تحدث السفير الأميركي الأسبق لسورية روبرت فورد عن الفوارق بين سياسات المرشحين لانتخابات الرئاسة الأمريكية دونالد ترمب وكالاما هاريس إزاء سورية.
وفي التقرير التالي أبرز الأسئلة التي وجهت لروبرت فورد بخصوص سوريا:
-هل ستسحب أميركا قواتها من سورية؟ , هل سيمدد قانون قيصر ؟ لماذا تم عرقلة قانون مناهضة التطبيع ؟ ووووو
* اليوم، الحل السياسي في سوريا حلم بعيد المنال. عن أي سوريا نتحدث؟ ومن يمكنه التفاوض مع من؟ سوريا مقسمة إلى ثلاث دويلات وجيوش العالم على أرضها، وفي سمائها حرب إيرانية إسرائيلية، يتفرج عليها النظام وكأنها في دولة أخرى.
– سوريا مأساة إنسانية واسعة النطاق. الحل في سوريا بالنسبة لي غير واضح. أعتقد أنه في يوم ما ستنسحب القوات الأميركية من الأراضي السورية الشرقية، لكن من الواضح أن جو بايدن، كرئيس، لن يسحبها. أما بخصوص كامالا هاريس، فلست متأكدا. وأعتقد أن الاحتمال الأكبر هو أن تقوم إدارة ترمب جديدة بسحب القوات الأميركية. ولكن في المقابل، القوات التركية موجودة أيضا على الأراضي السورية في الشمال، ولا يبدو لي أن الأتراك جاهزون لسحب القوات. والمشكلة الأساسية أن الحكومة السورية في دمشق ضعيفة، ضعيفة اقتصاديا، ضعيفة عسكريا، ضعيفة سياسيا، مما أوصلنا إلى حل مجمد. وأعتقد أن الوضع الحالي سيستمر لسنوات عديدة مقبلة.
* هل يعني هذا انتهاء الدور الأميركي في سوريا تماما؟
– أعتقد أن الدور الأميركي في السياسة السورية كان محدودا منذ زمن أوباما. في عام 2014، اتخذ قرارا بالتركيز على جهود الأميركيين ليس في الوصول إلى حل سياسي في سوريا، بل على احتواء وإزالة “داعش” من سوريا والعراق. لذلك، الأميركيون لن يلعبوا دورا كبيرا في مستقبل سوريا. وأعتقد أن روسيا هي الدولة الحيوية للعملية السياسية السورية في المستقبل.
* في عام 2011، وقبل أن يعلن أوباما أنه “على الأسد التنحي” كنت سفيرا لسوريا في ذلك الوقت، وتلقيت اتصالا مهماً قبل الإعلان. أخبرنا ماذا جرى في الاتصال، وما كان ردك؟
– في شهر يوليو 2011، بدأت فكرة أن الرئيس يعلن عن ضرورة تنحي بشار الأسد من السلطة تتداول في الأروقة الحكومية الأميركية. كنت ضد الفكرة، لأني علمت أن الأميركيين لن يتدخلوا عسكريا في سوريا، خصوصا أن الحرب في العراق لم تكن قد انتهت بعد. فكانت نصيحتي لواشنطن أنه من الأفضل أن تتجنب استخدام كلمة “التنحي”. لكن الضغط السياسي على أوباما في واشنطن زاد من قبل الجمهوريين، زاد من قبل بعض الديمقراطيين، وزاد من دول أجنبية، خصوصا في أوروبا والشرق الأوسط.
في ليلة الإعلان، اتصل بي أحد كبار مساعدي أوباما وسألني: هل سنكون في السفارة الأميركية في دمشق في موقف آمن إذا أعلن الرئيس عن ضرورة تنحي بشار من السلطة؟ فأجبته أننا أمنيا لن نواجه أي مشكلة. البيت الأبيض كان يخشى من إعادة تجربة عام 1979 واختطاف الدبلوماسيين الأميركيين كما حدث في طهران.
للأسف، أوباما لم يكن لديه تأثير كبير في الجهود لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية. وناقشت الموضوع مع أوباما في عام 2015 بعد تقاعدي من الخارجية الأميركية. ناقشنا هذا لفترة طويلة، وأخبرته أن الإعلان لم يكن له فائدة، وربما عرقل بعض الشيء الجهود الأميركية لإيجاد حل سياسي. أوباما استاء مني في المكتب البيضاوي، ولكني لم أكن موظفا حينها، لذلك لم يكن يهمني. ولكنه قال لي إن الرئيس الأميركي لديه حرية التعبير. قلت له إن الرئيس الأميركي قد يكون لديه حرية التعبير، ولكن عليه أن يفكر قليلا قبل أن يقول أي كلمة.
المشكلة أن المعارضة السورية فهمت من الإعلان أن القوات الأميركية ستأتي لتساعد المعارضة السورية بسبب إعلان أوباما، وهذا كان فهما خاطئا وكبيرا.
* اليوم، بعد عودة سوريا للحضن العربي هناك مبادرات وإشارات عديدة للمرونة الدولية تجاه سوريا. هل سنشهد تغييرا في. لاءات الدول الغربية: “لا للتطبيع، لا لإعادة الإعمار، ولا لرفع العقوبات”؟
– واشنطن مصممة على اتباع سياسة عزل سوريا عن العالم الخارجي، من خلال العقوبات وما إلى ذلك. لا يوجد تغيير في الموقف الأميركي، ولا يوجد أي جمهوري أو ديمقراطي في واشنطن ينصح البيت الأبيض بتغيير هذه السياسة.
أما بالنسبة لأوروبا، فهذه مسألة أخرى. أعتقد أن الأوروبيين لديهم خوف من موجة جديدة من المهاجرين مثلما رأينا في عام 2015 القادمين من سوريا ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام، وخصوصا من سوريا. لذلك، بدأ الأوروبيون يفكرون في كيفية العمل مع السوريين في بعض المشاريع لإعادة إعمار سوريا، أو على الأقل لمعالجة الظروف الاقتصادية على المدى القصير والمتوسط. بالطبع، هذا سيسبب مشاكل بين الأوروبيين والأميركيين.
قد تتجاوز بعض الشركات أو الحكومات الأوروبية الخط الأحمر الأميركي بخصوص العقوبات. هذا الاحتمال كبير، خصوصا إذا فاز دونالد ترمب في الانتخابات. أعتقد أن القوانين الأميركية ستمكن الخارجية الأميركية، وخصوصا إدارة شؤون الشرق الأوسط في الخارجية، من تفسير الخطوط الحمراء والعقوبات الأميركية بشكل صارم ضد أي محاولة أوروبية لمساعدة الاقتصاد السوري.
* ما تفسيرك لسحب مكتب البيت الأبيض مسودة قانون لمناهضة التطبيع العربي مع الأسد؟
-أعتقد أن هذا جزء من لعبة أكبر من سوريا. وفي ظل عدم وجود حل أميركي للأزمة السورية، فإن دولا مثل دول الخليج وغيرها سيحاولون اتباع استراتيجية جديدة. وخصوصا دول الخليج، فهي لا تريد أن تفرض واشنطن عقوبات تجارية على شركاتها الخليجية إذا بدأت هذه الشركات العمل في سوريا.
* “قانون قيصر” الذي يتضمن عقوبات على دمشق، ينتهي في ديسمبر/كانون الأول، وهناك تخمينات في دمشق حول تمديده. ما رأيك؟
– أعتقد أن “قانون قيصر” سيتم تجديده في نهاية المطاف، لأن هناك إجماعا بين الجمهوريين والديمقراطيين على أن بشار الأسد مجرم حرب، وأن الحكومة السورية يجب أن تتغير. لذلك، في نهاية المطاف، أعتقد أن “قانون قيصر” سيتم تجديده.
* من المعروف عنك أنك دائما صريح، ودائما تكرر جملة “الصراحة راحة”، برأيك، من خلال عملك في سوريا، ما هي الفرصة الضائعة التي ربما لم تستغلها الإدارة الأميركية السابقة وكان من الممكن أن تغير مجرى الأحداث؟
– السوريون، وليس الأميركيون، هم من بدأوا الثورة السورية. كنا، في الجانب الأميركي، مستغربين بعض الشيء من انطلاق الثورة السورية وسرعة انتشارها في البلاد. في النهاية، السوريون هم المسؤولون عن إيجاد الحل، وليس الأميركيون. أعتقد أننا ارتكبنا أخطاء عديدة: أنا شخصيا ووزارة الخارجية الأميركية لم نقدم استراتيجية متكاملة. قدمنا أسلحة لمجموعات مسلحة، خصوصا في جنوب سوريا وشمالها، وكانت مجموعات غير إسلامية عموما. في الوقت نفسه، حلفاء الأميركيين قدموا أسلحة لمجموعات مسلحة كانت تتنافس مع المجموعات التي كان يدعمها الأميركيون. هذه المنافسة داخل صفوف الثورة كانت نقطة ضعف كبيرة جدا.