عماد كركص-العربي الجديد
بدا مشروع القانون الأميركي الجديد حيال سورية، والذي أطلق عليه اسم قانون الأمل لسورية في طريقه للنفاذ، بعد نجاح منظمات وجماعات الضغط السورية بدفع من مشرعين أميركيين في إضافته إلى قانون ميزانية الدفاع الأميركية، من خلال ملحق تعديل قانون تفويض الدفاع الوطني الأميركي المقدم إلى غرفة النواب في الكونغرس. ومن المتوقع إضافة نسخة من الملحق نفسه إلى قانون الدفاع عند تقديمه للتصويت في غرفة الشيوخ في الكونغرس الأميركي.
مشروع قانون الأمل لسورية
وجاء مشروع قانون الأمل لسورية الجديد المقدّم من كل من المنظمة السورية للطوارئ (SETF)، و”مواطنون من أجل أميركا آمنة ومستقرة” (C4SSA)، ومنظمة غلوبال جستس، بدعم من النائب جو ويلسون (من الحزب الجمهوري). وحصلت “العربي الجديد” على مسودة المشروع المتضمن مجموعة من الأحكام المتعلقة بسورية، وهي “تطوير استراتيجية لحماية الولايات المتحدة والقوات الأميركية في حامية التنف في سورية (قاعدة للتحالف الدولي عند مثلث الحدود السورية – الأردنية – العراقية) من تهديد المليشيات المدعومة من إيران، وتنظيم داعش، وروسيا الاتحادية، ونظام الأسد”. كما تضمّنت “استمرار وتوسيع التعاون بين عملية العزم الصلب (اسم العملية العسكرية الأميركية ضد داعش) والمنظمات غير الحكومية لتوفير المساعدات الأساسية للمدنيين في مخيم الركبان”، الواقع في منطقة الـ55 كم عند الحدود السورية – العراقية – الأردنية، وتلك منطقة تضم قاعدة التنف.
وشملت البنود الملحقة بمسودة القانون الجديد “إعداد تقرير عن تعاون نظام الأسد ودعمه وعلاقاته بتنظيم داعش، ودور النظام في الهجمات على القوات الأميركية”، و”وضع استراتيجية لتعطيل وتقليل التهديدات التي تشكلها المليشيات المدعومة من إيران على الأمن القومي للولايات المتحدة في سورية”، إلى جانب “إعداد تقرير ووضع استراتيجية لاستخدام السلطات الحالية لمواجهة دعم روسيا المنظمات الإرهابية الأجنبية، المصنفة إرهابية عالمية في سورية”، بالإضافة لـ”حظر الاعتراف أو التطبيع مع نظام الأسد”.
واعتبرت المنظمات في بيان بتاريخ 22 مايو/ أيار الحالي، عقب موافقة لجنة الدفاع في مجلس النواب الأميركي على تضمين التعديل في مشروع قانون الدفاع، أن إقرار هذا التعديل هو “خطوة حاسمة لتحسين تقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين في مخيم الركبان، وتعزيز حماية القوات الأميركية في المنطقة”. وأشارت إلى أن إدراج بند حول عدم اعتراف الولايات المتحدة بنظام الأسد حكومةً شرعيةً في سورية، هو تعزيز لـ”موقف الولايات المتحدة الرافض لتطبيع العلاقات مع هذا النظام”.
وساهم في صياغة ورعاية التعديل نواب أميركيون من الحزبين الديمقراطي والجمهوري وعلى رأسهم ويلسون وسيث مولتون (ديمقراطي) ومارك فيزي (ديمقراطي). وفضّل ويلسون، الذي تواصلت معه “العربي الجديد”، عدم الحديث عن تفاصيل مشروع القانون، لكونه موضّحاً في المسودة، لكنه وجّه كلمة إلى الشعب السوري قال فيها: أنتم لستم منسيين. لن نتوقف حتى تتحقق العدالة لملايين السوريين الذين تعرضوا للمعاملة الوحشية على يد نظام الأسد الفاسد وداعميه في موسكو وطهران”. ولفت إلى أن “روح الشعب السوري الذي يسعى إلى الحياة السلمية والحرية لا تنكسر”.
وكان من المفترض تضمين مشروع قانون الأمل لسورية بنوداً لتمديد قانون قيصر للعقوبات (فرض عقوبات اقتصادية وقيود على السفر على المتعاملين مع نظام الأسد)، إذ إن مفاعيله مستمرة حتى نهاية العام الحالي، لكن تلك البنود سُحبت من نسخة مشروع القانون قبل تقديمها إلى لجنة الدفاع في مجلس النواب.
تمديد قانون قيصر
وفي هذا الصدد، أشار مدير منظمة مواطنون من أجل أميركا آمنة ومستقرة بكر غبيس، في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى أن هناك بنوداً أخرى استُثنيت، وليس فقط البنود المتعلقة بتمديد قانون قيصر، عازياً السبب في الغالب إلى أن “فقرات تمديد قانون قيصر التي كانت متضمنة في مشروع القانون خارج اختصاص لجنة القوات المسلحة (الدفاع) في مجلس النواب”. وأوضح أن “التمديد يتعلق باختصاص لجان أخرى كالخارجية والخزانة”، لافتاً إلى أن “أمر تمديد قانون قيصر ما زال قيد النقاش في اللجان المختصة، ولاحقاً هناك آلية لتمديده قبل نهاية العام” الحالي.
ونوّه غبيس إلى أن مشروع القانون في طور التقديم حالياً إلى لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ ضمن موازنة الدفاع الوطني الأميركية، “وفي حال إقراره، سيُصادَق عليه، كما هي العادة، في نهاية العام من قبل الرئيس الأميركي (جو بايدن)، وعادة ما يلقى قانون الدفاع إجماعاً من الحزبين” الديمقراطي والجمهوري. من جهته، كشف معاذ مصطفى، المدير التنفيذي للمنظمة السورية للطوارئ، وهي منظمة سورية – أميركية مقرها واشنطن وساهمت بشكل كبير في دفع وتقديم القانون الجديد، عن وعود من مشرعين من الحزبين بأن قانون قيصر للعقوبات سيمدد بشكل منفصل عن أي قانون آخر.
وأوضح، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن الأمر “سيتم قبل نهاية العام الحالي”.
ولكون الإدارة الأميركية أبقت مشروع قانون مناهضة التطبيع مع نظام بشار الأسد من دون تمرير (أقره مجلس النواب في فبراير/ شباط الماضي)، والذي جاء ضمن حزمة تشريعات عاجلة صوّت عليها مجلس الشيوخ وقّع عليها بايدن من دون قانون مناهضة التطبيع، فإن مشروع القانون الجديد من شأنه مكافحة التطبيع مع النظام بأدوات أخرى.
وفي السياق، أشار مصطفى إلى أنه بموجب إقرار القانون الجديد في حال المصادقة النهائية عليه، “فمن المرجّح لجوء الحكومة الأميركية لسحب الاعتراف بنظام بشار الأسد بصفته نظاماً أو حكومة شرعية”. وأضاف أن قانون الأمل لسورية شمل بنوداً “من شأنها دفع الكونغرس لأمر الإدارة الأميركية بإيقاف أو مكافحة أي عمليات تطبيع مع النظام من أي دولة”. وحمل القانون بنوداً إنسانية وسياسية وعسكرية، إذ شملت البنود الإنسانية استمرار ودعم عملية الواحة، المخصصة لدعم وإيصال المساعدات إلى النازحين في مخيم الركبان. وأوضح مصطفى أن “مرور القانون يعني توجيه مساعدات بشكل مباشر إلى المخيم، على عكس ما جرى في السابق من انتظار المساحات غير المشغولة في الطيران العسكري القادم إلى المنطقة لإمداد المخيم”.
وفي مخيم الركبان، الواقع في منطقة التنف، أكثر من ثمانية آلاف نازح تحت حصار خانق، وسط نقص المواد الغذائية والرعاية الصحية، وأساسيات المعيشة. وكان هيثم البزم، رئيس منظمة غلوبال جستس، إحدى المنظمات الثلاث التي سعت في صياغة ودفع قانون الأمل لسورية الجديد، أول طبيب يدخل مخيم الركبان ضمن عملية الواحة السورية، التي نفذتها القوات الأميركية لإمداد المخيم بالمساعدات. وقال البزم، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن فكرة قانون الأمل لسورية “بدأت من الحاجة الماسة إلى دعم عملية (الواحة السورية) لفك الحصار عن مخيم الركبان، التي بدأها فريق الطوارئ السوري، ثم أصبحنا نحن شركاء فيها بدعم العملية التعليمية وطباعة آلاف الكتب المدرسية وبناء المدارس وتمويل رواتب المعلمين شهرياً”. وأضاف أن “تعاوننا أسفر عن زيارة قمنا بها إلى المخيم الصيف الماضي على متن طائرات الجيش الأميركي من قاعدة عين الأسد في العراق وصولاً إلى التنف”.
وأضاف أنه “مع الأسف، أنا الطبيب الوحيد الذي دخل المخيم حتى الآن، لأن هناك من عملوا على منع وصول الأطباء والمساعدات إلى (مخيم) الركبان، واليوم، ومن خلال ملفّ الركبان وضرورة تأمين المنطقة، والمطالبة باستراتيجية لحماية القوات الأميركية في حامية التنف في سورية من تهديد مليشيات إيران، وداعش، وروسيا، ونظام الأسد، استطعنا إدراج التعديلات الجديدة التي وافق عليها الحزبان، مع عدم الاعتراف بالأسد أو التطبيع معه، ووعد بتقديم بقية المقترحات التي أعلنت عنها منظماتنا الثلاث في بيان رسمي أصدرناه قبل أن تُطرح التعديلات في مجلس النواب” (قبيل بيان الإعلان عن قبول التعديل، وشمل تعديل قانون قيصر ليطاول مسؤولين سياسيين كباراً، وتعيين مبعوث أميركي خاص لمواجهة المليشيات المدعومة من إيران في سورية).
ولفت البزم إلى أن هناك “بعض المنظمات السورية الأميركية عملت، وبسبب حسابات خاطئة وضيّقة، على إعاقة وصول المساعدات عبر الجيش الأميركي إلى المحاصرين في الركبان، رضوخاً لتوجّهات كبير مستشاري بايدن لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك، وهو ضد تغيير المعادلة القائمة في سورية حالياً، وضد كسر الحصار على الركبان”. وأوضح البزم أن لماكغورك اجتماعات في سلطة عُمان مع إيرانيين “كما أكد ممثل إيران في الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني قبل أيام”، متسائلاً: “كيف سيدعم (أصدقاء ماكغورك) إصدار قانون ضد مصالح إيران التي يعمل ماكغورك على استرضائها سراً في مسقط؟”.
وأشار البزم إلى ما وصفه بـ”الربط الذكي” بين الأهداف الإنسانية الخاصة بمخيم الركبان والأهداف السياسية والاستراتيجية المتصلة بمحاصرة الأسد وحظر التطبيع معه، ليكون للقانون الجديد تأثير بأكثر من اتجاه على الوضع في سورية. وقال: “كما تعلمون، واجهت القواعد العسكرية الأميركية في سورية والعراق، في الآونة الأخيرة، هجمات شنتها عليها المليشيات الإيرانية، وبات من الضروري تأمين الحماية لهذه القواعد وما حولها، وسط تطلعنا إلى أن يصبّ هذا في صالح السوريين”.
وأشار إلى أن إدانة “تعاون نظام الأسد مع تنظيم داعش الإرهابي ومليشيات إيران وروسيا والمنظمات الإرهابية الأجنبية المصنفة إرهاباً عالمياً، هي مسار عملنا عليه طويلاً لأهداف بعيدة المدى”. وأضاف أن “هذا المسار يتضمن تحقيق ما نصّت عليه القوانين التي صدرت من قبل ضد نظام الأسد، منذ قانون قيصر وصولاً إلى قانون الكبتاغون (لمحاسبة النظام السوري والشبكات المرتبطة به وجميع من ينشط أو ينخرط في الاتجار بالمخدرات) ومشروع قانون مناهضة التطبيع مع الأسد وتفكيك أي ممانعة لسياسات الديمقراطيين التي سلّمت سورية لروسيا وإيران في عهد (الرئيس السابق باراك) أوباما، مواصلة نهجها نفسه في عهد بايدن،
وسيُكشف عن الاستراتيجية المقترحة كاملة في الوقت المناسب، بالتعاون مع داعمي مسارنا هذا في البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية) والكونغرس”.