خاص – حاوره: أسامة آغي
تتشابك خيوط قضايا متعددة في فضاء القضية السورية، ويؤثر ذلك في استمرار تأخر حلها السياسي وفي استعصائه، مما يراكم من مأساة الشعب السوري الواقع بين سندان نظام أسد الذي يرفض أي حلٍ، ومطرقة تهرّب القوى الدولية الفاعلة عن دورها في تنفيذ قراراتها الصادرة عن مجلس الأمن مثل بيان جنيف والقرار 2118 والقرار 2254.
غلوبال جستس سيريا نيوز وضع أسئلته أمام السيد عبد المجيد بركان نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة، فكان هذا الحوار.
الائتلاف الوطني يساند الفلسطينيين
حرب إسرائيل على غزّة التي تستهدف إحداث تغيير ديمغرافي قد يصل إلى حدود ترحيل سكان القطاع نحو سيناء أو صحراء النقب، أو غيرها من المناطق.
هل تعتقدون في الائتلاف الوطني أن هذه الحرب ستؤثر بصورة ما على وضع القضية السورية داخلياً وإقليمياً ودولياً؟ ما سيناريوهات التأثير على صعيد تغيير إسرائيل لموقفها المؤيد لبقاء نظام بشار؟ وهل تتوقعون حدوث تطورات إقليمية نتيجة الحرب على غزّة؟
يجيب نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري على سؤالنا فيقول: إن تراخي المجتمع الدولي في تعاطيه مع الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد في سورية من تهجير وقتل وتغيير ديمغرافي، جعل الكثير من الأنظمة تستسهل هذه الجرائم، ورفع سقف الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزّة، وبطبيعة الحال العدوان الإسرائيلي على القطاع، أثّر بشكل سلبي في تعاطي الدول مع الملف السوري، وأصبحت أولوية كثير من الدول المؤثرة في الملف السوري أضعف كثيراً.
ويوضح بركات: موقف الائتلاف مما يحدث في غزّة واضح جداً، وهو مساندته للشعب الفلسطيني، واستنكاره للجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي. وإن تعاطفنا مع الفلسطينيين نابع من أزمة يعيشها السوريون منذ أكثر من اثني عشر عاماً، نتيجة جرائم مشابهة ارتكبها نظام الأسد، وإن ما يحدث الآن في غزّة هو صورة عما حدث في سورية من (قصف مدارس ودور عبادة ومستشفيات، وتهجير قسري)، وضعف في تعاطي المجتمع الدولي مع هذه الحالة سواء من الناحية الإنسانية، أو القانونية، أو السياسية.
ويضيف بركات: لا تزال القضية الفلسطينية قضية مركزية بالنسبة للعرب، والاصطفاف فيها يكون اصطفافاً حدّياً، وقد شاهدنا التحرك الشعبي والجماهيري، وتحرّك العالم العربي، والاجتماعات الطارئة التي عقدها مجلس التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية. وبالتالي كان هناك تحرّك لا بأس فيه على المستوى الشعبي والمستوى الرسمي. ورغم ذلك لم يتوقف العدوان على غزّة، وهذا عايشه السوريون خلال السنوات الماضية.
استعصاء في الشرق الأوسط
ويعتقد بركات: إن هناك استغلالاً من بعض الدول للأحداث في غزة، وهذا ينعكس علينا كسوريين بشكل مباشر، لإن الدول التي تستغل القضية الفلسطينية بشكل دائم هي بالأساس دول اعتدت على سورية ومارست علينا جرائم مباشرة مثل الذي تمارسه إسرائيل في غزّة، سواء إيران أو نظام الأسد، وحتى الميليشيات الإيرانية وميليشيا حزب الله وكذلك الروس، وبالتالي هناك استعصاء في القضايا التي تخصّ الشرق الأوسط، واستعصاء على مستوى مجلس الأمن.
ويرى بركات: إن ملفي غزّة والقضية السورية هما ملفان مرتبطان ببعضهما بشكل كبير، لإن القوى الفاعلة فيهما واحدة.
نعيش مساومة في العملية السياسية
ملف التفاوض مع نظام أسد الذي ترعاه الأمم المتحدة لا يزال أسير مربعه الأول. إذا أراد الائتلاف توظيف أوراق أخرى لجعل النظام يقبل بالتفاوض بموجب القرار 2254 مثل تفعيل غضب السوريين من هذه الحالة. ما الوسائل والأدوات التي يملكها الائتلاف للضغط على نظام أسد وتكون مثمرة؟
في إجابته على سؤالنا يقول عبد المجيد بركات: نظام الأسد اختطف العملية السياسية، وأصبحت رهينة لديه نتيجة عدم وجود إرادة دولية حقيقية في الوصول إلى حل سياسي، ونتيجة سياسات المبعوث الدولي “جير بيدرسون” في تعاطيه مع حالة الرفض الدائمة من قبل النظام، لذلك نحن نعمل على مستويين بهذا الشأن، المستوى السياسي من خلال هيئة التفاوض والائتلاف والسوريين بشكل عام، سواءً المؤسسات الرسمية أو غير الرسمية، التي تعمل بشكلٍ دائم على تأكيد مواقف الدول تجاه الملف السوري والعملية السياسية.
ويضيف بركات: نحن نلاحظ أن هناك تأييد للعملية السياسية، وتطالب دول كثيرة بتطبيق العملية السياسية، ولكن بالمقابل لم نلحظ أي تحرّك فعلي حقيقي يفكّك حالة الاستعصاء، لذلك هيئة التفاوض اجتمعت أمس في جنيف، وطالبت المبعوث الدولي بعقد اجتماع للجنة الدستورية.
ويرى بركات: إنه يا للأسف فإن العملية السياسية أصبحت دولية بامتياز، التأثير الشعبي فيها بسيط، ونحاول قدر الإمكان تجميع الجهود الشعبية والجهود الإعلامية وجهود كل السوريين في العالم من أجل إعادة الأولوية للملف السوري، ومن أجل العمل على تشكيل حالة إقليمية ودولية ضاغطة باتجاه إيجاد الحل.
ويبين بركات: لا نزال نعيش حالة من المساومة داخل العملية السياسية بين الدول، هذه المساومة أثّرت كثيراً على تطبيق القرار الدولي، وأن هناك الكثير من الدول حوّلت الملف السوري من ملف سياسي ومطالبات شعبية سياسية إلى ملف إنساني، وهذا الأمر خطير بالنسبة لنا، ولا يوجد حلول إنسانية لقضايا سياسية، لذلك لا بدّ من إعادة تموضع العملية السياسية في مكانها المناسب:
ويرى بركات: أن الأهم هو تكوين إرادة إقليمية ودولية داعمة وضاغطة باتجاه تطبيق الحل الدولي، وعدم إدخال المساومات الإقليمية والدولية في العملية السياسية، لإن الكثير يريد إبقاء الملف السوري مفتوحاً من أجل تحسين شروط تفاوضه في ملفات أخرى.
الشمال المحرر أنموذج استقرار
انتخابات الائتلاف الوطني الأخيرة، ومجيء قيادة تبدو أكثر قدرة على الحركة والتأثير إقليمياً ودولياً. هل هناك توجه جاد لنقل غالبية مكاتب الائتلاف إلى مناطق الشمال المحرر؟ وهل هناك رؤية جديدة لخلق انعطافة في حياة هذه المناطق على صعد استقبال اللاجئين وتفعيل دور الحكومة المؤقتة في السيطرة على كل ما يتعلق بشؤون السكان المدنيين؟ أي هل هناك توجه لجعل مناطق الشمال المحرر نموذجاً للاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي؟
في إجابته على سؤالنا الثالث، يقول نائب رئيس الائتلاف الوطني عبد المجيد بركات: الائتلاف بكل مكوناته بقيادته الجديدة يعمل بشكل دائم على أكثر من جبهة، سواءً كانت سياسية أو على مستوى المناطق المحررة، لذلك نعيش حالة توافق حول التحركات التي يقوم بها الائتلاف، وهناك رغبة من الجميع أن يكون الشمال المحرر أنموذجاً لكل المناطق في سورية، وهذا واضح من خلال النشاط الذي تقوم به قيادة الائتلاف في الفترة الحالية من زيارات مكثفة إلى هذه المناطق.
ويوضح بركات: هناك خطة أساسية نعمل عليها على مستوى تنمية الشمال المحرر (تعليمياً وصحياً وزراعياً..) من خلال دعم الحكومة المؤقتة ومؤسساتها وهذا الأمر بدأنا نلمسه من خلال المشاريع التي تمّ افتتاحها في الفترة الأخيرة، مثل مشروع الطاقة الشمسية ومشاريع الطرق وبناء الجسور في عفرين. وإن هناك رغبة حقيقية من قبل قيادة الائتلاف ومكوناته والحكومة المؤقتة للوصول إلى أنموذج يرضى عنه جميع السوريين، وهذه مسؤولية تقع على عاتق الائتلاف الوطني على قاعدة تمكين الحكومة المؤقتة.
الائتلاف داعم لكل جهود السوريين
انعقد في ألمانيا منذ أيام المؤتمر السوري الديمقراطي، والذي حضرته أحزاب وتيارات سياسية ومنظمات مختلفة، وغايته العمل تحت سقف القرار الدولي 2254.
فهل تواصلت اللجنة التحضيرية مع قيادة الائتلاف الوطني للتنسيق في إنجاح هذا المشروع؟ أم أنكم في الائتلاف الوطني تجدون بمثل هذه الخطوات تشتيت للقضية السورية وإضعاف لدور الائتلاف في قيادة قوى الثورة والمعارضة؟
جواباً على سؤالنا يقول عبد المجيد بركات: الائتلاف داعم لكل جهود السوريين على كل المستويات، سواء على المستوى السياسي أو المستويات الخدمية والتنفيذية، نحن في الائتلاف الوطني نضع في اعتبارنا أن أي جهد سوري يصبّ في اتجاه تطبيق القرار الدولي هو محط تثنية ومحط اهتمام من قبلنا.
ويضيف بركات: السوريون موجودون في كثير من دول العالم، لديهم القدرة على التأثير على الرأي العام في هذه الدول، وحتى على سياسات الدول، لذا ننظر إلى أي اجتماع سوري على أنه يصبّ في النهاية في السياق الذي يعمل عليه الائتلاف في تطبيق القرار الدولي، وفي تمكين مؤسسات الثورة السورية.
ويوضح بركات: إنه لم يتم التواصل مع الائتلاف الوطني بشكل رسمي، وإنما كان هناك تواصل من قبل اللجنة التحضيرية مع عدد من أعضاء الائتلاف، والسبب نتيجة انشغال الائتلاف في العمل على بعض القضايا السياسية، أو على الداخل. وكذلك لأن هذه التواصلات لم تكن رسمية.