د باسل معراوي
المصدر: صحيفة “نينار برس”
روسيا أوكرانيا، وبدأ صراع الغرب مع روسيا يُلقي بظلاله على كل أصقاع الدنيا ومنها سوريا حيث تتواجد نفس الأطراف المتحاربة هناك، وبدا أنّ الحل السوري بغياب التوافق الروسي الأمريكي أصبح حقيقة واقعة، وأنّ على الجميع انتظار نهاية حاسمة للحرب وتبلور مراكز القوى الجديدة
كان وقت الانتظار يتطلب إدارة للأزمة وبالطبع ليس حلها، ولكل طرف مصالحه في ذلك.
وقد يكون الأسد اعتقد أنه من الممكن له اللعب (كما اعتاد) على التناقضات بين حلفائه، أو بين أولئك الحلفاء وأعدائهم، وقد يشكل له ذلك طوق نجاة بعد أن عاش الأحلام السعيدة فقد أيقن الجميع أنّ بوتين وفق رؤية أشدّ المناصرين له سيخرج من أوكرانيا ليس كما دخل بل كدب روسي مكسور الأنياب ومقلوع الأظافر ومنهك القوى ومحبوساً عن العالم في قفص حديدي وقد يصل به المطاف لدب سيرك.
حاولت القيادة التركية لمصالحها الخاصة التقرب والتودد من الأسد عبر مسار رعته موسكو الكسيحة والغير قادرة على السير به الى مبتغاه.
وجرب العرب حظهم في مناكفة الأمريكان والتهديد بإعادة الابن الضال للعائلة العربية، وقد يرى بعضهم أن التودد العربي للأسد غايته تحييده مع أذرع إيران الأخرى عن ارتكاب المزيد من الأفعال المشينة بحقهم انتظاراً لما هو قادم من إعادة ترتيب الأوراق في المنطقة نتيجة الصراع الدائر بين موسكو والغرب أو حسم مسألة التخادم الإيراني/الأمريكي في المنطقة.
في هذه الأجواء تمت دعوة الاسد إلى قمة الجامعة العربية بعد إعادة مقعد سوريا لنظامه، وبدأت أهازيج النصر وطبول الانتصار تُقرع في مناطق سيطرة الأسد في سوريا وفي عموم المحور الإيراني (خاصة أنّ تلك العودة سبقها توقيع هدنة سعودية إيرانية) وحصل الأسد على صك براءة عن جرائمه في سوريا باستقباله كرئيس دولة واحتضانه بحرارة من أمير العرب في جدة، ولكن ما كان يَهمّ الأسد في الواقع هي مفاتيح خزائن المال العربي لإنقاذه من مأزقه الاقتصادي وليس القبلات والابتسامات والسجاد الأحمر الذي يُفرش له في المطارات أو حرس الشرف الذي يتم استقباله به، تبدلت الأحوال وبدا أنّ حلم الأسد هو حلم وردي من أحلام اليقظة.
فالولايات المتحدة تعتبره ذيلاً روسياً إيرانياً لابد من قطعه، وعلى ضوء حشد عسكري أمريكي متزايد في المنطقة وترتيبات تُجريها الولايات المتحدة على الأرض في الشرق السوري تتزايد الاحتمالات بقيام الولايات المتحدة بقطع الشريان الأبهر الذي يُغذي الأسد في دمشق والموصول مع القلب في طهران،
أما الأتراك وبعد فوز الرئيس وتحالفه الحزبي بولاية جديدة لم يعودوا مكترثين بالأسد وبدؤوا يضعون الشروط التعجيزية أمام أي لقاء معه، إضافة لسوء العلاقة بين موسكو وأنقرة واقتراب الأخيرة من واشنطن أكثر على حساب البعد عن موسكو.
ابتعد العرب ايضاً عن مسار التطبيع مع الأسد بل بدؤوا بالهجوم عليه عبر إعلامهم وكُتّابهم وبعض المسؤولين الرسميين متهمين إياه بعدم التقدم ربع خطوة والنكوص بكل وعوده معهم وبالتالي ليس بعيداً إطلاق رصاصة الرحمة على ذلك المسار الميت سريرياً، ترافق ذلك مع ما شهدته سوريا من تغيرات خطيرة، فمع انتفاضة السويداء الأخيرة والتي حطّمت اشلاء شرعية يدعيها الأسد لتعويمه عربياً ودولياً، وبدء ملامح خطة أمريكية تتبلور اكثر فأكثر شرق الفرات بتحجيم الأمريكان لدور ونفوذ حلفاء الأسد من عصابة قنديل على حساب ازدياد نفوذ العرب والكرد من سكان المنطقة المعادين له ولمحور إيران في المنطقة عموماً، ومع تزايد الانهيار الروسي على المستويات كافة.
يبدو أنّ الأسد وصل لنهاية الطريق المغلق واصطدم بالحائط الذي سيحطم رأسه.