف تركية أكدت حدوث التحسن بالعلاقات بين البلدين عمليًا”.
ورافق هذا التحسن توتر العلاقات بين موسكو وأنقرة والتي كان من نتائجها تأجيل أو إلغاء زيارة الرئيس الروسي لتركيا والتي كانت مقررة في شهري تموز أو آب، إضافة لعدم تجديد اتفاقية إخراج الحبوب من البحر الأسود برعاية تركيا، وفقًا لمعراوي.
وتابع المحلل السياسي، و”باعتبار أن الدول الثلاث (أمريكا – روسيا – تركيا) هي أهم اللاعبين بالملف السوري، فإن تحسن العلاقات أو توترها سينعكس مباشرة على ذلك الملف، وأعتقد أنّ لتوقيت الزيارة مغزى مهم، فهو ياتي ضمن الجهود الأمريكية للتقارب مع تركيا وتبديد مخاوفها من تنامي قوة وهيمنة “قسد” عبر إجراءات عديدة تقوم بها الولايات المتحدة شرق الفرات لزيادة إشراك المكون العربي بالقرار في تلك المنطقة وتقليص نفوذ حزب الاتحاد الديمقراطي والذي تعتبره أنقرة ذراعًا سوريًا لحزب العمال التركي وتصنفهما أنقرة على لوائح الإرهاب، وذلك بالتزامن مع محاولة الولايات المتحدة التقريب بين مناطق شرق وغرب الفرات لتشكيل جبهة معارضة قوية ضد النظام السوري”.
وتاتي زيارة الوفد الأمريكي بعد قرار وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات بحق فصيلين من فصائل الجيش الوطني مع ثلاثة قيادات وشركات تجارية ترتبط بهم، وذلك للتأكيد على أن انفتاح الولايات المتحدة على مناطق المعارضة السورية ومن ورائها تركيا هو انفتاح مستمر وسيتنامى ولا علاقة له بعقوبات وزارة الخزانة الامريكية بحسب “معراوي”.
وعن علاقة زيارة وفد الكونغرس باحتجاجات السويداء الحالية أكد المعراوي، أنّ “احتجاجات السويداء تلعب دورًا هامًا في أي نشاط أمريكي تجاه الملف السوري حيث أعربت مؤخرًا مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن “غرينفيلد” عن دعم بلادها للاحتجاجات السلمية في المحافظة وأعربت عن أملها بانصياع نظام الأسد لتنفيذ القرار الدولي 2254″.
وعن مدى صحة الأنباء التي تحدثت عن وجود تنسيق بين واشنطن وأنقرة لنقل مقاتلين من الجيش الوطني للقتال إلى جانب أمريكا في منطقة التنف، قال “معراوي”، إنه في “ظل الانفراج الحاصل في العلاقات بين أنقرة وواشنطن تتوارد أنباء عن عدم معارضة أنقرة لذهاب مقاتلين سوريين من مناطق نفوذها إلى قاعدة التنف العسكرية لكي تستعين بها قوات التحالف الدولي بأي عملية عسكرية مرتقبة”، مشيرًا إلى أن الموقف التركي من العملية يؤشر لتوتر العلاقات التركية مع موسكو وطهران وتحسنها مع واشنطن.
ولفت معرواي إلى أنّ العضو الجمهوري “فرانش هيل” الذي يرأس الوفد “يعتبر شخصية هامة ومؤثرة في الحزب الجمهوري، كما أنه عضو في لجنة العلاقات الخارجية لمجلس النواب الأمريكي” مشيرًا إلى أنه كان “أحد النواب الـ9 الذين طالبوا الإدارة الأمريكية بعدم تمديد قانون الإعفاءات الأمريكية والذي تم منحه لنظام الأسد بعد كارثة الزلزال، وانتهى العمل به في 8 آب/ أغسطس الجاري، خشية أن يساهم هذا الإعفاء بازدياد قوة نظام الأسد ويؤسس لحالة خرق للعقوبات الأمريكية عليه”.
وأيضًا لـ”هيل” دور هام في تمرير وإقرار قانون مكافحة التطبيع مع النظام السوري والذي وافقت علية لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب بسرعة قياسية وهو الآن في طور الانتهاء من استكمال شروط إصداره، الأمر الذي يزيد من أهمية الزيارة ووزنها السياسي بحسب معراوي.
المصدر: لبوليتكال كيز