د. باسل معراوي
لو كان إسماعيل هنية هدفاً مهماً لإسرائيل لاغتالته سابقاً ، حيث كان يدخل ويخرج إلى غ ز ة علناً وبموافقة إسرائيلية، وبعد أحداث 7 أكتوبر لو أرادت اغتياله لفعلت ذلك في بواكير الحرب لو كان تأثيره قوياً على مسار الحرب ، وكانت إسرائيل لاتخفِ أنّ الخطر علبها والمطلوب رادأسه هو الجناح العسكري في الداخل والذي يُقاتل على الأرض ويملك القرار ، ولم تكن القيادات السياسية فاعلة ومؤثرة في مسارات الحرب ، وكان هنية مفاوضاً عن الحركة ومقبولاً من الخارج ، ورغم أنّ كل تلك المفاوضات لم تُسفر إلا عن هُدنة إنسانية قصيرة تخللها اطلاق أسرى ورهائن من الطرفين ، إلا أنّ الحركة في غ ز ة كانت تُعوّل كثيراً على نجاح مفاوضات تؤدي لوقف حرب الإبادة على غ ز ة ، وكان هنية يقوم بهذا الدور دون سواه ،إلا أنّ التعطيل الإسرائيلي لأيّ صفقة كان واضحاً ، وكانت الضغوط الداخلية والخارجية تُجبر نتياهو على التفاوض لكن دون الوصول لنتيجة ، وكان العرض الإسرائيلي الغير معلن الإستسلام أو الموت ، وبدأ هذا العرض يظهر للعلن في مراحل متأخرة من الحرب وعند قُرب إنتهائها.
أرادت إيران حرب مُنخفصة الحدّة لإستنزاف إسرائيل وتكون طويلة لإجبارها على الوصول لإتفاق في غ ز ة وعدم التفكير بمغامرة مع حزب الله ، وكان هذا لايُناسب إسرائيل والولايات المتحدة (رغم التصربحات الأمريكية بالرغبة بعدم توسيع الحرب) إذ لا يمكن الركون لأيّ تفاهم مع طهران يُبقي على حزب الله كقوة عسكرية ضاربة بجوار إسرائيل ، وياخذها رهينة لمشيئة إيران ، وعندما أيقنت طهران أن الحرب على لبنان ستندلع بعد نهاية الحرب في غ ز ة ، حاولت زج جماعة ال ح و ث ي والضغط على المجتمع الدولي لإيقاف الحرب وثني اسرائيل عن جنونها .
كانت الإستراتيجية الغربية التي نفذتها إسرائيل هي إخراج إيران من الظِلّ والنأي بنفسها عن الحرب وجعلها بين الغرب وبين الأذرع ، ودخول إيران الحرب بشكل مباشر سينقل الدمار إلى أراضيها ويُسقط من يدها ورقة الوكلاء وأكياس الرمل التي قاتلت بها وحمت بها نفسها.
كان قَتل نُخبة من ضباط الحرس الثوري وعلى رأسهم الجنرال زاهدي في القنصلية الإيرانية في دمشق إيذاناً بإجبار إيران على الدخول بنفسها في الحرب حيث لم يَعد ممكناُ الردّ عبر الأذرع ، وقامت بنفسها بمهاجمة إسرائيل فجر الرابع عشر من نيسان ، وكانت نقلة هامة قد حدثت في الصراع لها مابعدها …
قد تكون الإستراتيجية الغربية طرد إيران من المنطقة كلها وواسطة العقد هي سوريا في محور إيران الاقلبمي ، ولابد لإيران من الإنخراط بنفسها في الحرب وتلقي الضربات داخل أراضيها ، وبالتاكيد إيران خائفة خاصةً أنّ عملية تدمير ميناء الحُديدة والذي يَبعد 2000 كم عن إسرائيل هو رسالة واضحة وسيناريو لضربات مماثلة لمنشآت إيران النووية ، والمطلوب من إيران ان تقدم الذريعة الآن لفعل ذلك…..
إنّ إغتيال هنية هو كما وصفه المرشد وردّده حسن نصر الله في تأبين المقتول فؤاد شكر ، ليس اعتداءاً على السيادة الإيرانية فحسب ، ولا خرق كبير للأمن القومي الإيراني فحسب ، بل هو إهانة لإيران واعتداء على شرفها ، خاصةً أنّ هنية ضيف الجمهوربة الإيرانية الرسمي وقد تمّ اغتياله في ذروة الإستنفار الأمني للحرس الثوري لوجود ضيوف أجانب في حفل تنصيب مسعود بزكشيان رئيساً جديداً لإيران…
هدّدت إيران بالردّ ( وهي سترد حتماً ) وسيتشارك معها بقية الأذرع ، في وقت تُعزّز الولايات المتحدة من حضورها العسكري في المنطقة وتتعهد بحماية إسرائيل على لسان مختلف المسؤولين فيها.
الرد قادم خلال أيام وتلك فرصة سعى إليها نتياهو لإشعال حرب كبرى ستكون نتائجها كارثية على إيران وأذرعها وخاصةً الأسد الموجود في دمشق والذي حاول النأي بنفسه عنها لكن فات الأوان.