أعلن النظام السوري يوم الخميس، تعرُّض الكلية الحربية في حمص لهجوم جوي بعد انتهاء حفل تخريج دورة جديدة من الضباط، ما أدى إلى وقوع 89 قتيلاً ومئات الجرحى.
وحمل النظام السوري على الفور مَن وصفها بـ “التنظيمات الإرهابية” و”الجماعات المسلحة المدعومة من جهات دولية” مسؤولية الوقوف وراء الهجوم.
وجاء الهجوم بعد عشرين دقيقة من مغادرة وزير دفاع النظام السوري علي محمود عباس، الذي كان يحضر حفل تخريج دفعة جديدة من الضباط.
وقالت وسائل إعلام النظام السوري: إن طائرات مسيّرة استهدفت الكلية الحربية في حمص بعد انتهاء حفل تخريج دورة ضباط، ما أدى إلى وقوع عدد كبير من القتلى والجرحى.
وذكرت وكالة “سبوتنيك” الروسية أن الهجوم استهدف أحد مباني كلية العلوم الحربية عبر طيران مسيّر تابع لـ”المجموعات المسلحة”.
ونفى مصدر عسكري في هيئة تحرير الشام التي تسيطر على مناطق إدلب وريفها شمال سورية لموقع غلوبال جستس سيريا نيوز مسؤوليتهم عن الهجوم قائلاً: “يعيش النظام المجرم حالة فلتان على مختلف الأصعدة اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، وتسيطر في مناطقه العديد من الميليشيات والدول والجهات ذات المصالح المتضاربة منها إيران وروسيا والمليشيات الطائفية متعددة الجنسيات، هذه الأخيرة تعيش فيما بينها حالة صراع دائم حول النفوذ والعوائد المادية”.
وأضاف المصدر” مما اعتاد عليه النظام المجرم أن ينتقم من المدنيين العزل في المناطق المحررة ويوجه لهم ولثورتهم التهم الكيدية، عند وقوع أي حدث وفشل ضمن مناطق سيطرته، الأمر الذي تكرر حتى في قصف إسرائيل لمواقعه”.
وأشار المصدر أن النظام السوري بدأ شن حملة قصف مكثفة على مناطق ريف إدلب وريف حلب فيما قامت وحدات المدفعية والصواريخ في الهيئة باستهداف مركز لمواقع النظام السوري العسكرية ثأراً للضحايا المدنيين.
وتقع الكلية الحربية على الطرف الشمالي الغربي لمدينة حمص على مقربة من حي الوعر الذي سيطر النظام السوري عليه بشكل كامل عام 2017.
وتجاورها من جهة الغرب كلية الإشارة، وكلية المدرعات، إضافة إلى كلية الشؤون الفنية، وجميعها تُعتبر ثكنات عسكرية عزز النظام السوري من وجوده فيها بشكل أكبر خلال السنوات الماضية.
سليمان محمد ناشط إعلامي يعيش في مدينة حمص يؤكد أن المناطق التي تحيط بالكلية الحربية يسيطر عليها النظام السوري أمنياً بشكل كبير، ويحيط بها الكثير من الأحياء الموالية له، بينما الأحياء التي كانت تتركز فيها المعارضة مجردة من السلاح تماماً، ولا يوجد فيها أي حركات مناوئة له.
وأضاف في حديث لموقع غلوبال جستس سيريا نيوز إن المنطقة يوجد بها حركات طيران مسير بشكل شبه يومي، ويتبع القوات الإيرانية كون المدينة خاضعة لسيطرة ميليشيات يتم دعمها من قبل إيران، وخلال تخريج الدورة كان هناك مسيرات إيرانية في الأجواء وعلى الأرجح هي التي قصفت المكان.
ويشير في حديثه إلى أن هناك أصواتاً داخل المدينة تتهم إيران باستهداف خريجي الكلية، ولكن الخوف من دحض الرواية الرسمية باتهام فصائل المعارضة بالقصف هو ما يمنعهم من التحدث بشكل علني.
بدوره، يخالف الناشط الإعلامي سليم الفيصل الرأي مع سليمان محمد حول دور المليشيات الإيرانية معتبراً أن مناطق السيطرة في حمص متداخلة وهناك قوى عديدة متصارعة ويمكن أن يكون لها يد في قصف الكلية الحربية.
وأضاف في حديث لموقع غلوبال جستس سيريا نيوز بأن هناك الفرقة 25 في قوات النظام السوري وهي تملك تدريبا قويا من قبل روسيا، وتملك معدات حديثه وطائرات مسيرة ويمكنها أن تستهدف الكلية الحربية لأن هناك حالة صراع بينها وبين قوى موالية لإيران في مناطق حمص وحماة وحلب.
ولفت في حديثه بأن ما يتم تداوله من قبل بعض الموالين للنظام بأن ما جرى هو لعبة مخابراتية لشحن ذوي الضحايا، وتبرير أي هجوم أو عمل عسكري تجاه مناطق شمال غرب سوريا وكذلك محاول كسب مقاتلين جدد وزجهم على جبهات القتال.
واستبعد كثير من المحللين والخبراء العسكريين استهداف قوات المعارضة السورية أو تنظيم الدولة للكلية الحربية في حمص، وذلك بسبب ابتعاد الفصائل والتنظيم مئات الكيلومترات عن مدينة حمص وعدم امتلاكهم لتقنيات حديثة تمكنهم من اختراق وسائل الدفاع الجوي المعززة ضمن مدينة حمص.
العقيد المنشق عن قوات النظام السوري والمحلل السياسي مصطفى الفرحات أكد أن المواقع العسكرية التابعة للنظام تسيطر عليها القوات الإيرانية بشكل شبه كامل، لذلك فإن اتهام النظام للمعارضة بقصف الكلية الحربية بإيعاز إيراني للتغطية على فعلتها، في حين أن ذوي ضحايا الكلية الحربية لم تنطلي عليهم دعاية النظام وباتوا يكذبونه بالعلن.
وأضاف في حديث لموقع غلوبال جستس سيريا نيوز أنه حتى لو أن المعارضة امتلكت هذا النوع من الطيران الحديث والذي يملك تذخير وذاكرة تكنولوجية قوية ويستطيع تمييز الأهداف، فلا يمكنه الوصول لحمص بسبب وجود رادارات ووسائل دفاع جوي إيرانية وسورية في المنطقة.
واعتبر أن الهدف من هذا القصف هو تحشيد حاضنة النظام الشعبية بأنه ليس هناك خيار سوى المواجهة، وأن وجود رئيس النظام السوري بشار الأسد هو صمام أمان للموالين في مناطق سيطرته وذهاب يعني ضياع الطائفة.
وكردّ انتقامي، كثفت قوات النظام السوري من قصفها على المدن والقرى المكتظة بالسكان واللاجئين وسط مدينة إدلب وبالقرب من الحدود مع تركيا.
واستهدفت قوات النظام وسط مدينة إدلب التي تُؤوِي مئات آلاف السكان والنازحين ما تسبّب بسقوط عشرات القتلى والجرحى ونزوح عشرات العوائل.
كذلك استهدفت قوات النظام السوري مدينة ترمانين بالقرب من الحدود من تركيا، والتي تكتظّ بالسكان والمهجَّرين، ما أدى إلى سقوط ضحايا بين المدنيين.
العميد المنشق عن قوات النظام السوري محمد الخالد يؤكد بأن هناك عدة احتمالات لقصف الكلية الحربية وهي انطلاق طائرة مسيرة تتبع لقوات التحالف الدولي في منطقة التنف والتي يسيطر عليها فصيل مغاوير الثورة لقتل عناصر النظام، حيث يمتلك الأمريكان تقنيات حديثة تساعدهم على الذهاب لمسافات بعيدة دون كشفها عن طريق الرادارات.
وأضاف في حديث لموقع غلوبال جستس سيريا نيوز “أعتقد بأن الاحتمال الثاني وهو الأقرب للواقع هو أن ما جرى في الكلية الحربية بمثابة تفجير وليس استهداف بطائرة مسيرة لأنه لم نجد أي حطام لطائرة مسيرة لذلك ربما تم وضع مواد متفجرة قبل انطلاق الحفل وتم تفجيره وهذا يأتي في سياق الصراع الروسي-الإيراني”.