خاص – أسامة آغي
يبدو أن انتفاضة العشائر العربية في محافظة دير الزور كانت أقرب للهبّة المسلحة منها لحرب ثورية منتظمة تقوم على مبدأ استنزاف العدو القسدي عبر تكتيك عسكري يسمى “حرب العصابات الثورية”، أو حربٌ على مبدأ “اضرب واهرب”.
غلوبال جستس سيريا نيوز حاور الشيخ أحمد زيد الفياض الناصر شيخ عشائر البو سرايا، والتي تقطن في محافظة دير الزور، وطرحت عليه أسئلتها.
تشهد المناطق التي تحتلها قسد انتفاضة مسلحة تقوم بها قوات تنتمي للعشائر العربية في دير الزور، هل يمكننا القول إن حرب العشائر ضد قسد هي حرب بصيغة حرب عصابات ثورية؟ أي حرب (اضرب واهرب)، اي حرب استنزاف؟
الشيخ أحمد زيد الناصر: أنتم تعلمون أن إمكانيات أبناء القبائل العسكرية وتسليحهم لا يتعدى المسدس والبندقية، وإذا زاد، فالقناص والقاذف آر بي جي سفن، وقليل منهم من يمتلك البي كي سي والدوشكا، وهذه تتركز عادة عند شيخ القبيلة؛ لأنها تحتاج إلى سيارة تركب عليها، ورماة متدربين.. وأما قسد فتمتلك كل أنواع الأسلحة المتطورة بما في ذلك طائرات الدرون المسيرة، ولذلك فإن المواجهة معها وجهاً لوجه خاسرة بكل الموازين، وكما تفضلتم فإن حرب العصابات هي الأسلوب الأنجح والأنجع وقد أثبتت فعاليتها على المدى البعيد.
ويضيف الشيخ أحمد: صحيح أن العدو يعود في النهار ليحتل الأرض مرة أخرى، لكنه في الليل ينسحب منها أو يقتل فيها، وكلما زادت الإمكانيات والدعم للثوار كلما استطعنا المواجهة في الليل وفي النهار.. ولكن قلة الدعم والإمكانيات المحدودة هي التي تجعلنا نلجأ لهذا الأسلوب.. صحيح أن حرب الاستنزاف ستطول، لكن شجاعة الأبطال وحماسهم وإصرارهم على تحرير أرضهم هو الذي يجعلنا نؤمن إيمانا راسخا بأننا سننتصر، وأن قسد ستهزم، وأننا أصحاب حق، وأن الحق لابد يوماً أن يعود إلى أهله، مهما طال الزمن.
حرب استنزاف قسد تحتاج إلى خطط مدروسة عسكرياً من حيث النقاط المستهدفة، والتي إذا ما استهدفت فإنها تضعف جداً قدرات قسد العسكرية واستمرارها في احتلال دير الزور من ناحية الجزيرة. هل هناك قيادة أركان عسكرية تقود الحرب ضد قسد وغيرها؟ وهل هناك من يموّل قوات العشائر باحتياجاتها المالية والعسكرية واللوجستية؟
الشيخ أحمد زيد الناصر: سؤالك ذو شقين؛ الأول: أنت تعرف أن قوات العشائر تعتمد على أبناء العشيرة، وأبناء العشيرة معظمهم خدم في العسكرية، وهناك ضباط تطوعوا في الكلية الحربية بمختلف الرتب، وهؤلاء هم من يقود المعارك بكل حرفية وذكاء وخبرة، وأنت تعرف أن المعركة في أرضهم وبين بيوتهم وحاراتهم وحواريهم، وهم يعشقون القتال، ولذلك تجدهم يتغنون بالمعارك، ويزغردون، وكأنهم في عرس، حتى إذا سقط شهيدٌ منهم فرحوا به وزفّوه إلى مثواه، كما يزف العريس في ليلة عرسه.
الشق الثاني: للأسف الشديد الثوار في الثورة الأولى وفي الثورة الثانية لم يتوفر لهم الدعم الكافي، وإلا لسقط النظام، وتحررت دمشق منذ زمن بعيد، وأما في هذه المعركة فالدعم قليل جدا، وهو من أبناء القبائل أنفسهم على حاجتهم، ومما يغتنموه من العدو، ومن الأموال القليلة التي تجمع من أبنائهم في أوربا وفي الخليج العربي، ولو توفر الدعم لحسمنا المعركة سريعاً، ومن خلالكم نوجه نداءنا إلى كل السوريين والعرب لدعم إخوانهم لأنها معركتهم، وعليهم أن يقوموا بواجبهم تجاه إخوانهم الذين يقاتلون نيابة عنهم.
لنتحدث بصراحة. – هل هناك اتفاق خفي بين العشائر العربية والتحالف الدولي لإبعاد قسد عن الحدود السورية العراقية من البوكمال حتى التنف أم لا؟ وهل تتوقعون انحياز قوات التحالف الدولي ضد انتفاضة العشائر العربية لصالح قسد؟ وكيف ستتصرف العشائر في هذه الحالة؟
الشيخ أحمد زيد الناصر: لا يوجد أي اتفاق بين العشائر والتحالف على إبعاد قسد أبداً، وكانت العلاقة بين قسد والعشائر تتراوح بين ممتازة وجيدة جداً وجيدة وعادية، ولكن قسد تمادت في سياستها العدوانية وحاولت إذلال العرب وإبعاد كل الشخصيات العربية التي تعتز بعروبتها وقبليتها، وترفض سياستها العدوانية، وقسد عملت على تقريب المنافقين والمتزلفين والمتذللين لها، شيوخ الدولار وتستخدمهم كعملاء وجواسيس وأذناب لها، ينفذون أوامرها دون تردد.
ويتابع الشيخ أحمد زيد الناصر: أما في موضوع الحدود السورية العراقية من البوكمال حتى التنف فالسؤال فيه لبس، أي هل هناك اتفاق بين العشائر والتحالف الدولي لإبعاد الميليشيات الإيرانية عن هذه الحدود، أقول لك: كانت هناك مشاورات ومفاوضات وبداية اتفاق مع التحالف لهذا الغرض، ونحن نعلنها بكل صراحة بأننا نرغب في ذلك، لأن هذا الأمر بالنتيجة يصبّ في مصلحتنا، ولكي نذبح الميليشيات الإيرانية بالسيف الذي ذبحتنا فيه في العراق وسورية ولبنان، وما فعلته قسد في غدرها وخيانتها وسيطرتها على المنطقة وطعننا من الخلف، كان لغرض تخريب اكتمال هذا الحلف، وعرقلته على الأقل، لكن هزيمة قسد المنكرة على يد أبطال العشائر أضعفها وهز ثقة التحالف فيها وضعضعها، وقوات هذا الحلف أعتقد أنه سيتعزز في قابل الأيام، ويتجسد على الأرض.
يقال إن الشيخ خليل الهفل يقود انتفاضة العشائر العسكرية ضد قسد دون تخطيط عسكري استراتيجي. هل هذا الكلام صحيح؟ وهل تعتقد أن هذه الانتفاضة تحتاج إلى رؤية استراتيجية تؤدي إلى تحرير مناطق العشائر العربية من قبضة قسد بغير الأسلوب المتبع حالياً؟ وما موقف عشيرة البوسرايا الكبيرة من هذه الانتفاضة؟
الشيخ أحمد زيد الناصر: بالنسبة للشيخ إبراهيم الخليل العبود الهفل لم يكن قائداً عسكرياً، ولن يكون، لأن حوله مجموعة من القادة الأكفاء هم من يقود المعارك، لكنه هو واجهة ورمزية لا أكثر، وأنت تلاحظ من خلال سير المعارك وأسلوب القتال ونتائج كل معركة أنها تكون بتخطيط محكم وهناك تنسيق بين المناطق وبين المقاتلين يدلل على أنهم يمتلكون تخطيط عسكري ميداني استراتيجي، ورؤية عسكرية استراتيجية شاملة، تؤدي حتما إلى تحرير الأرض من قسد، وطردها منها، ولا شك في ذلك.
وأما عن موقف قبيلة البوسرايا بكل عشائرها وأفخاذها وأفرادها نساء ورجالا، كبارا وصغارا فهو واضح ومعلن ومجسد على الأرض بمقاتلينا الأبطال الذين يبلون بلاء حسنا في القتال، ويسطرون الملاحم والبطولات في الميدان، وفي أبناء القبيلة في الداخل والخارج كإعلاميين وناشطين وثوريين، وفي موقفي أنا شخصيا شيخ القبيلة، نحن نخوض المعركة جميعا بكل أبعادها وأسلحتها، ولا يوجد أي خلاف في ذلك، ونحن نعتبرها تكملة لمعركتنا الأولى وثورتنا الكبرى، ونؤمن أنها معركة واحدة، وعدونا واحد، وانتصارنا في هذه المعركة سيفتح الطريق لنا إلى دمشق واسعا.. ونحن منتصرون بعون الله، والمسألة مسألة وقت لا أكثر.