بعد انتشار صور للمبنى الذي اُغتيل فيه “إسماعيل هنية”، عملت إيكاد على تحليل الموقع لمعرفة ما يحيط به.
فماذا كشفنا؟ وما الذي قد يُستنتج من تحليل زاوية المبنى حيث استُهدف هنية؟
صورة المبنى نشرتها “نيويورك تايمز” في 31 يوليو 2024، بعد أن حصلت عليها من مسؤول إيراني.
يُلاحظ في المبنى جزء متضرر وعليه ما يشبه القماش الذي وُضع على المكان.
إيكاد تتبعت موقع المنزل ووجدنا أنه يقع في “معسكر باسيج الزهراء – مجمع سعد آباد التاريخي”.
تقصينا عن الموقع باللغة الفارسية، وعندما وصلنا له على خرائط جوجل، قارنّا بينه وبين صور “نيويورك تايمز”، ليظهر لنا أنه البناء ذاته.
قد تتساءلون لماذا تحديد الموقع؟ وما النقطة المهمة فيه؟ وإليكم الجواب..
حسب موقع جامعة “Stony Brook”، فإن مجمع قصر سعد آباد التاريخي يقع في شمال طهران، وبجواره قصر الاحتفالات الرئاسية.
بحساب المسافة بين مجمع قصر سعد آباد التاريخيّ والمبنى المستهدف، تبيّن أنها تبلغ 846.05 مترًا فقط.
وبين المبنى المستهدف وقصر الاحتفالات الرئاسية حوالي 760 مترًا.
أي أن هذه المنطقة أمنية وفيها منشآت تخص قيادات إيران.
أظهر لنا تقريب الصور أن المبنى يقع في محيط أكاديمية الإمام علي، التي تستقبل “الأجانب” الذين ينضمون للحرس الثوري الإيراني ويحصلون فيه على دورات نظرية، قبل إرسالهم إلى مراكز أخرى للتدريب العملي.
واتضح أن الأكاديمية كانت تُستخدم سابقًا للتدريب العملي، ولكن بعد كشفها، نُقلت أنظمة التدريب العسكرية العملية إلى موقع آخر يسمى “حامية الإمام علي”، بحسب موقع “CSIS”.
يُلاحظ أن زاوية المبنى لم تظهر عليها علامات دمار كبيرة وأن السقف ظل في مكانه، وهو ما يطرح علامات استفهام حول آلية الاغتيال وسلاحه.
كانت بعض الترجيحات تتحدث عن أن العملية تمت بصاروخ من خارج حدود إيران.
بينما تحدثت “نيويورك تايمز” أن الاغتيال كان بعبوة ناسفة تم تهريبها سرًا إلى مقر إقامة “هنية”.
أما أحدث الروايات حول اغتيال “هنية” هو ما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا” في 3 أغسطس 2024، عن الحرس الثوري، أن الاغتيال كان بواسطة “إطلاق مقذوف قصير المدى”، وبرأس حربي يزن نحو 7 كيلوغرامات، مع انفجار قوي.
وربما هذه الفرضية مع فرضية استخدام العبوات الناسفة قد تكونان الأقرب نظرًا لعدم حدوث دمار كبير.
النقطة التالية التي عملنا عليها هي تحديد زاوية الاستهداف، لمعرفة إن كان هناك مكان قد تُطلق منه صواريخ نحو المبنى أم لا.
من خلال تحديد المبنى على خرائط جوجل، ظهر أن زاوية المبنى المُستهدفة تقع في جهة الشمال الغربي.
وفي مواجهة هذه الزاوية تقع منطقة جبلية أكثر ارتفاعًا من المبنى المستهدف.
وفي حال كان الهجوم من صاروخ قصير المدى، فلا يُستبعد أن تكون الصواريخ قد انطلقت من هذه المرتفعات.
وإذا ابتعدنا أكثر في الخرائط بزاوية الجزء المستهدف نفسها، نرى أمامها من الشمال بحر قزوين بمسافة تبلغ نحو 94.27 كم فقط.
ومن الغرب تظهر الحدود العراقية بنحو 457.23 كم، وهذه المسافات قد تكون بعيدة لتنفيذ هجوم صاروخي دون أن يُدمر المبنى كليًا.
أخيرًا، لا تستطيع إيكاد الجزم بفرضية اغتيال معينة لغياب الأدلة حتى الآن، لكن بعض المعطيات قد ترجح فرضية على أخرى، خصوصًا العبوات الناسفة والصاروخ قصير المدى، انطلاقًا من أن المبنى لم يُدمر، وأن زاوية الهجوم تقابلها مرتفعات جبلية لا يُستبعد استخدامها في عملية كهذه.
أما منطقة المبنى نفسها فهي أمنية بامتياز، وفيها منشآت تتعلق بالحرس الثوري ورئيس البلاد، وبطبيعة الحال تطرح مزيدًا من الغموض عن كيفية وصول المهاجمين إلى “هنية”.