استمرت الحرب التي كانت من المفترض أن تستمر ثلاثة أيام لمدة عامين. لم تتحقق توقعات السلطات الروسية، لكنها تعتزم مواصلة الحرب ضد أوكرانيا بأي ثمن.
لم يكن هناك الكثير من الروس الذين يريدون القتال (أو بالأحرى الموت) بين الروس؛ والروس لا يريدون أن يضحوا بحياتهم من أجل طموحات قيادة بلادهم. ومن أجل التعويض عن الخسائر الفادحة، لذلك تقوم روسيا بتجنيد مرتزقة أجانب، خاصة من سوريا.
وأصبح معروفاً أنه يتم تجنيد المرتزقة السوريين عبر شركات السفر، ثم يتم إرسالهم للتدريب في قاعدة عسكرية بالقرب من مدينة حلب السورية ومطار كويرس. ويعد الروس بأن يكون للسوريين مناجم للذهب والماس في ياقوتيا براتب يقارب ألفي دولار شهريا، وسيصدرون لهم بسرعة جوازات سفر روسية. لكن بعد إصدار جواز السفر، وبنفس الوتيرة المتسارعة، يتم تعبئة السوريين في الجيش.
ويساعدهم الوسطاء في تجنيد الأشخاص بشكل خادع إلى الجبهة، والذين، من بين أمور أخرى، ينقلون اللاجئين إلى أوروبا عبر روسيا وبيلاروسيا.
وبحسب صحيفة “نوفايا غازيتا”، فإن الوسيط السوري وسيم الدمشقي، الذي شارك سابقًا في تجنيد أشخاص لصالح شركة فاغنر العسكرية الخاصة، يقوم بتجنيد مواطنين سوريين للسفر إلى روسيا.
وفي موسكو يلتقي السوريون بمواطنهم الدكتور أكرم ديب طراف.
ويزعم المروجون للدعاية الروسية أن السوريين يشعرون بأنهم مدينون لروسيا، التي “ساعدتهم” في الحرب الأهلية، وبالتالي فإنهم يسددون الديون. لكن في الواقع، يضطر معظم المتطوعين إلى خوض الحرب ضد أوكرانيا بسبب الفقر. اللافت أنه في بداية الغزو، أي في مارس 2022، عرض الروس 7 آلاف دولار للمشاركة في الأعمال العدائية على الخطوط الأمامية و 3500 دولار للعمل في المؤخرة. الآن انخفضت الأسعار إلى 2000 دولار.
بعد عامين من الحرب، خفضت روسيا بشكل كبير مدفوعات المشاركة في الحرب، وهو أمر ليس مفاجئا، نظرا للوضع الكارثي في الاقتصاد الروسي.
إذا نظرنا إلى هذا الأمر، يمكننا أن نتوقع بأمان المزيد من التخفيض في المدفوعات، لأن حاجة روسيا للتعويض عن الخسائر تظل مرتفعة باستمرار، والأموال تتضاءل يوما بعد يوم من أيام الحرب.
إن معاملة روسيا لسوريا تظهر نواياها الإمبراطورية.
كان الهدف من التدخل العسكري الروسي في سوريا هو “حرب منتصرة صغيرة” كان من المفترض أن تعمل على توحيد الناخبين الروس، فضلا عن الرغبة في تعزيز نفوذها في الشرق الأوسط.
وتجلى ذلك من خلال إحجام روسيا عن قبول اللاجئين من سوريا: ففي ألمانيا، بنهاية عام 2019، تم تسجيل 789.5 ألف لاجئ من سوريا، وفي روسيا، اعتبارًا من 1 تشرين الأول (أكتوبر) 2020، تم منح هذه الصفة لاثنين فقط من السوريين. وحصل 370 مواطناً سورياً آخر على حق اللجوء المؤقت.
روسيا تحتاج إلى السوريين فقط كأداة لتحقيق أهدافها الإجرامية على الساحة الدولية.
في السنوات الأخيرة، أصبحت سوريا مصدراً للمرتزقة، نتيجة لتداعيات الحرب التي منحت العديد من السوريين خبرة قتالية، لكنها أصابت الاقتصاد بالشلل الشديد لدرجة أن الناس يكافحون من أجل العثور على عمل. ونتيجة لذلك، يتم إرسالهم كمرتزقة إلى الحروب في ليبيا وأذربيجان وجمهورية أفريقيا الوسطى والآن أوكرانيا.
إن جر السوريين إلى الحرب ضد أوكرانيا من خلال الخداع وتقليص المدفوعات يشير إلى استنزاف موارد روسيا. إن فرض الدعاية الروسية لرواية “الدين لروسيا” قد تفسره السلطات الروسية مستقبلاً على أنه سبب لاستغلال السوريين دون مدفوعات، نظراً للحالة المؤسفة للاقتصاد الروسي.
( الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع “Transparency News” )
المصدر : Transparency News