مع اقتراب الانتخابات، غالباً ما يعود كثر من الناخبين الذين أعربوا في البداية عن دعمهم لمرشحي طرف ثالث إلى التصويت لأحد مرشحي الحزب الرئيسي لتجنب “إهدار” أصواتهم أو مساعدة المرشح الذي يكرهونه، على الأقل عن غير قصد.
في الولايات المتحدة، يصوّت جزء كبير من الأميركيين، ليس لاختيار من يريدون رئيساً أو حاكماً أو نائباً، وإنما ضدّ من يخشون نجاحه لأي من تلك المناصب. مرد ذلك إلى نظام الحزبين، ونتاجُه تعزيزُ هذا النظام.
لطالما أردتُ أن أصوّت لصالح مرشح حزب الخضر الأميركي، ولكنني، لإدراكي بأن تصويتي لصالح الخضر يمكن أن يصب في صالح مرشح اليمين، كنت أغيّر رأيي قبل وضع بطاقة التصويت في البريد وأصوّت لصالح المرشح الديمقراطي. فعلت ذلك في 2016 و2020، وفي كلتَي الحالتين كان صوتي ضدّ دونالد ترامب، خشية فوزه، وليس حبا في هيلاري كلينتون (2016) أو جو بايدن (2020). كلا المرشحين لا يمثل ما أريد أن أراه في الرئيس سياسياً أو أخلاقياً، وهما يفتقدان الحضور والكاريزما. ولكن خوفي من انتصار رئيس أجوف وفاشي ومعاد للمرأة والملوّنين جعلني أصوت لهما، ضدّ رغبتي.
هذه السنة اتخذت قراري بألا أفعل ذلك مجدداً. وقررت أن أصوت لجيل ستاين، مرشحة حزب الخضر، في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل. وشجعني في ذلك الموقف غير الأخلاقي لإدارة الرئيس بايدن حيال الحرب البربرية التي تشنها حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة ضدّ المدنيين في غزة وسلوك بايدن المتعجرف الذي رفض الإصغاء إلى صوت الملايين من الشباب الأميركي والعرب والمسلمين الذين حثّوه على تخفيف دعمه الأعمى لبنيامين نتانياهو وإيقاف الحرب. وشجّعني أكثر إهماله قضية سوريا والسوريين، وعدم استخدام ما لديه من قوانين أقرها الكونغرس في التضييق أكثر على الجزار الدمشقي.
أدرك أن صوتي لصالح ستاين لن يوصلها إلى البيت الأبيض. فكثر من الأميركيين يتراجعون في اللحظة الأخيرة عن التصويت لمن يريدون حقاً، خوفاً من يأتي أسوأ الشرين لا أهونهما.
مرشحو الحزب الثالث والمرشحون المستقلون غالباً ما يفشلون في تحقيق أرقام في الانتخابات تشبه تلك التي يحصلون عليها في الانتخابات التمهيدية. فعلى الرغم أن هؤلاء المرشحين غالباً ما يحصلون على دعم قوي في استطلاعات الرأي المبكرة والانتخابات، سرعان ما تتراجع هذه الأصوات بشكل ملحوظ في الانتخابات العامة الفعلية، ولدينا في التاريخ أمثلة كثيرة.
خاض جورج والاس الانتخابات كمستقل في عام 1968، وحصل في ذروة دعمه في استطلاعات الرأي على نسبة 20 في المئة، لكنه انتهى بحصوله على 13.5 في المئة فقط من الأصوات الشعبية. وفي 1980، بدأ المرشح المستقل جون أندرسون حملته الانتخابية ومعه نحو 20 في المئة من الدعم، لكنه انتهى بنسبة 6.6 في المئة فقط.
وعلى الرغم من الأداء القوي للملياردير روس بيرو في استطلاعات الرأي المبكرة في كل من عامي 1992 و1996، 18.9 في المئة و8.4 في المئة من الأصوات على التوالي، تهاوت أرقامه في يوم الانتخابات الفعلية. وكذلك كان حال رالف نادر وبات بوكانان في عام 2000، وغاري جونسون وجيل ستاين في عام 2016، إذ لم يحقق أي منهم النسبة التي وعده بها الناخبون في استطلاعات الرأي والانتخابات المبكرة.
يعود هذا الانخفاض إلى عوامل عدة، في مقدمها التحديات التي يواجهها هؤلاء المرشحون في الحفاظ على ظهورهم الشعبي والإعلامي وتأمين الدعم المالي على المدى الطويل، وسلوكيات التصويت الاستراتيجية للناخبين، والتكتيكات التي تستخدمها الأحزاب الرئيسية لتعزيز قواعدها وتثبيط الدعم لطرف ثالث.
ومع اقتراب الانتخابات، غالباً ما يعود كثر من الناخبين الذين أعربوا في البداية عن دعمهم لمرشحي طرف ثالث إلى التصويت لأحد مرشحي الحزب الرئيسي لتجنب “إهدار” أصواتهم أو مساعدة المرشح الذي يكرهونه، على الأقل عن غير قصد.
وهذه السنة، أدى استياء ملايين الناخبين من مرشحي الحزبين الرئيسيين، جو بايدن ودونالد ترامب، إلى إظهار دعم كبير للمرشحين المستقلين ومرشحي الطرف الثالث مثل روبرت إف كينيدي جونيور، وجيل ستاين، وكورنيل ويست.
وفقاً لاستطلاع أجرته جامعة كوينيبياك، عندما أُعطي الناخبون الاختيار بين خمسة مرشحين بدلاً من اثنين، اختار 20 في المئة شخصاً آخر غير بايدن أو ترامب. وحل روبرت كينيدي جونيور أوّلاً بـ 13 في المئة، تلته جيل ستاين، رئيسة حزب الخضر، بنسبة 4 في المئة وكورنيل ويست بنسبة 3 في المئة. وفي حين تشير الاتجاهات التاريخية إلى أن هذا الدعم من المرجح أن يتراجع بحلول يوم الانتخابات، فإن خسارة نقطة واحدة يمكن أن تكون نقطة تحول في سباق متقارب. وقد أثار هذا التأثير المحتمل قلق الديمقراطيين خصوصاً بشأن كينيدي، الذي جعله الجمع بين اسمه عائلته الشهير ونسبه الديمقراطي والدعم المالي الكبير الذي حققه، منافساً كبيراً.
لكن مواقف كينيدي، التي تمزج بين نظريات المؤامرة والشعبوية، قد تجتذب أيضاً الدعم من ناخبي بايدن وترامب، ما يزيد من تعقيد الحسابات الانتخابية لكلَي مرشحي الحزبين الرئيسيين.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه بايدن تحديات من مرشحي الطرف الثالث الآخرين مثل جيل ستاين وكورنيل ويست، اللذين ينتقدانه من اليسار. معارضة ستاين وويست لمساعدة بايدن العسكرية لإسرائيل، على الرغم من مواجهة تحديات الوصول إلى صناديق الاقتراع، أدت إلى مزيد من الانقسام بين الناخبين التقليديين والتقدميين في المعسكر الليبرالي. وقد تكون لتجزئة الأصوات هذه آثار كبيرة على نتيجة الانتخابات.
الدرس الكبير المستفاد من هذه التحليلات هو أن الانتخابات تتميز على نحو متزايد باختيار الناخبين أحد المرشحين لمنع الخيار الأقل تفضيلاً من الفوز بالانتخابات، بدلاً من التصويت لاختيارهم المثالي. ولهذه الديناميكية آثار كبيرة، بخاصة في السباقات المتقاربة، حيث بإمكان مرشحي الطرف الثالث والمستقلين إفساد الفرص على الآخرين. ولتأمين النصر، سيتعين على مرشحي الأحزاب الرئيسية معالجة استياء الناخبين واستعادة دعمهم من هؤلاء المرشحين البديلين.
مأزق الناخب العربي
يجد الناخب الأميركي العربي نفسه في مأزق سياسي وأخلاقي غير مسبوق. فالناخبون العرب الجمهوريون كان يصوتون لمرشح الحزب الجمهوري لأنه يمثل قيمهم في التدين والحفاظ على العائلة وما يسمونه “الفضيلة”. هذه القيم لم يعد لها وجود لدى المرشحين الجمهوريين، ويستطيع الناخب العربي أن يرى أن زعيم الجمهوريين مدان قضائياً بالاعتداء الجنسي على امرأة، وقد سمعه قبل سنوات وهو يتباهى بأنه يستطيع أن يقبض بيده على الأعضاء الحساسة لأي امرأة لأنه مشهور.
يعرف الناخب العربي أن الجمهوريين باتوا يتاجرون في قضية الإجهاض وزواج المثليين فقط لتحقيق مكاسب انتخابية في أوساط المسيحيين الأميركيين.
أما الناخب الأميركي العربي الديمقراطي، فاختياره مرشحي الحزب الديمقراطي يأتي من قناعاته المتحررة وإيمانه بضرورة فصل المؤسسات الدينية عن الدولة وقناعته بالحريات الفردية والمساواة بين جميع المواطنين. ويأتي ذلك أيضاً من التوازن الذي تبديه الإدارات الديمقراطية تاريخياً حيال القضايا العربية والصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
بيد أن صورة الحزب الديمقراطي تشوهت بإصرار الرئيس بايدن على التمسك بمنصبه قبل أن يتراجع عنه بعد ضغوط، وهو ما يذكّر الناخب العربي بزعماء البلاد التي فرّوا منها إلى “بلاد الحرية.” ولا يصدق الناخبون العرب أنه لا يوجد بين الديمقراطيين رجل أو امرأة آخران قادران على قيادة دفة البلاد وإنقاذها من الفاشية سوى رجل عجوز يبدو عليه بوضوح أن ملكاته الذهنية تتراجع بتسارع ملحوظ.
كما أثر على صورة الديمقراطيين بعض الفاسدين، وفي مقدمهم السيناتور العريق بوب مينينديز، الذي أدين أخيراً بالفساد والرشوة وتكديس المال والذهب في بيته، بعدما حصل عليهما من دول خارجية بينها دول عربية معروفة.
أخيراً، يتبارى الجمهوريون والديمقراطيون في تأييد إسرائيل في حرب الإبادة التي تخوضها ضد المدنيين في غزة (والضفة الغربية). ويرى الناخبون العرب أن كلَي الطرفين لا يرف لهما جفن وهما يشاهدان المستشفيات والمدارس والبيوت تدمر والغذاء والدواء والماء يندر والكرامة البشرية تداس. فيجد هؤلاء الأشخاص أنفسهم غريبين عن السياسة الأميركية التي كانوا جزءاً منها، ولا يرون لأنفسهم مخرجاً.
جيل ستاين
في مواجهة رجل ذاهل متمسك بالسلطة ويرى بعين واحدة، وآخر بلطجي يداعب الأفكار الدكتاتورية ولا يخجل من إعجابه بحكام كوريا الشمالية وروسيا والمجر، ولا يمانع في إجراء تغييرات جذرية على دور المؤسسات الأميركية وطبيعة عملها (كما يبين مشروع 2025 بصراحة)، هنالك خيارات أخرى، لمرشحين مثقفين ومدركين واقع أميركا والعالم وقادرين على قيادة دفة السفينة، ولكن من دون حظ كبير.
من هؤلاء الدكتورة جيل ستاين، البالغة 73 عاماً، وهي طبيبة وناشطة بيئية، ترشحت سابقاً للرئاسة في عامي 2012 و2016، وتحاول اليوم مجدداً تقديم خيار للناخبين “خارج النظام الحزبي الفاشل”.
تدعو ستاين إلى اتخاذ “إجراءات حاسمة” لمعالجة تغير المناخ، وتدعم صفقة خضراء جديدة، تهدف إلى الاستثمار في الوظائف والصناعات المستدامة لمكافحة تغير المناخ وتعزيز الاقتصاد.
وتنتقد ستاين وحشية الشرطة وتدعو إلى مزيد من التدريب على تكتيكات حل النزاعات. كما أنها تدعم السيطرة المجتمعية على الشرطة، وسبق أن أيدت حظر الأسلحة الهجومية. وفي حملتها لعام 2016، دعت ستاين إلى إلغاء الديون الطلابية ودعم التعليم المجاني في الكليات العامة.
تدعم ستاين مشروع قانون حقوق اقتصادية يشمل وظائف بأجر معيشي، الإسكان، الطعام، الرعاية الصحية، التعليم، وبرامج أخرى. وتدعو إلى اقتصاد يفيد الجميع، وليس فقط الأثرياء وأصحاب النفوذ.
وتنتقد ستاين كلَي الحزبين لدعمهما “آلة الحرب التي لا تنتهي”. كما أنها تدعو إلى سياسة خارجية تركز على حقوق الإنسان وتعارض “العنف والاحتلال والفصل العنصري،” ودعت مراراً إلى وقف إطلاق النار في إسرائيل.
تدعم ستاين نظام الرعاية الصحية للجميع وتعميم نظام Medicare ليشمل جميع الأميركيين، بما في ذلك الرعاية الصحية النفسية ورعاية الأسنان والرؤية. وتشمل الرعاية الصحية كحق في مشروع قانون الحقوق الاقتصادية الخاص بها.
كما تدعم ستاين مساراً أوسع للحصول على الجنسية للمهاجرين، وتنتقد السياسات الأميركية التي تساهم في أزمات الهجرة، وتؤيد حقوق الإجهاض. كما انتقدت الديمقراطيين لعدم تشريع حماية حقوق الإجهاض عندما كانوا يسيطرون على الكونغرس والبيت الأبيض، واتهمتهم بجمع التبرعات على حساب قضية الإجهاض بدلاً من اتخاذ خطوات ملموسة لحماية حقوق الإجهاض.
مشاكل النظام السياسي الأميركي
يعاني النظام السياسي الأميركي من جملة من المشاكل التي تصعب معالجتها، أهمها:
الاستقطاب: أدى الانقسام الأيديولوجي المتزايد بين الأحزاب السياسية إلى زيادة العداء بين الأفراد ونقص في التوصل إلى حلول وسط، ما يجعل من الصعب معالجة القضايا الرئيسية مثل تغير المناخ والهجرة وعدم المساواة والأسلحة والديون والعجز.
حكم الأقلية: يسمح النظام الانتخابي الحالي لأقلية من السكان بممارسة تأثير غير متناسب على السياسات والقيادة. ويتضح ذلك في انتخاب رؤساء خسروا في التصويت الشعبي، وتثبيت قضاة المحكمة العليا من أعضاء مجلس الشيوخ الذين يمثلون أقلية من السكان، والتأثير الكبير للولايات الأقل سكاناً في مجلس الشيوخ.
فقدان الثقة في المؤسسات: انهارت الثقة في المؤسسات، بما في ذلك الحكومة الفيدرالية، والمحكمة العليا، والكونغرس. واستمر هذا الانهيار على مدى العقدين الماضيين، وتفاقم بفعل الفضائح والفساد وهجمات القادة السياسيين على المؤسسات.
المجمع الانتخابي: أدى نظام انتخاب الرئيس من خلال المجمع الانتخابي إلى نتائج مغايرة للتصويت الشعبي، إذ لم يفز المرشح المنتخب بالتصويت الشعبي بالانتخابات. هذا النظام، الذي أنشأه المؤسسون، يُعتبر الآن قديماً ولا يعكس المشهد السياسي الحالي.
تمثيل مجلس الشيوخ: عدم التوازن في تمثيل مجلس الشيوخ، إذ تحصل الولايات الأقل سكاناً على تمثيل متساوٍ مع الولايات الأكثر سكاناً، ما يؤدي إلى سيطرة أقلية من السكان على القرارات التشريعية. وهذا يؤثر على تأكيد تعيينات المرشحين القضائيين وكبار المسؤولين التنفيذيين.
التلاعب في ترسيم الدوائر الانتخابية وانتخابات مجلس النواب: التلاعب في ترسيم الدوائر الانتخابية، وتوزيع السكان، وتفضيل الأماكن السكنية، كلها أمور قللت من المنافسة على مقاعد مجلس النواب، ما أدى إلى زيادة تطرف المرشحين وتقليل التوصل إلى حلول وسط.
صعوبة تعديل الدستور: الدستور الأميركي يصعب تعديله، ما يعرقل إمكانية معالجة القضايا الهيكلية مثل المجمع الانتخابي، تمثيل مجلس الشيوخ، والتعيينات مدى الحياة لقضاة المحكمة العليا. تتناقض هذه الصعوبة مع دساتير الولايات التي تم تعديلها بشكل أكثر تواتراً.
التفسير القضائي: هيمنة الأصوليين في المحكمة العليا الذين يفسرون الدستور بصرامة وفقاً لمعناه الأصلي، تتعارض مع الحاجة الى جعل الدستور قابلاً للتكيف مع الأوقات والظروف المتغيرة.
دور المال السياسي وطول الحملة الانتخابية: تبدأ الحملة الانتخابية لأعضاء مجلس النواب للدورة المقبلة بمجرد أدائهم القسم للدورة الحالية. وبدأ دونالد ترامب حملته لانتخابات 2024 قبل سنتين كاملتين. وهذا يضع على عاتق المشرع أو المسؤول هاجس تأمين المال اللازم لإدارة حملات طويلة، ما يمنح الداعمين الماليين يداً طولى في صناعة النائب أو الرئيس.
“مواطنون متحدون ضد لجنة الانتخابات الفيدرالية”
في 2010، أصدرت المحكمة العليا قراراً تاريخياً في قضية أُسميت “مواطنون متحدون ضد لجنة الانتخابات الفيدرالية”، أثر بشكل كبير على قوانين تمويل الحملات الانتخابية في الولايات المتحدة. بدأت القضية عندما سعت منظمة “مواطنون متحدون،” وهي منظمة غير ربحية محافظة، إلى عرض فيلم وثائقي ينتقد هيلاري كلينتون خلال الانتخابات التمهيدية الرئاسية لعام 2008. كان هذا الفعل مخالفاً لقانون إصلاح الحملات الانتخابية الثنائية لعام 2002، المعروف أيضاً باسم قانون “ماكن-فاينغولد،” الذي يمنع الشركات والنقابات من استخدام أموال الخزينة العامة في “الاتصالات الانتخابية” خلال 30 يوماً من الانتخابات التمهيدية أو 60 يوماً من الانتخابات العامة.
وقضت المحكمة العليا بنتيجة 5-4 لصالح “مواطنون متحدون،” معتبرة أن تمويل الشركات البث السياسي المستقل في انتخابات المرشحين لا يمكن تقييده بموجب التعديل الأول، إذ اعتبر القرار الشركات أشخاصاً لديهم الحق في التعبير وفقاً للتعديل الدستوري الأول. وأطلق هذا القرار يد الشركات العملاقة في إمداد التبرع بمبالغ غير محدودة للحملات السياسية، بشرط ألا يكون إنفاقها منسقاً مع أي مرشح أو حزب سياسي. وقد مهّد هذا الحكم الطريق لإنشاء اللجان السياسية العملاقة، التي يمكنها جمع وإنفاق أموال غير محدودة من الشركات والنقابات والجمعيات والأفراد للدعوة للمرشحين أو ضدهم.
ومن البديهي أن القرار أدى إلى زيادة تأثير الأفراد الأثرياء والمجموعات ذات المصالح الخاصة في الانتخابات، ما يقوض القوة السياسية للناخبين العاديين.
آن الأوان
وعَود على بدء. هل سنستمر في انتخاب أشخاص لا نطيقهم ولا نؤيدهم خشية فوز أشخاص أسوأ منهم؟
هذا الخيار سيجعل من المستحيل على مرشحي الأطراف المستقلة والأحزاب الصغيرة الفوز بأي منصب كبير. أما إذا صوتنا للمرشح الذي نريد، فسنبدأ بخلق مناخ جديد وثقافة مغايرة يمكن أن تنمو في مستقبل ما لتغدو تياراً قوياً قادراً على فرض نفسه سياسياً وأخلاقياً.
وائل السواح – درج