عائشة صبري – غلوبال جستس سيريا نيوز
أقام ناشطون إعلاميون، اليوم السبت الثالث من شباط/فبراير، فعالية ثورية في مدينة إدلب شمال غربي سوريا، إحياءً للذكرى 12 لارتكاب نظام الأسد مجزرة حي الخالدية في مدينة حمص وسط البلاد، والتي تعد المجزرة الأولى من نوعها في تاريخ الثورة السورية.
وفي تصريح خاص لموقع “غلوبال جستس سيريا نيوز” أفاد الناشط الإعلامي، طلال اللوش – أبو علاء الحمصي، أحد الناشطين الإعلاميين من حي الخالدية ومنسق الفعالية، بأنَّها تتضمن رسم جدارية خشبية تجسّد حادثة المجزرة قرب دوار الساعة في مدينة إدلب للفنانين التشكيلين عزيز أسمر وأنيس حمدون، لتوجيه رسالة من خلال الرسمة مفادها التذكير بأول مجزرة من نوعها في حمص والثورة السورية.
وأضاف “أبو علاء” أنَّ الفعالية تتضمن أيضاً وضع مجسم لساعة حمص الجديدة التي باتت رمزاً من رموز الثورة بعد ارتكاب النظام مجزرة لفض اعتصام أهالي حمص السلمي، وذلك قرب ساعة إدلب.
كذلك يتخلل الفاعلية رفع لافتات وشعارات تتضمن جملاً مكتوبة عن مجزرة الخالدية وجرائم النظام بحق الشعب السوري، خلال وقفة لنشطاء الثورة السورية المهجّرين من حمص وبقية المحافظات السورية، إضافة إلى الاستماع إلى أنشودة حزينة تتعلق بالمجازر في مدينة حمص تطلق لأول مرة يشدوها المنشد الحمصي ماجد الخالدي (أبو هاجر).
أهمية الفعالية الثورية
تأتي أهمية الفعالية الثورية، حسب الناشط “أبو علاء”، للتذكير بملف الجرائم ضد الإنسانية خاصة المجازر الطائفية التي ارتكبها نظام الأسد وميليشياته بحقّ المدنيين والمتظاهرين السلميين، وبأنَّ المجرم ما يزال طليقاً، فالزمن لا يُنسي الجرائم التي لا تسقط بالتقادم. مشيراً إلى أنَّ الخطة القادمة لنشطاء الثورة هي إحياء ذكرى المجازر عبر فعاليات مماثلة في مناطق إدلب وحلب.
وأكمل قوله: إنَّ الذكرى “مهمة ومؤلمة” لحمص خاصة وسوريا عامة، كونها أول مجزرة طائفية عسكرية حيث تم قصف حي الخالدية الذي تعداد سكانه يقارب المئة ألف نسمة بقذائف الهاون من قبل حواجز النظام المتمركزة في الأحياء الموالية ذات الغالبية العلوية والشيعية أبرزها حيي الزهراء ووادي الذهب، وفي فرع المخابرات الجوية.
أسباب ارتكاب ميليشيات الأسد لارتكاب مجزرة الخالدية
يمكن تلخيص الأسباب والدوافع لارتكاب المجزرة وفق ما يلي:
إيقاف المظاهرات السلمية ودفع الشباب إلى التسلّح، لتبرير عمليات قتل المدنيين وتهجيرهم والتنكيل بهم، بما أسماه النظام “الحرب على الإرهاب”.
غضب بشار الأسد من المتظاهرين الذين ذكّروا السوريين والمجتمع الدولي بمجازر أبيه حافظ وعمه رفعت في مدينة حماة بتاريخ 2 شباط 1982كون مجزرة الخالدية وقعت في ذات يوم مظاهرات جمعة “عذراً حماة سامحينا”، وتجدّدت المظاهرة مساءً في حي الخالدية.
حي الخالدية في وقت حدوث المجزرة كان مركز المظاهرات في مدينة حمص وكان الشهيد عبد الباسط الساروت يقود المظاهرات وتظهر معه أحياناً الفنانة العلوية الراحلة فدوى سليمان.
حي الخالدية كان يُمثل قلعة الثورة في مدينة حمص من خلال المظاهرات والنشاطات الثورية بشكل شبه يومي، لا سيّما إقامة اعتصامات أسبوعية عبر جلوس الأحرار في خيم وإنشادهم لأغاني الثورة وإقامتهم لمجسّم لساعة حمص الجديدة في “حديقة العلو” (الساحة المخصصة للمظاهرات).
انشقاق عدد من عناصر حاجز “دوار القاهرة” التابع لجيش النظام في حي البياضة القريب من الخالدية واتجاههم إلى حي الخالدية.
وفي هذا السياق يقول مدير المكتب الإعلامي لتنسيقية حي الخالدية، طارق بدرخان (أبو الفداء) في تصريح خاص لموقع “غلوبال جستس سيريا نيوز”: إنَّ الموقف الإنساني كان صعباً ومؤثراً جداً بالنسبة إليه ولزملائه النشطاء الذي غطوا المجزرة، وذلك لأنَّ عدد من رفقاهم كانوا في عداد الشهداء حيث كان يصعب عليهم التعرّف على بعض الضحايا لتشوهات الوجه من الإصابة، فكانوا يصورون ويبثون المباشر على القنوات العربية وهم يبكون.
معلومات خاطئة وروايات مغلوطة متداولة
ويشير “بدرخان” إلى أهمية التوثيق ودور الإعلام في نقل أحداث المجزرة بشكل مباشر، حيث وقع أخطاء في نقل أرقام الشهداء وكيفية حدوث المجزرة، مؤكداً أنَّ عدد الشهداء الموثقين بالاسم 52 شخصاً، إضافة إلى عشرات الجرحى بينهم نساء وأطفال.
ويعيد أسباب تناقل عدد الشهداء بالمئات إلى وقوع الكثير من الجرحى حيث اكتظ المستشفى الميداني الذي هو عبارة عن مستوصف قرب مدرسة يوسف العظمة في شارع عمر الخيام بحي الخالدية، إضافة إلى نقل عدد من الجرحى إلى مسجد الإيمان، ومساجد الحي نادت على المنابر للمسارعة بالتبرع بالدماء، فالخوف كان شديداً جداً، كونه لأول مرّة يحدث هكذا قصف على المنازل ومكان تمركز المظاهرات في حديقة العلو، فالصدمة جعلت النشطاء المتواجدون خارج الحي تنقل أرقام الضحايا بدون وعي، كما أنَّ تنسيقية الخالدية لم تنشر إحصائية وقتها.
ومن المعلومات الخاطئة هي “حصار جيش النظام لحي الخالدية بالدبَّابات، ودخول الميليشيات الطائفية إلى الحي وذبحت عائلات بأكملها في المنازل، وتسبَّب القصف المدفعي بانهيار مبانٍ بأكملها”. في الحقيقة -يوضح “بدرخان”- أنَّ النظام لم يحاصر الحي بالدبابات ولم تدخل ميليشياته الطائفية إلى المنازل لتذبح المدنيين، يبدو هناك خلط مع مجزرة حي كرم الزيتون التي وقعت قبل أسبوع في 26 يناير/كانون الثاني 2012.
ويضيف الناشط الإعلامي، ومن أبرز تلك المعلومات الخاطئة هي أنَّ “القذيفة الأولى سقطت على منزل لعائلة “وشاح” وقضى منهم ستة أفراد”، لكن في الحقيقة القذيفة سقطت بعيدة عن منزل العائلة بمسافة 200 متر قرب حديقة العلو (ساحة المظاهرات) ولم يوثق وقوع ضحايا من هذه العائلة.
يذكر أنَّ حي الخالدية القريب من أسواق مدينة حمص القديمة والحديثة، والذي تأتي أهميته التاريخية من وقوع ضريح ومسجد الصحابي الجليل “خالد بن الوليد” فيه ما يزال يشهد تهميشاً من قبل نظام الأسد الذي سيطر عليه، قبل 10 سنوات، وما تزال آثار الدمار في أرجائه شاهدة على مجازر وبطش نظام الأسد فيه.