المصدر : تلفزيون سوريا
نشرت مجموعة إيرانية معارضة ملفا مسربا بعد اختراقها خوادم خاصة بالرئاسة ، يتضمن ما وصفته المجموعة بـ “ملخص تقرير عمل مقر شركة “خاتم الأنبياء”، بوصفه ممثل الحكومة الإيرانية، في مشاريع اتفاقية عام 2015 للتعاون المشترك بين إيران وسوريا”.
واستعرض الملف المسرب مجموعة مشاريع اتفاقية عام 2015، التي يتم متابعة تنفيذها من قبل الشركات التنفيذية لمقر “خاتم الأنبياء” في سوريا حتى الآن، بما في ذلك استثمار وتصدير الفوسفات السوري من منجمي الصوانة وخنيفيس، ومشاريع النفط والغاز كعمليات اكتشاف واستخراج النفط والغاز من البلوكين النفطيين 21 و 21 في حمص والبوكمال، أو تأسيس مخازن ورصيف ومحطة نفطية بسعة 50 مليون برميل نفطي على سواحل المتوسط على أرض بمساحة ألف هكتار، أو تأسيس خط لنقل النفط والغاز من إيران إلى سواحل المتوسط.
كما ناقش الملف آخر التطورات المتعلقة بمشاريع الاتصالات ومشغل الهاتف الثالث، والمشاريع الزراعية، ومشاريع النقل، كاستثمار وإدارة ميناء اللاذقية، أو إحداث ميناء جديد في الحميدية، ومشاريع المناطق الحرة في اللاذقية وحسياء، والمشاريع السياحية في الزبداني وحلب ورأس البسيط، وبقية المشاريع الإيرانية الأخرى في سوريا، مستعرضاً في خريطة شاملة لسوريا المواقع الجغرافية للمشاريع الإيرانية التي تجري متابعتها منذ سنوات.
ويذكر الملف أن الهدف الأول من اتفاقية عام 2015 هو “رد الديون الإيرانية المترتبة على سوريا”، والتي تم تقديرها في ملفات سابقة نشرتها المجموعة الإيرانية المعارضة ذاتها بأكثر من 50 مليار دولار، لكن الهدف الأساسي لـ”خاتم الأنبياء”، بالإضافة إلى رد الديون، هو “إيجاد أرضية الحضور القانوني في مختلف المناطق السورية من خلال امتلاك المشاريع المختلفة”.
وينشر تلفزيون سوريا أكثر التفاصيل أهمية التي تضمنها هذا الملف حيال آخر المستجدات المتعلقة بقضية التغول الإيراني والروسي في الثروات السيادية للشعب السوري (منذ عام 2018 – 19 فبراير/شباط 2023)، من خلال سلسلة تقارير.
ما طبيعة وحجم العقد الإيراني للاستثمار في ثروة الفوسفات السورية؟
يذكر الملف أن “مجموع احتياطات الفوسفات السورية في منجمي الصوانة وخنيفيس يقدر بـ 1.8 مليار طن، إذ تم تقديم قرابة 1.05 مليار طن منه إلى إيران”، مشيراً إلى أن “مدة العقد الإيراني مع وزارة النفط والثروات المعدنية السورية 50 عاماً قابلة للتمديد، مع “تقدير الحد الأكثر لإعادة الديون في سقف المدة (مع شرط رفع كامل للعقوبات) بـ 9.8 مليارات دولار”.
وبحسب الملف، يتمتع الطرف الإيراني في عقد الفوسفات الذي صدق عليه مجلس الشعب السوري وبشار الأسد في 13 يونيو/حزيران 2018، “بإعفاء كامل أثناء عملية الاستثمار والتصدير والاستيراد والبيع”، مع “تقديم ضمانات من الجانب السوري لجميع الاستثمارات الإيرانية في هذا الصدد، بما في ذلك حماية عقد الفوسفات في أي تغييرات مستقبلية في القوانين الداخلية والإقليمية”.
وفي السياق ذاته، يقر الملف بأحقية الطرف الإيراني باستخدام البنى التحتية السورية كالماء والكهرباء والسكك الحديدية والقرى السكنية، بعد إعادة إعمارها من قبل الطرف السوري، الذي سيحصل على 30% فقط من أرباح عملية الاستثمار الإيراني في الفوسفات (حصة إيران 70%).
ما هي المقاصد العالمية للفوسفات السوري؟
ويشير أحد الجداول المدرجة ضمن الملف المسرب إلى وجود مكاتب تجارية فعالة في كل من دمشق وطهران وطرطوس تنشط في مجال تجارة وبيع الفوسفات إلى المقاصد العالمية في إيران وآسيا الشرقية وأوروبا.
ويظهر جدول آخر التوزع الجغرافي لبيع ونقل تربة الفوسفات السورية نحو الوجهات العالمية في إيران وسوريا والهند وتركيا واليونان وأوكرانيا وصربيا وإيطاليا وبلاروسيا وحتى البرازيل.
وتظهر الإحصائيات أيضاً أن إيران استطاعت بيع أكثر من 2 مليون طن فوسفات سوري لهذه الدول المنتشرة في آسيا وأوروبا وأميركا اللاتينية منذ عام 2018 حتى 19 فبراير/شباط 2023، إذ تصدرت إيران المرتبة الأولى في مستوردي الفوسفات السوري بحجم يصل إلى 925.525 طناً.
في سياق متصل، يبين الجدول الآتي الأسماء الصريحة للشركات الإيرانية التي تعاقدت مع “خاتم الأنبياء” لاستيراد الفوسفات السوري نحو إيران، حيث تصدرت شركة (آريا فسفوريك جنوب) قائمة الموردين بحجم وصل إلى 772.857 طناً خلال الفترة الزمنية نفسها.
وبين رسم بياني آخر معدل بيع واستثمار فوسفات منجمي الصوانة وخنيفيس من قبل كل من روسيا وإيران والنظام السوري مع النسب المئوية (34% – 42% – 24%) على الترتيب.
كيف تخطط إيران لتطوير عملية إنتاج وتصدير الفوسفات السوري؟
توضح الوثيقة السرية للغاية وجود مخطط إيراني مقسم على عدة مراحل زمنية يهدف لتطوير عملية إنتاج وتصدير الفوسفات السوري إلى مستويات أكبر من عهد الإنتاج ما قبل عام 2011، يبدأ بالمرحلة قصيرة المدى باستخراج وبيع الفوسفات الخام والكسب التدريجي لحصة من السوق (وهو ما تحقق إلى الآن)، ثم الانطلاق نحو المرحلة متوسطة المدى بإعادة إعمار منشآت معاجلة الفوسفات السوري، وإيصال معدل الإنتاج إلى 3.7 مليون طن سنوياً (حصة سوريا من السوق العالمية ما قبل الثورة)، وانتهاءً بالمرحلة النهائية طويلة الأمد بإيصال معدل الإنتاج ل 10 ملايين طن سنوياً، وبناء منشآت معاجلة جديدة، وتطوير البنية التحتية للنقل والتصدير (تأسيس سلسلة القيمة).
وبالفعل، يظهر أحد الجداول الهامة في الملف السري أسماء العديد من الشركات الإيرانية والسورية واللبنانية والصينية وحتى الأوكرانية التي ما تزال عملية التفاوض معها قائمة أو وصلت إلى طريق مسدود لأسباب عديدة تتعلق بالعقوبات أو عدم وجود جدوى اقتصادية وغيرها، بهدف بناء معامل لتوليد أسيد الفوسفوريك وكود الفوسفات والمعايرة والتجفيف في سوريا وإيران.
على سبيل المثال لا الحصر، يظهر الجدول مناقشات تجري مع شركة internal international الصينية لإجراء استثمارات في إيران بقيمة 265 مليون دولار لبناء منشأة لإنتاج أسيد الفسفوريك وكود الفوسفات في كل من سوريا وإيران، وإعادة إعمار معامل معايرة الفوسفات في سوريا.
ويظهر الجدول أيضا مناقشات تجارية تجري مع كل من الشركة الوطنية الإيرانية للنحاس وشركة (پلی چانگدا) الصينية (ذات الشركة المستثمرة في المنطقة الحرة في بندر انزلي الإيرانية)، لبناء منشأة لإنتاج أسيد الفسفوريك وكود الفوسفات باستثمارات تقدر بعشرات ملايين الدولارات.
ويشير الملف المسرب بالفعل إلى توقيع عقد مع شركة يارا اللبنانية بقيمة 35 مليون دولار لبناء منشأة معايرة الفوسفات في سوريا، وبدء عمليات إعادة الإعمار.