كشف موقع “global news” الكندي في تحقيق أجراه عن إقامة مسؤول تابع للنظام السوري كان قد أشرف على تطوير الأسلحة الكيماوية في كندا منذ نحو 10 سنوات.
وبحسب التحقيق فأنه بعد عشر سنوات على هجوم الغوطة الكيماوي الذي أسفر عن مقتل نحو 1400 شخص، فقد تم تعقّب عالم متهم في تطوير أسلحة أسد الكيميائية يقيم في إحدى ضواحي إدمونتون.
تحقيق الموقع الكندي كان قد استند إلى وثائق رسمية كندية تم رفع السرية عنها، وأفادت أن أحمد هيثم اليافي قدّم “مساهمة كبيرة في تصنيع الأسلحة الكيماوية”.
وبحسب التحقيق فإنه عندما كان عمال الإنقاذ يجمعون الجثث في الغوطة قبل عقد من الزمن، كان المدعو أحمد هيثم اليافي يعيش في منزل مساحته 2500 قدم مربع في الطرف الغربي من إدمونتون.
وكان المسؤول الذي ساعد النظام في قتل مئات السوريين يقيم منذ العام 2013 مع زوجته وابنه الكندي الجنسية.
وأشار الموقع أنه خلال الفترة الممتدة بين عامي 1974 و1994، عمل المهندس الكيميائي في مركز عسكري ينتج أسلحة كيماوية للنظام السوري.
كما قام بالإشراف على مراحل إنشاء مصنع يُعرف أنه سيصنع أسلحة كيماوية، ولذلك فقد ساهم بشكل كبير في إنتاجها”، وذلك وفقاً للوثائق التي تصف دوره بأنه” لا غنى عنه”.
ووفقاً للتحقيق فقد تكليف مركز الدراسات والبحوث العلمية الذي يحمل اسماً بريئاً، بمهمة تطوير التكنولوجيا النووية والبيولوجية والكيميائية والمتعلقة بالصواريخ”، حسبما أفاد تقرير للحكومة الكندية عن اليافي
وأشار التحقيق أنه شغل “مناصب عالية ذات أهمية”، بما في ذلك مدير المشروع والمدير الفني، واستمر في المركز لمدة 20 عاماً، وأصبح فيما بعد نائب وزير الصناعة السوري.
ولفتت وسائل إعلام كندية أن اليافي لم يرد على طلبات المقابلات عبر الهاتف والبريد الإلكتروني والرسائل النصية ووسائل التواصل الاجتماعي، لكن غلوبال نيوز حصلت على تصريحات أرسلها إلى مسؤولي الهجرة الذين يتعاملون مع قضيته.
وبحسب الموقع فإن اليافي بعد حصوله على درجة الدكتوراه في الهندسة الكيميائية من جامعة مانشستر في إنكلترا، عاد إلى سوريا عام 1977 للعمل في مركز الدراسات والبحوث العلمية.
كما حصل اليافي على صفة الموظف رقم 162 وأُبلغ أن المركز سينتج “مادة كيميائية ضارة بالبشر” لكنه ادّعى أن العامل السام لم يكن للاستخدام بل كان المقصود منه أن يكون “رادعاً” ضد ما ادّعى نظام أسد أنه تهديدات نووية من أعدائه.
وأوضح التحقيق أن علماء مركز الدراسات والبحوث العلمية كانوا “مكوناً رئيسياً في سلسلة القيادة – لقد طوروا وأنتجوا أسلحة كيميائية، والتي استخدمت فيما بعد ضد السكان السوريين، بما في ذلك المدنيون”.
وبحسب تقرير لقسم أبحاث الأمن القومي التابع لوكالة خدمات الحدود الكندية فإن اليافي أمضى أكثر من عامين في إجراء ابحاث عن “المصنع التجريبي”.
وجاء في التقرير أن اليافي “مدير سابق … لمركز الدراسات والبحوث العلمية … مسؤول عن تطوير وإنتاج أسلحة كيماوية وبيولوجية‘ بالإضافة إلى ذلك كان مشاركاً في المشروع التجريبي لمركز الدراسات والبحوث العلمية المخصص لإنتاج أسلحة كيماوية.
وزعم أنه شعر بخيبة أمل عندما اكتشف أن المركز كان يطوّر عاملًا كيميائيًا، فقد كان ملزمًا قانونًا بالعمل في المركز لمدة 7 سنوات ونصف مقابل تمويل دراسته لنيل درجة الدكتوراه في الخارج، يضاف إلى ذلك عامان ونصف كخدمة عسكرية إلزامية.
وجاء في إفادته أن فريقه كان مؤلفاً من 3 ضباط برتبة رائد يتبعون “قسم الحرب الكيماوية بالجيش” تم إرسالهم إلى الاتحاد السوفيتي للدراسة.
وأضاف في حديثه: “لم أتعامل أبدًا مع أي عوامل حرب كيميائية”، “بالطبع، لم أشارك في أي نقاش حول أنظمة الإطلاق لأن ذلك لا يتماشى مع دوري أو خبرتي.”
وقال إنه حاول المغادرة لأول مرة في عام 1987، وحاول سبع مرات أخرى حتى تم قبول استقالته في عام 1994. ثم شغل منصب نائب وزارة الصناعة من 2006 إلى 2009.
وأضاف أن مصنعه الشخصي في دمشق قد دُمر خلال الحرب، وهو يعرف علماء آخرين تابعين لمركز الدراسات والبحوث العلمية يعيشون في كندا والولايات المتحدة.
وأشار: “أصرّح بوضوح أنني لست خطرًا على كندا أبدًا ولم أشارك أبدًا في تصنيع أسلحة كيماوية إستراتيجيًا لأي سبب من الأسباب”.
ولفت في حديثه: “المحصلة النهائية بالنسبة لي، كندا هي البلد الذي أثق فيه ويقيم فيه ابني منذ أن كان عمره 17 عامًا والآن أصبح مواطنًا كنديًا بكل فخر وهو وطنه الأصلي ومكان ولادة أحفادي ووطنهم الأصلي وأريد الانضمام إلى ابننا الوحيد وعائلته في كندا وجعل كندا وطننا”.
وفي يناير الماضي، قالت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إن تحقيقا استمر قرابة عامين خلص إلى أن مروحية عسكرية حكومية واحدة على الأقل أسقطت أسطوانات غاز الكلور على مبان سكنية في مدينة دوما السورية التي كانت خاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة عام 2018 مما أسفر عن مقتل 43 شخصا.
وكان هجوم السابع من أبريل/نيسان 2018 على مشارف دمشق جزءا من هجوم عسكري كبير أعاد المنطقة إلى سيطرة قوات حكومة نظام الرئيس بشار الأسد بعد حصار طويل مدعوم من روسيا على معقل المعارضة.
وفي مارس/آذار 2019، خلص بالفعل تحقيق سابق أجرته المنظمة ذاتها إلى وقوع هجوم كيميائي في دوما، لكن هذا التحقيق لم يكن مفوضا بتوجيه اتهامات.
وشكلت الدول الأعضاء بمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، ومقرها لاهاي، فريق التحقيق وتحديد المسؤولية في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 لتحديد مرتكبي الهجمات الكيميائية في سوريا، وذلك بعد أن استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) ضد تشكيل بعثة مشتركة من هذه المنظمة ومن الأمم المتحدة.
وينفي نظام الأسد استخدام أسلحة كيميائية، لكن تحقيقا مشتركا سابقا للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية وجد أن حكومة الأسد استخدمت غاز الأعصاب (السارين) في هجوم وقع في أبريل/نيسان 2017 كما استخدمت غاز الكلور مرارا كسلاح، كما اتهم تنظيم الدولة الإسلامية باستخدام غاز الخردل.
وأشار أحدث تحقيق إلى أن 4 أشخاص في وحدة واحدة تابعة لقوات نظام الأسد هم المسؤولون، لكن لم يُعلن عن أسمائهم.
وقالت المنظمة إن النتائج تستند إلى تحليل فني لنحو 70 عينة بيولوجية وبيئية ولصور من الأقمار الصناعية، و66 مقابلة مع شهود واختبارات للصواريخ الباليستية والذخيرة.
وجاء بملخص للتقرير “مروحية واحدة على الأقل تابعة لوحدة القوات السورية الخاصة المعروفة باسم النمر أسقطت أسطوانتين تحتويان على غاز الكلور السام على مبنيين سكنيين في منطقة مدنية مأهولة بالسكان في دوما مما أسفر عن مقتل 43 شخصا وإلحاق أضرار بعشرات آخرين”.
ووحدة النمر قوات تصنف ضمن قوات النخبة التابعة لنظام الأسد والتي تستخدم بشكل عام في العمليات الهجومية بالحرب.
يقول المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية السفير فرناندو أرياس “العالم يعرف الحقائق الآن. الأمر متروك للمجتمع الدولي كي يتخذ إجراءات، في إطار المنظمة وخارجها”.
وتأتي النتائج في أعقاب تحقيق أجري بين يناير/كانون الثاني 2021 وديسمبر/كانون الأول 2022. وقالت المنظمة إن النتائج “تم التوصل إليها على أساس أسباب معقولة وهي معيار الأدلة الذي تتبعه باستمرار هيئات تقصي الحقائق الدولية ولجان التحقيق”.
ويعارض نظام الأسد وحليفته روسيا بشدة عمل فريق التحقيق وتحديد المسؤولية، ويقولان إنه غير قانوني. ولم تتعاون دمشق وموسكو مع المسؤولين عن التحقيق الأخير. ونفى البلدان استخدام الذخائر السامة المحظورة قائلين إن الهجوم في دوما كان مدبرا.
واستخدام الكلور سلاحا محظورٌ بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية التي صدقت عليها سوريا عام 2013.
ودفع هجوم بالأسلحة الكيميائية في دوما الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا إلى شن ضربات صاروخية على أهداف للنظام السوري بعد ذلك بأسبوع، في أكبر عمل عسكري غربي ضد دمشق خلال الحرب التي بدأت عام 2011.