خاص – بهية مارديني
رغم الرسائل الإيجابية لتصريحات المسؤولين الأتراك حول التقارب مع النظام السوري والموافقة الروسية التي حملتها زيارات المسؤولين الأخيرة إلى دمشق، إضافة إلى ما خلص إليه اجتماع أستانا السابق الذي جاء في بيانه الختامي “ضرورة مواصلة الجهود لإعادة العلاقات بين سوريا وتركيا على أساس حسن الجوار من أجل محاربة الارهاب”، دون أي تطبيق لهذا البند.
رغم كل ذلك لم نجد أي جديد في هذا الملف وفي محاولة للإجابة على هذا السؤال وتفكيك إشارات استفهام في أسباب رفض النظام حتى الآن التقارب مع تركيا رغم أن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان وجه أكثر من رسالة إيجابية وقال إن: “الأولوية الآن هي منع نشوب صراع جديد بين النظام السوري والمعارضة”، وأن “الجميع متمسك بمواقفه، وهناك صورة رسمناها في إطار اتفاق أستانا، ومن المهم حمايته”، ولكن استمر النظام في ضرب عدة مناطق تخت سيطرة المعارضة ضارباً عرض الحائط بأي ترتيبات.
ومن دراسة سريعة للموقف نستطيع أن نقول إنه في حال تصالح النظام مع تركيا فهو سيدفع ضريبة إعادة نحو أربعة ملايين لاجىء وهي فاتورة ضخمة لن يستطيع تحملها وهو النظام الذي يفرح بالتخلص من شعبه ولا تتسع سجونه له.
كما أن النظام في حال التقارب مع تركيا عليه محاربة قسد وهو لا يريد إغضاب الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعوه الى الوحدة مع قسد، الأمر الذي أكده تقرير المونيتور مؤخراً إذ أن واشنطن اقترحت على قسد الدخول في شراكة مع النظام السوري في القتال ضد تنظيم داعش وذلك مع عودة الحديث عن ما قيل إنه انسحاب حتمي ووشيك للقوات الأمريكية من سوريا.
وكل ذلك يصطدم مع حقيقة أنه ليس للنظام أي استراتيجية واضحة في اللقاءات المباشرة وغير المباشرة مع أي جهة عموماً ومع الجانب التركي خصوصاً، والنظام مشغول بترتيبات الوضع الداخلي سياسياً لصالح أسماء الأسد وحافظ الأسد الابن، واقتصادياً عبر آخر فصول مراحل الصراع بين عائلتي مخلوف والأخرس لتجريد العائلة الأولى من كل شيء لصالح العائلة الثانية ما أدى إلى صدمة حادة بين صفوف السوريين الموالين والتي عبروا عنها بطرق مختلفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتمّ اعتقال سامر رجب المتزوج من إحدى قريبات الأسد، بسبب شتمه أسماء على صفحته في الفيسبوك لكن من غير المعروف كم عدد الموالين الذين تم اعتقالهم لحديثهم عن جشع عائلة الأخرس دون الاهتمام بأوجاع السوريين ومحاولة تطببيها أو لاصطدام العائلة في مواجهة مصالحهم والسيطرة عليها لتأتي العقوبات على فراس الأخرس شقيق أسماء دليلاً بحسب حيثيات القرار على حجم الانتفاع الذي حققته العائلة دون معرفة أين تذهب الأموال السورية اليوم وكيفية غسلها وأين تذهب الأموال التي يصادرها النظام من رجال الأعمال!.
ولا يحب أن ننسى أن النظام مشغول أيضاً في ترتيب بيته الداخلي أمنياً وبرز هذا جلياً في تغييرات في المراكز الاستخباراتية، فضلاً عن ذلك فالنظام يشعر بالقلق من الوضع الإقليمي ويخشى أن تتطور الأمور إلى ما ينعكس على بقائه بعد حالة الاطمئنان النسبي التي عاشها لفترة.
و لا يعلم أحد على وجه التحديد من هو صاحب القرار لدى النظام السوري فهل قرار التقارب مع تركيا بيد إيران أو روسيا أو بشار الأسد أو زوجته أسماء، إضافة إلى ما عهدناه من النظام من بطء في اتخاذ القرارات.
ويرجح نشطاء أن النظام هو أكبر خطر ليس فقط على تركيا ولكن على الدول المجاورة والإقليمية وأن موضوع إعلان أو تسريب وفاة ضباط بارزين ليست فقط لإثارة الفوضى ولصرف الانتباه أو على سبيل اللهو والتلهية، بل هي محض أكاذيب إذ يقول النشطاء في الداخل إن هذا ليس بالأمر الجديد فقد دأب عليه النظام في عهد الأسد الأب والابن إذ يعلن وفاة ضباط بينما هم لم يتوفوا بل تم منحهم هويات وجوازات جديدة ليسافروا مندسين بين صفوف التنظيمات ويشكلوا تهديداً للدول المجاورة ومنها تركيا عبر التحرك ضدها في أكثر من عملية قد تستهدف أمنها مع ملاحظة أن النظام لم يترك دولة إلا وامتدت عملياته إليها في أكثر من شكل ومنها المخدرات أيضاً حتى أن الأردن عبر عن رفضه لما اعتبرها “إيحاءات” بأن أراضيه “كانت معبراً للإرهابيين”، واتهم النظام السوري بأنه لم يتخذ أي إجراء “حقيقي” لتحييد خطر التهريب نحو المملكة.