المصدر : تلفزيون سوريا
تحتدم النقاشات والاستقطابات داخل أروقة الائتلاف الوطني السوري مع اقتراب موعد انتخاب رئيس المؤسسة وحصول معطيات جديدة لجهة وجود رغبة تركية، بحسب ما أفادت مصادر خاصة لتلفزيون سوريا، لتعجيل موعد الانتخابات وانتخاب رئيس جديد في أقرب وقت، حيث أبلغ وفد من الائتلاف زار أنقرة أمس أن الرئيس الجديد يجب أن يحضر اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو ما فهمه البعض تفضيلا لمرشح بعينه. لكن أنقرة، وبحسب المصادر، لا تريد تسمية مرشح بالاسم، وأبدت رغبتها في أن تجري الانتخابات بسلاسة دون انقسامات وخلافات بمبرر مراعاة الظرف الوطني وعدم استفزاز مشاعر السوريين.
لكن السلاسة والهدوء المبتغى قد لا يتحقق هذه المرة، حيث تشير المعلومات من داخل الاختلاف إلى وجود مرشحين يحظيان بدعم كتل وازنة، وأن الفوز هذه المرة يتطلب ترتيبات وتحالفات وحسابات مختلفة قد ترسم صورة ومعالم جديدة للعلاقات البينية داخل الائتلاف.
ونتيجة ذلك، ثمة عدة ترجيحات تفيد بأن الانتخابات قد لا تلتئم يوم الثلاثاء القادم 12 أيلول كما تمنى المسؤولون الأتراك. وعلى الفور، بدأت التسريبات بالظهور بهدف التأثير على الصندوق، الذي قد يفعل هذه المرة مقارنة بأسلوب التزكية والتفويضات السائدة من عام 2017، حيث يغمز المرشح الأول وهو الرئيس الحالي للجنة الدستورية هادي البحرة أن ترشيحه يحظى بدعم مباشر من أنقرة وواشنطن، في حين يسعى المرشح الثاني، هيثم رحمه، والذي استمر في إصراره على الترشح، إلى حشد كتلة تصويت أكبر تقلب الحسابات الحالية، وتقنع أنقرة بدعمه لا سيما أنه انسحب في مرات كثيرة سابقة لدعم مرشح توافقي تفضله أنقرة.
في ضوء ذلك، يتابع تلفزيون سوريا وبالتواصل مع عدد من أعضاء ومسؤولي الائتلاف السوري وعدد من المصادر المطلعة على واقع مكونات المؤسسة التطورات الجديدة بعد التقرير الذي نشره موقع تلفزيون سوريا منتصف الشهر الفائت بعنوان: “خلافات تعصف بالائتلاف.. من سيرأس المعارضة السورية في المرحلة القادمة؟”، حيث كان من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية للائتلاف، خلال اجتماع الهيئة السياسية في 21 تموز الماضي، إلا أنها أُجلت إلى وقت لاحق بسبب استمرار حالة الاستقطاب وبناء التحالفات بين مكونات الائتلاف، فضلاً عن الموقف التركي المؤيد لتأجيلها.
هل البحرة هو المرشح المفضل لتركيا؟
تروّج أوساط قريبة أو داعمة للمرشح هادي البحرة أنه يحظى بدعم تركيا والولايات المتحدة معاً وأن المسؤولين الأتراك أوعزوا بانتخابه رئيساً للائتلاف، حيث يحظى الآن بدعم رئيس الحكومة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى والكتلة التصويتية المتحالفة معه والمجلس الوطني الكردي والمستقلين الأكراد والمجالس المحلية والمجلس التركماني.
وتشير بعض المصادر إلى أن اختيار البحرة ينبع من التوقعات المنخفضة لتطور المسار السياسي والتغيرات الطارئة على المقاربة التركية من حيث الاهتمام فقط بانعقاد اللجنة الدستورية بوصفها بوابة الحل السياسي الذي لا يتعارض مع مسار التطبيع القائم مع النظام السوري والتي تجري محاولات إحيائه مجددا من خلال وعود روسية ومطالب إيرانية.
وتضيف المصادر أن البحرة مقتنع حقيقة بضرورة الوصول إلى حل سياسي مع النظام دون التركيز على تفاصيل اعتبرتها المعارضة في الماضي ثوابت لا تتنازل فيها، ويبرر ذلك بتفاقم معاناة السوريين في الداخل وحاجتهم إلى حل يحسن أوضاعهم وهو ما لا تدركه كثير من القوى المعارضة في الخارج، برأيه.
في هذا السياق، نفت مصادر مطلعة وجود دعم أميركي لهادي البحرة للترشح، وأنه يحظى بدعم كتل وأوساط في الائتلاف قريبة من تركيا من دون دعم مباشر من الأخيرة.
هيثم رحمة يخلط الأوراق .. هل يستمر؟
من جهته قرر الأمين العام للائتلاف الحلي هيثم رحمة المضي بالترشح تحت أي ثمن حتى لو عاكس رغبة أنقرة كي لا يظهر بمظهر الضعيف، إذ تفيد المعلومات الواردة من داخل الائتلاف أن رحمه يشعر ببعض الإحباط من عدم دعمه أنقرة، وهو الذي لطالما قدم سياسيا بوصفه “الأقرب” إليها، لكنه يعول على إمكانية تغيير الحسابات لا سيما وأن المسؤولين الأتراك لم يعلنوا دعما صريحا للمرشح المنافس، ويراهن على دعم كتلتي الفصائل العسكرية والإخوان المسلمين وكتل وأصوات أخرى لا ترغب في نهج “تبديل القبعات” أو معترضة على أسلوب التفويضات، بالإضافة إلى إمكانية حصول تغيير في اللحظة الأخيرة في موقف المجلس الكردي السوري، حيث تسود علاقة غير ودية بين رئيسه عبد الحكيم بشار وهادي البحرة.
المسلط يرغب بالتمديد.. هل ثمة فرصة؟
خلال اللقاء الذي جمع قيادات المعارضة السورية، هادي البحرة، بدر جاموس، عبد الرحمن مصطفى، هيثم رحمة، سالم المسلط مع المسؤولين الأتراك، أبلغ المسلط الحاضرين رغبته التمديد لسنة ثالثة بما يتطلبه ذلك من تعديل في القوانين الناظمة للانتخابات. لكن هذه الرغبة لم تجد صدى لها في ضوء إصرار البحرة ورحمة على المضي بمسار الانتخابات ما يضفي أجواء تنافسية ضمن الائتلاف لم يشهدها منذ عام 2017 بعد خروج رياض سيف منه، حيث سادت التزكية أسلوبا والتفويضات منهجا.
وكانت نائب رئيس الائتلاف ربا حبوش انتقدت في مداخلة لها على تلفزيون سوريا آلية التفويضات وألمحت إلى أن نتائج الانتخابات دائماً ما كانت معلومة مسبقاً، حيث يحمل عضواً 15 أو 20 ورقة يضعها في صندوق الاقتراع لكونه مفوضاً بالانتخاب نيابة عنهم، ما يدل على انعدام الثقة بين أعضاء الائتلاف ولضمان النتائج وتجنباً لحدوث خروقات تغير النتائج المتفق عليها مسبقاً، بحسب حبوش.
وترجح المصادر أن الرغبة التركية في أن تعقد الانتخابات في 12 من أيلول الجاري تعني عمليا الاستمرار في نهج التفويض مع تعذر إمكانية قدوم الآخرين إلا في حال حصول اعتراضات لا يمكن تجاهلها وخلافات قد تخرج للعلن، وهو ما يجعل سيناريو التأجيل أو التمديد الواقعي للشيخ سالم المسلط قائما.
المحاصصات والتفويضات.. هيئة سياسية معطلة وهيئة عامة مغيبة وائتلاف غير فاعل
حذّرت المصادر من أن المحاصصات وفق الكتل وتوزيع المقاعد والعمل بآلية التفويض يؤدي إلى هيئة سياسية معطلة وهيئة عامة مغيّبة وبالتالي الوصول إلى النتيجة السابقة المتمثلة في “ائتلاف غير فاعل”. وإلى جانب الصراع على منصب رئيس الائتلاف يحتدم تنافس من مواقع أخرى منها موقع نائب رئيس الائتلاف والأمين العام، حيث تذهب هذه المواقع عادة للتمثيل النسائي أو المكوناتي.
فيما يتعلق بالتمثيل النسائي، توضح المصادر أن معظم السيدات الأعضاء تابعات لكتل رغم دخولهن مستقلات وهذه مشكلة حقيقية في التمثيل النسائي وتنميطه وإضعافه، حيث تصوت ديما موسى مع المنظمة الآثورية الديمقراطية والتي يتوقع أن تحظى بمنصب نائب الرئيس في حال فوز هادي البحرة برئاسة الائتلاف، وتصوت سلوى أكسوي مع الإخوان المسلمون، وتصوت بسمة محمد مع كتلة المجلس التركماني.
إلى جانب ذلك، تبرز رغبة هادي البحرة في ترشيح عبد المجيد بركات إلى منصب الأمين العام، وتروج أوساط في الائتلاف على أن هذا الترشيح بات بحكم المحسوم، وهو يجعل كثيرا من أعضاء الائتلاف يشتكون همسا من طغيان المكون التركماني على المناصب القيادية للمعارضة مقارنة بالوزن الفعلي والديمغرافي للسوريين التركمان وذلك بغض النظر عن مساهماتهم الناصعة في الثورة السورية.