مع غبطتنا بمشروع قرار “مناهضةالتطبيع مع منظومة الأسد”، واعتبارنا أن منجزاً إضافياً قادم يساعدنا في الخلاص من الوباء المستعصي الذي حلّ ببلدنا لعقود، ومع امتناننا وشكرنا لكل مَن ساهم بهذا الجهد الجبار، حتى ولو وقف للتصوير أمام كاميرا تحتفي بما تم؛ وبخصوص المقال قيد المناقشة، أقول: لا يعدو. فتح موضوع صحفي مهني مثل الذي قدّمه الأخ الصديق إبراهيم الجبين كونه تتبعاً دقيقاً ومحموداً للقوانين التي صدرت في الولايات المتحدة حول الملف السوري، وتركيزاً علي الكيفيات والآليات التي تم اتباعها لخلق “المناصرة” و”الضغط السياسي” عبر المؤسسات التشريعية، ولم يرد في المقال اتهام لأحد كما رأيت بأي شيء، ولا طعناً بأحد، على العكس من ذلك فقد قال الكاتب إن الآخرين جميعاً كانت لديهم جهود “مخلصة”، لكنه سلّط الضوء على دور وأهمية الخطوات التطبيقية الضرورية ليتحوّل “الإخلاص” إلى “نتائج”، وسرد مثالاً على في عمل فريق الطوارئ السوري SETF.
والأخ إبراهيم صحفي وكاتب محترف ولديه مصداقيته واسمه المعروف، وليس من المعقول ولا اللائق سؤاله إن كان قد استفسر من هذه الجهة أو تلك، فهذا مثل سؤال المصلّي “هل توضأت قبل الصلاة؟”. لأنه بالتأكيد سيكون قد جمع الوثائق والشهادات وحضّرها جيداً لمثل هذا الموضوع.
ومن خبرتي، كإعلامي وعميد لكلية الإعلام في دمشق، لم أر في مقاله التقديمي المنشور بعنوان “القصة الحقيقية لقانون مناهضة التطبيع مع الأسد.. جوقة اللوبي السوري الأميركي بين العازفين على “القانون” والضاربين على “الدربكة” (الجزء 1)” إلا بداية ممتازة لفتح موضوع واسع، وما فهمته من المقال ومنه شخصياً أنه سوف ينشر شهادات لشخصيات بارزة مشاركة في دعم القوانين وتتحمّل مسؤولية تصريحاتها، عدا عن أن المقال قد ذكر مفاصل معينة وتصريحات منشورة في برامج ضخمة مثل “60 Minutes” وغيره وهي موجودة ومتوفرة على اليوتيوب ويمكن الاطلاع عليها، فأين هي المشكلة في ذلك؟
ما يمكن أن أتوقّعه أن هذا المقال بأجزائه المنشور منها والقادم، والذي لم ينتقد أحداِ معيناً باسمه، سوف يستفز أولئك الذين سماهم بـ “ضاربي الدربكة”، وهم سيدلّون على أنفسهم بأنفسهم موفّرين عليه حتى تسميتهم بالاسم والصفة.
ميزة الصحافة المنيرة أنها تُصنع بحريّة وجرأة ودون مجاملة لأحد، وتعيد تركيب الظاهرة التي تتناولها، وتفردها على الطاولة وتوضح ما خفي من تفاصيلها، وتقدّم الحقائق بما يفيد العمل المستقبلي، كل هذا من جهة، ومن جهة ثانية تحاصر الانحراف وتسعى إلى ردعه. وهذا وحده ما يجعل من العمل المشترك ممكناً، لا التستّر على العيوب والنواقص إن وجدت. ولهذا يسمي العالم الصحافة الحرّة “السلطة الرابعة”.