د.باسل معراوي
كان واضحاً منذ الأسابيع الأولى للغزو الروسي لأوكرانيا أنّ القيصر وقع في حفرة سيصعب عليه الخروج منها ، والبعض يراه فَخاً تَمّ نصبه له ، وتببن أيضاً خطأ الحسابات وتقدير الموقف الذي صبغ قرارات الديكتاتور المغرور صاحب العقلية الإمبراطورية العابرة للحدود الوطنية وصاحب الطموح بإعادة روسيا كقطب عالمي منافس للولايات المتحدة ، ويمكننا القول بإخنصار إنّ بوتين نطح جدار الناتو بقرون من عجين.
يرى البعض أنّ إستدعاء بوتين لبشار أسد في 23 تموز الماضي والاجتماع به منفرداً ،كان لأمر خطير لايَصلح أن ينقله له سفير او وزير ، وقد افصح الإعلام الروسي عن عنوان اللقاء وهوأنّ بوتين حذر الأسد من تصعيد كبير في المنطقة قريب وسيشمل سوريا ، ويمكن أن يكون قد قال له ، إنّ الهدف الأمريكي من التصعيد في المنطقة والتذرّع بأنّ نتياهو هو من يَجرّ الولايات المتحدة لحرب هو كمن يقتنع ان الجدي ممكن أن يجرّ التيس ، وإنّ حقيقة الهدف الغربي هو إخراج إيران من المنطقة وإخراج الروس من سوريا ، وإنّ دخول بري إلى لبنان وجنوب سوريا ليس مُستبعداً ، إذ بدون ذلك الدخول لايُمكن للضربات الجوية والاغتيالات وتدمير القنصليات أن يؤدي لإخراج إيران دون الامساك بالأرض.
وإنّ أيّ إنهيار أو خروج بَرّي للميليشيا الإيرانية من سوريا سَيُبقي القواعد الروسية في سوريا دون أرجل تحملها أو أيدي تدافع عنها ، خاصةً أنّ المازق الروسي في الحرب في أوكرانيا عميق وأنّ الأسطول الحربي مُحاصراً عملياً بسبب إغلاق الأتراك المضائق في وجه القطع الحرببة وبالتالي قد تكون لاجدوى إستراتيجية من الحفاظ على تلك القواعد ومن الممكن أن تتعرّض القواعد لهجمات كما تعرضت قوات فاغنر في أفريقيا .
إجتماع بوتين مع الأسد حدث في 23 تموز ، وإزدادت الأمور سوءاً على القيصر وبات الآن في وضع أصعب من السابق حيث حدث الإختراق الأوكراني الكبير للأراضي الروسية في 5 آب ، وهي عملية مفاجئة للروس ولكنها مُخطّطة ومدروسة جيداً من الناتو ، حيث شاركت دبابات ليوبارد الألمانية في الإقتحام مع تمهيد جوي بطائرات F16 والتي إستلمها الجيش الأوكراني من الولايات المتحدة مُؤخراً.
يرى البعض أنّ الخرق الأوكراني واحتلال أراضي روسية له عدة أهداف:
1- إضعاف الروح المعنوية للشعب والجيش الروسي وإذلال القيصر الذي تتعرض بلاده للغزو.
2- إرباك أيّ خطط روسية وسحب قوات النخبة لعدم توسّع الخرق من جبهات مشتعلة في اوكرانيا مما سيؤدي لإضعافها.
3- سقوط أهمّ خط أحمر روسي والتهديد بحرب عالمية ثالثة ( ممكن أن تكون نووية ) إذا ما تم غزو الأراضي الروسية…
4- تأكيد الضوء الأخضر الغربي لكييف بإستعمال أسلحة الناتو في الهجوم على الأراضي الروسية ، وعدم الخشية من أيّ رد فعل روسي إتجاهها.
5- إذا ما تمّ إيقاف أو تدمير محطة ضخ الغاز الروسية الموجودة في كورسك إلى بعض دول القارة الاوربية فإنّ ذلك يعني حرمان الخزينة الروسية من 18 مليار دولار سنوياً .
6- والأهمّ من كل ما سبق ، إستباق وصول ترامب للرئاسة (فيما لو فاز بالإنتخابات ) من أيّ عَبَث بهذا الملف ويكون العرض الأوكراني المدعوم غربياً لحل الأزمة وإيقاف الحرب هو الأرض مقابل الأرض ، بمعنى إنسحاب روسي من كل الأراضي الأوكرانية المحتلة ، مقابل إنسحاب أوكراني من الأراضي الروسية المحتلة وتجريد بوتين من كل أوراقه التفاوضية ، ويرى البعض أنّ إضافة شرط الإنسحاب الروسي من سوريا قد تكون واردة أيضاً..
يتمّ الآن كسر الساقان اللتان حملتا الأسد ومنعت سقوطه ، ولايُمكن التصوّر أبداً أن يبقى الأسد واقفاً دون ساقين.