د.أسامة قاضي
تفاءل نظام الأسد ومواليه وربما حلفاؤه أن الأموال ستتدفق على النظام بعد لقاء جدة 19 مايو 2023 ، تبين فيما بعد أن هناك امتعاض عربي من امتناع النظام -كقوة “ممانعة”- عن تنفيذ أي طلب عربي ولاحتى وقف تصدير سموم الكبتاغون، وإصراره على البقاء في حضن ايران الدافئ بالطائفية والقوة التدميرية الاقتصادية المذهلة.
مضى 90 يوما على لقاء جدة انخفضت خلاله قيمة غرام الذهب عيار 18 في سوريا 254 ألف ليرة سورية (من 404000 إلى 658000 ليرة سورية للغرام الواحد)!
كما تأكد الموقف العربي من نظام الاسد بعد لقاء سكاينوز “المذهل” مع رأس النظام السوري الذي اعتبره البعض “لقاء الفرصة الأخيرة” حيث وصل معه الدولار إلى ١٥٦٠٠ ليرة سورية للدولار ، بمعنى ان موازنة ٢٠٢٣ التي بلغت ١٦.٥ تريليون ليرة سورية انخفضت قيمتها الحقيقية من ٢.٧ إلى ١ مليار دولار، وهذا يعني أن اتباع سياسات تقليدية لسد عجز الموازنة عن طريق سندات الخزينة لن تجدي، لأن التضخم ببساطة سوف يلتهم أي نسبة فائدة تعرضها الحكومة على السندات، إضافة لابتلاع قيمتها الحقيقية.
فلو فرضنا أن مؤسسة اشترت سندات بمليار ليرة في اغسطس عام ٢٠٢٢ (١دولار=٤٥٠٠ ليرة سورية) قيمتها ٢٢٢ ألف دولار، ستصل قيمتها بعد عامين، أغسطس/آب ٢٠٢٤ مبلغ ٦٤ ألف دولار (١دولار=١٥٦٠٠) أي أن خسارة كل مليار ليرة (قيمتها قبل عامين ٢٢٢ ألف دولار ) ستبلغ ١٥٧ ألف دولار!!
بمعنى خسارة ٧٠ بالمائة من أموال “المستثمر العبقري” !
في حال عدم تدخل مالي خارجي فإن الحل الوحيد هو طباعة العملة السورية، الذي سيؤدي للمزيد من التضخم وانهيار العملة، ويدخل الاقتصاد في حلقة مفرغة ويركب موجة تضخم جامح مخيف.
من وجهة نظر اقتصاد-سياسي ،إن أي حل على طريقة آستانا بمؤتمراتها العشرين ودعوى أنها تريد الحل شاملا لكامل الأراضي السورية مدعية “وحدة الأراضي السورية” معناها ببساطة شديدة أن تكون سوريا كلها تحت العلم الروسي والايراني لمائة عام قادمة، مع وجود حكومة “وحدة وطنية” فيها شخوص “معارضة” “مصنعة محليا” كما قال الأسد في اللقاء، مع بقاء النفوذ الروسي وعقوده التي تجاوزت ستين اتفاقية، إضافة للديون الروسية ثمن “حماية” النظام واضطراره استخدام ٣٢٠ نوع سلاح فوق رؤوس الشعب السوري وثمن حماية ناقلات النفط الايرانية من قناة السويس إلى طرطوس ، وكذلك دفع ثمن إدارة وإصلاح المرافئ “الروسية” ليس فقط مرفأ اللاذقية الذي بناه المرحوم خالد العظم في ستينيات القرن الماضي بل أيضا مرفأ طرطوس وبانياس.
ليس هدا فحسب بل على حكومة “الوحدة الاستيطانية” التي تدعي رغبتها في “وحدة الأراضي السورية” و “سيادتها” و ” استقلالها” أن تفي بتعهدات نظام الأسد لايران المتمثلة في أكثر من ٥١ اتفاقية مع ايران التي تجشم رئيس ايران عناء السفر إلى دمشق بعد يومين من لقاء جدة ليصادق عليها، ويرغم النظام على تنفيذها كي يفهم العالم العربي أن ايران يحكمها الفرس فقط.
إن استمرار نظام الأسد في نهج روسيا وايران باعتبارهما “الضامنين” للعملية “السياسوية” في سوريا ، وتأييد الائتلاف الذي يرسل كل مرة ستة من أعضائه للقاءات آستانا العشرين، فقد تصل العملة السورية خلال سنوات -لاقدر الله- إلى إلغاء ١٠ أصفار من العملة كما حدث مع دولار زيمبابوي أيام روبرت موغابي الذي حكم ٣٧ سنة وهو يقارع “الامبريالية” وأجبر على الاستقالة عام ٢٠١٧ ووصل حينها ثمن رغيف الخبز إلى 250 مليار
دولار زيمبابوي! أو ماحدث في أغسطس/آب 2018 يوم ألغت فنزويلا 5 أصفار من عملتها!
حينها سيكون من المنطقي أن تكون سوريا هي بمثابة “جمهورية الشيشان السورية” وعندها تعتمد الروبل الروسي الذي بالمناسبة انخفضت قيمته (١٥ اغسطس ٢٠٢٣) خلال عام واحد من 61 إلى 102 روبل للدولار الواحد! فتكون سوريا كالمستجير من النار بالرمضاء!