كتب السيد نزار فجر بعريني، مشكوراً، رداً مطولاً على الجزء الأول من سلسلة مقالات “القصة الحقيقية لقانون مناهضة التطبيع مع الأسد”، المنشور على موقع غلوبال جستس سيريا نيوز”، وقد اتخذ ردّه شكل مقال نشر في موقع مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي” وغالبيته سرد لما ورد في مقالنا الأساسي ينتهي بتذييل قصير فيه بعض الأسئلة، ونحن نعيد نشر مقاله كما هو دون تدخل، مع التنويه إلى أن رد السيد بعريني لم يخرج عن أي من الأفكار التي وردت في مقالنا والتي نحت نحو الأسئلة المشروعة، لا الاستخلاصات المتغطرسة التي مارسها كثيرون بحق سورية والسوريين وثورتهم، كما أن ردّه أضاف إلى تلك التساؤلات المزيد من النقاط الهامة التي نجد أننا نتفق معه حولها، علماً أن مقالنا لم يتطرق إلى سبب المأساة السورية الذي يعرفه الجميع وربما لا يريد بعريني الاعتراف به.. لا يوجد سبب سوى وجود نظام الأسد (الوظيفي) والذي خلّف لنا العديد من الظواهر محلياً وإقليمياً ودولياً، ولا نعرف ما هو الخطأ في لفت نظر الرأي العام السوري إلى ظاهرة اللوبينغ ومنعرجاتها ومستقبلها،؟ أليس هذا هو الدور الأمين المنتظر من الإعلام والثقافة؟ أم أننا يجب أن نكذب على الناس ونخدعهم؟
إبراهيم الجبين
مقال نزار فجر بعريني
حين يخطىء المثقّف الإعلامي في تشخيص السبب الرئيسي للمأساة السورية – إبراهيم الجبين نموذجا .
نزار فجر بعريني .
2024 / 4 / 14
في مقال طويل ، مليء بتفاصيل دقيقة عن عمل نخب المعارضات السورية في واشنطن، في نجاحاتها وإخفاقاتها، يقدّم الكاتب السوري “ابراهيم الجبين” قائمة طويلة بما يعتقد انّها الأسباب الرئيسية لفشل عمل نخب اللوبيات “السورية/ الأمريكية” في واشنطن أو التي حالت دون تحوّل نجاحات البعض إلى فعل سياسي، ليصل إلى الإستنتاج بأنّ لا أمل بجدوى مشروع قانون “مناهضة التطبيع” طالما ستبقى حالة انقسام “جوقة اللوبي السوري الأميركي”، بين العازفين على “القانون” والضاربين على “الدربكة” (١).
أوّلا ،
لنتابع أبرز أسباب الفشل في سلوك ووعي نخب المعارضات ، كما عرضها الكاتب:
١يستهل الكاتب مقاله بتذكير السوريين بواجب “أن يعترفوا بتأخّرهم، تأخّرنا جميعاً، عن حِرفيّة الفعل السياسي المؤثر وعلميّته وأدواته”.
المشكلة الأولى في أسباب فشلنا المزمن نحن السوريين هي تخلّفنا في امتلاك “حرفيّة وعلميّة وأدوات ” الفعل السياسي. ولكي يبرهن على حقيقيّة هذا العامل ، يربط أسبابه ب “عشرات السنين من التصحّر وحظر العمل السياسي وتخلّف البيئة المحلية المحيطة بنا وشحّ مواردها، سواء في سورية (الداخل) التي لم يكتسب فيها أعتى المعارضين أكثر من كفاءة العناد والتمسّك بالمبادئ وتحمّل الاعتقال الطويل والحفاظ على الحد الأدنى من التنظيم في الأحزاب …..، أو في المنافي والمغتربات حيث لم يكن من بين اهتمامات السوريين ما يمكن أن يسمّى عمل “اللوبي” الضاغط.”.
٢ يستطرد الكاتب، شارحا الفارق بين حالة “اللوبيينغ ” القائمة، وموجّبات التحوّل إلى ” لوبي ضاغط”:
“وحتى صدور قانون “قيصر” عام 2020 لم يكن لدى الجالية السورية الأميركية ولا المنظمات التي حاولت تمثيلها، خبرة كافية بمعنى “اللوبيينغ” والمناصرة المهنية، وكانت غالبية جهود تلك المنظمات منصبّة على إقامة الحفلات والفعاليات الخيرية لجمع التبرعات وما يسمى بنصرة الشعب السوري من دون الدخول من الأبواب الصحيحة للتأثير في صناع القرار.”
وفي تفسير ظروف حالة ” اللوبيينغ “، يتحدث عن كون “غالبية السوريين الأميركيين هم من أصحاب الكفاءات العلمية والأطباء والمهندسين ورجال الأعمال الذين انهمكوا في تطوير خبراتهم في اختصاصاتهم، ولم يكن لديهم أي تفكير في الانشغال بالشأن العام” ، وعن حيثيات ” الدخول في الأبواب الصحيحة للتأثير في صناع القرار “، ثمّ يشير إلى ما صنعته الثورة السورية من تحوّلات ،” واعطته من فرص تغيير”. برزت بدايات هذا الانعطاف نحو التأثير في تنظيم الحضور الجماعي للجاليات وعقد المؤتمرات المعارضة غير الرسمية، للمضي بالتوازي مع نشاط مؤسسات المعارضة السورية في البعيد، في اسطنبول، أو حيث تتواجد منصات معارضة في البلاد العربية”،” إلا أنّهم لم يتمكّنوا من امتلاك خبرات كافية للعمل في حقل “اللوبيينغ” و”التأثير في صناع القرار”.
٣ يسرد لنا الكاتب قصة النجاح الاوّل في التحوّل الذي مثّله عمل” منظمة فريق الطوارئ السوري- SETF “، التي كانت “المنظمة الأولى التي عملت عكس هذا الاتجاه” ، وعن عوامله النجاح ،وأسباب فشل تحوّل نشاط النخب إلى ” فعل سياسي:..
فقد نجحت المنظمة في التحوّل إلى ” لوبي ضاغط” ،”ليس لأنها أكثر نزاهة أو أكثر حماسة وإخلاصاً للقضية السورية، بل لأن تأسيسها تم بإشراف أمناء من أصحاب الخبرات الطويلة في العمل الدبلوماسي والسياسي والحقوقي، من أمثال السفير ستيفن راب المحامي الأمريكي وسفير الولايات المتحدة السابق المتجول لقضايا جرائم الحرب في مكتب محكمة العدل الجنائية الدولية، وجيري آدامز وستيفن نيلسن الممثل الخاص الدنماركي السابق إلى الملف السوري وآخرين، وهؤلاء يدركون ضرورة توفير معطيات أساسية لا مفر من تواجدها كي تقول إنك تمارس الضغط السياسي والتأثير في مراكز صنع القرار”؛ وقد تجسّد نجاحها في تفاصيل ” عمل تخصصي وجهد وتمويل ودقة في التنفيذ للوصول إلى الهدف. وكان الطريق طويلاً وشاقاً حتى الوصول إلى تاريخ منتصف ديسمبر 2019 حين أقرَّ مجلسُ الشيوخ “قانون قيصر” وأصبحَ جُزءاً من قانون إقرار الدفاع الوطني الأميركي للسنة المالية 2020 وفقًا لتقرير مجلس النواب 116-333 بعد توقيع الرئيس السابق دونالد ترامب عليه”؛ كما “تطلّب الوصول إلى “قانون قيصر” خمسة أعوام من العمل الدؤوب، بدأ من نقطة أساسية رعتها ونفذتها منظمة SETF شخصياً، وكانت إحضار الشاهد “قيصر” إلى الولايات المتحدة وإلى مجلس النواب والكونغرس والذي سوف يعتبر الورقة الرابحة بيد صنّاع القانون والمشرعين الداعمين له” ، وقد تمّ توثيق الحدث الاستثنائي في ” ظهوره… في جلسة رسمية لمجلس النواب عن الشؤون الخارجية في واشنطن 31 يوليو/تموز 2014…
٤ أمّا عن هدف هذا الجهد الغير مسبوق، حتّى في الحالة العراقية، فقد أوضحه السيد ” معاذ مصطفى”، رئيس المنظمة، في برنامج “60 دقيقة” واسع الانتشار، و” قال إنه تلقّى آلاف الصور لمدنيين تعرضوا للتعذيب حتى الموت … زوّده بها مصورٌ عسكريّ اتخذ لنفسه اسماً مستعاراً هو “قيصر” …..وقام بمشاركتها ليراها العالم، وأكّد أنّه ” يعمل مع منظمته على جمع وتقديم المزيد من الأدلة للمحاكمات “،” و لمساعدة الأفراد والأبطال مثل قيصر وآخرين” وأنّ عملهم ” لن يتوقف…..وطالما قيصر والشعب السوري صامدون فسوف تسود العدالة”.
٤في هذه المرحلة من العرض ، تساؤلات مشروعة تطرح نفسها :
أين العدالة، في نتيجة كلّ هذا الجهد العظيم ؟ لماذا لم تفلح جهود المنظمة ، والكونغرس ، وذهب توقيع الرئيس ” أدراج الرياح “؟ مَن الذي يتحمّل مسؤولية هدر تلك الجهود الكبيرة ، وما قدّمته من أدلّة ؟.
أساب الفشل في الوصول إلى العدالة المرجوّة، رغم كلّ هذا الجهد، شرحها الكاتب بالتفصيل :
لنتابع :
أ-“خلال تلك السنوات الخمس، تشكلت “جوقات”، لا تلتزم بضوابط سياسية مبدئية، بل اعتقدت أن التحشيد والتنظيم كافيان لخلق “اللوبي الموعود”، ما لبثت أن اعتبرت نفسها ممثلة للجالية السورية الأميركية، بعضها بسبب اغترابه الطويل وعمله على جمع التبرعات للعمل الخيري لسنوات عديدة، وبعضها بفعل انشغاله في مؤسسات المعارضة السورية، أو في أحزاب وجماعات تقليدية مثل الإخوان المسلمين أو غيرهم، وكل ذلك يمكن اعتباره جزءاً من التمرّن على العمل الجماعي، بما قد يعتريه من أخطاء وهنات وعثرات بعضها شديد السذاجة وبعضها يعكس ذهنية بسيطة يحاول أصحابها الظهور من خلالها كفاتحين ومنقذين للقضية السورية.”
ب-” نسب كثيرون إلى أنفسهم الفضل في دعم قانون قيصر، والدفع به والتشجيع على تبنيه، محاولين احتكار النجاح لصالحهم …ونبذ أي جهود علمية تم تقديمها من العازفين على آلة “القانون” بما فيه من صعوبات تقنية وتعقيدات تتطلب بمهارات عالية للتحكم بـ 78 وتر فيه…”
ثانيا ،
في متابعة تفاصيل المقال ، لانجد صعوبة في الإستنتاج أنّ السبب الرئيسي لعدم نجاح جهود اللوبي في التحوّل إلى فعل سياسي ، يدفع ” الإدارة” لاتخاذ خطوات عملية وفعالة لتحقيق ما تصبو إلية شخصيات ” المنظمات الأمريكية” و جميع السوريين، على طريق العدالة الانتقالية، رغم ما تملكه من قرائن، لاتقارن بعدم مصداقية مبررات غزو العراق، هو خلافات السوريين، وتصارع اللوبيات على “احتكار النجاح لصالحهم ” ؛”، وقد بات كما يبدو في رأي الكاتب ” سلوكا متأصّلا لصناعة الفشل ،( تماما كما كان في رأي البعض ” عفن الثقافة المتأصل ” سببا لصناعة “الإرهاب الإسلامي” )، يبيّن ما سنشهده مجدّداً عشيّة إقرار مجلس النواب الأميركي لقانون “مناهضة التطبيع …”.!!
يعني ما كو أمل !
أعتقد أنّ التساؤلات الرئيسية التي فشل السيد الجبين في إعطاء أجوبة مقنعة عليها :
أين العامل الرئيسي في مصالح وسياسات الإدارات الأمريكية الذي جعل من “خلافات السوريين” عاملا أساسيا في عدم الفعل ؟
لماذا يفشل السوريون في تحويل نشاطهم إلى فعل سياسي أمريكي، وقد نجح نظرائهم العراقيون في الوصول إلى قلب بغداد، على متن الدبابات الأمريكية، ولم يقدّموا ما حققته منظمة “فرقة الطوارئ السورية ” لوحدها ؟
هل كانت جهود وقرائن غزو العراق التي قدّمتها مجموعة “لوبي” أحمد الجلبي” (” عرّاب ومهندس” الإطاحة بصدام حسسن)أكثر إقناعا؟ ولماذا تمّ استبعاده ،وحزبه الوطني ، إذا ؟
١ ما هي طبيعة المصالح والسياسات الأمريكية في الأسباب الرئيسية لفشلنا ؟
الجواب بسيط ، ويحتاج إلى القليل من المحاكمة السياسية العقلية، في ضوء وقائع السيطرة التشاركية القائمة :
العامل الفارق الذي فشلت جهود السيد الجبين في تشخيص طبيعته، (ويفسّر حالة الفشل المعنّدة في جهود اللوبيات السورية وغيرهم من نخب المعارضات، ونضال السوريين منذ ربيع ٢٠١١، للوصول إلى إنتقال سياسي)، يرتبط بمصالح وسياسات الولايات المتّحدة، التي كانت تتوافق في عراق١٩٩١ ٢٠٠٣ مع رغبة وجهود اللوبيات العراقية بإزاحة نظام” صدام حسين”، ومع أهداف وسياسات مشروع “تصدير الثورة الخمينية- الحركيّة” في” إسقاط الدولة العراقية” التي فشلت في إنجازها حرب ” الثمانية سنوات” “، وهي التي جعلت من الصراع على السلطة السورية مسارا مختلفا ، حيث نجح تقاطع سياسات ، وتكامل جهود واشنطن/ طهران في توفير نفس ظروف سيطرة تشاركية على العراق، دون الحاجة إلى تغيير سلطة النظام، ” ، بل وكان الحفاظ عليها طيلة مراحل الخَيار العسكري، والعمل على إعادة تأهيلها في مرحلة التسوية السياسية، من أهمّ أسباب نجاح السياسات الأمريكية ، وفشل الجهود النخبوية لتحويل ” اللوبيينغ” إلى” لوبي فاعل “!
هو الفارق النوعي الذي يتجاهله الكاتب، وجميع تعبيرات الوعي السياسي والثقافي النخبوي المعارض، والذي يجعل من ” قصته” لأسباب الفشل اللوبّيّ غير حقيقية، طالما تتجاوز العامل النخبوي السوري، بنجاحاته وإخفاقاته، و ترتبط في هذه المرحلة بطبيعة سياسات واشنطن في إطار التسوية السياسية السورية وفي سياق صيرورة التطبيع الإقليمي، التي تجعل من ما تطرحه واشنطن من إجراءات ضدّ سياسات النظام مجرّد أوراق ضغط لتحقيق سياسات أمريكية، لا ترتبط ابدا بتحقيق أهداف الحل و الانتقال السياسي ، و تتناقض بالتالي مع مسارات و آمال رفع “الظلم” عن السوريين، وتحقيق العدالة ، بمفهومها القانوني الخاص، او السياسي ، في قضية السوريين المركزية- العدالة الانتقالية!
ثالثا
لماذا يفشل المثقّف السياسي النخبوي في إدراك الفارق بين الجوهري والعَرضي في أسباب المأساة السورية ؟
١ كيف نفهم هدف وتوقيت ” قانون قيصر” خلال ٢٠٢٠ أو إلإقرار الأوّلي لقانون “مناهضة التطبيع” في الكونغرس اليوم؟ هل هي “ورقة” جديدة في جهود الكونغرس الداعمة لسياسات الإدارة”، تُضاف إلى ” دفتر أوراق قانون “مكافحة المخدرات” في أيلول/ سبتمبر ، ٢٠٢٢، وقانون ” الكبتاغون” في تموز ، يوليو ٢٠٢٣،؟ هل يتجاوز هدفها “منح الحكومة الأمريكية صلاحيات جديدة لوضع المزيد من الضغوط على النظام السوري”؟ ولماذا تريد الإدارة وضع المزيد من الضغوط على حكومة النظام ؟ ما هي الأهداف السياسية التي تسعى لتحقيقها؟ وما هي الأسباب السياسية التي تجعلها تكتفي بأوراق ضغط ” ليّنة ” و لا تستخدم أدوات ضغط أكثر ردعا، وهي القادرة على تحشيد الأساطيل، وتجييش الحلفاء …وأكثر .. !!
٢ هل تُعطي عوامل السياق المتواصل في مرحلة التسوية السياسية منذ مطلع٢٠٢٠ قانون “مناهضة التطبيع”٢٠٢٤ أهميّة أكثر مما أعطت قانون قيصر، ٢٠٢٠ ، ولم تكن تتجاوز وظيفة “ورقة ضغط” من أجل تحقيق أهداف سياسات أمريكية راهنة ؟
من هنا ، يتوجّب علينا معرفة طبيعة سياسات واشنطن وعوامل سياقها.
السياق يرتبط بمشروع التسوية السياسية التي أطلقتها واشنطن وموسكو في مطلع ٢٠٢، وباتت خلال ٢٠٢٣ ذات طابع أمريكي أحادي ؛ والسياسات ترتبط بسعي الجهود الأمريكية لتسريع خطوات وإجراءات التسوية السياسية ، خاصة على صعيد ملف العلاقات الصعبة بين النظام وقسد ، وبين النظامين التركي والسوري، وقسد . في التفاصيل :
إذ يواصل النظام السوري وقسد تجاهل رغبة ومصلحة واشنطن في ضرورة الوصول إلى تفاهمات صفقة شاملة حول تقاسم السلطة والثروة في مناطق الحصّة الأمريكية، وما يعززها من خطوات متزامنة ومتساوقة مع النظام التركي على الصعيد القسدي ، و السوري العام، تغضّ واشنطن النظر عن استمرار الهجمات العدوانية التركية على مناطق قسد( وربّما تجد فيها” أوراق ضغط” ) ، ويؤكّد فورد أنّ إدارات بلاده المتعاقبة لم تقدّم تطمينات حماية لقسد؛ بينما لا تجد واشنطن ما تستخدمه من أوراق ضغط ضد النظام السوري إلّا ما يشرّعه مجلس شيوخها، ويتمّ تحويله إلى الأرشيف، بعد أن تنتهي خلافات و مهرجانات انتصار “اللوبيات السورية” وشركائهم في مواقع معارضة النظام، الناشطة في الفضاء الأوروبي؛ علما أنّ نجاح أوراق الضغط في تحقيق أهدافها يضرّ بمصالح السوريين المشتركة، طالما تصبّ في خدمة تحقيق أهداف مشروع التسوية السياسية الأمريكية، التي تتناقض في السياق والصيرورة مع روح القرار ٢٢٥٤، و أمل وتضحيات السوريين، ومصالحهم المشتركة في حصول انتقال سياسي، بات الطريق الوحيد لحماية مقوّمات الدولة الوطنية السورية.
نعم ، يا سيّدي ، إذا كان يجب “على السوريين أن يعترفوا بتأخّرهم، تأخّرنا جميعاً، عن حِرفيّة الفعل السياسي المؤثر وعلميّته وأدواته، مثل تأخّرنا التكنولوجي في مجالات عديدة” ،فعلى النخب السياسية والثقافية التي تعمل أقلامها على صناعة رأي عام سوري أن تدرك وتعترف أنّ تجاهل حيثيات وعوامل سياق الاحداث، المرتبطة مباشرة بمصالح وسياسات القوى الفاعلة ، خاصّة عندما تتعلّق بدولة عظمى، واستراتيجيات سيطرة هيمنة إقليمية، لن يقدّم سوى مساهمة في صناعة رأي عام غير مطابق لحقائق الواقع، وفي تعزيز عوامل تخبّط السوريين وتفتيت الصف الوطني.