صعدت الولايات المتحدة لهجتها مع روسيا عبر نسر مقاتلات حديثة في الشرق الأوسط بعد تكرار المضايقات الروسية في سوريا.
وأعلنت القيادة المركزية للقوات الأمريكية (سنتكوم)، أنها نشرت طائرات من طراز “إف-22 رابتور” في منطقة الشرق الأوسط، على خلفية السلوك “غير الآمن” للطيران الروسي في سوريا.
وذكرت “سنتكوم” في بيان، أن نشر المقاتلات، التي ستعمل بشكل متكامل مع قوات التحالف الدولي، يظهر الأوجه المتعددة للقدرات الأميركية وإمكانية إعادة نشر وتموضع القوات بشكل سريع.
وقال قائد “سنتكوم” الجنرال إريك كوريلا، إن سلوك القوات الروسية “غير الآمن وانتهاكها المنتظم لتدابير عدم الاشتباك المتوافق عليها يزيد من خطر التصعيد أو سوء التقدير”.
الأستاذ والباحث العلمي السابق في معهد تاريخ العلوم والتكنولوجيا (أكاديمية العلوم الروسية) الدكتور محمود الحمزة يؤكد أن الاستفزازات المتبادلة بين الولايات المتحدة وروسيا في سوريا هي بشكل عام هي ليست استراتيجية وليست مبدئية، مثلاً ايران التي تدعي أمريكا أنها تحاربها في سوريا و تتحالف معها في الحقيقة، ليس هناك عداء جدي بين أمريكا وايران، وهناك تناغم في الادوار وفي المواقف”.
وأضاف في حديث لموقع جستس سيريا نيوز أنه “الأحداث في أوكرانيا تؤثر على سوريا بحيث أن الامريكان يحاولوا أن يضغطوا على الروس ولو معنوياً وسياسياً واقتصادياً، و اعتقد أن لا يحصل مواجهات عسكرية بين الطرفين، أصلا امريكا في أوكرانيا لا تقاتل بقواتها إنما عن طريق الأوكران، بالتالي هذه الاستفزازات تعبير عن السياسة الامريكية التي تعني ابتزاز واستنزاف الطاقات الروسية في أوكرانيا وسوريا، وأينما وجدت القوات الروسية”.
ويشير الحمزة أنه “بتقديري الشخصي هناك تفاهم استراتيجي بين أمريكا وروسيا وإسرائيل حول سوريا، وبالتالي هم يتبادلون الأدوار ولن ينتقلوا لمجابهة حقيقية، لأن الأطراف الثلاثة متفقين على أمن دولة إسرائيل، وأن هذا النظام يجب أن يبقى أما الباقي فهو تفاصيل، و أكبر دليل أن روسيا نجحت في إقناع الدول العربية بالتطبيع مع الأسد، والامريكان ينتقدون ويعبرون عن عدم رضاهم، ويعني هذا لا يوجد هناك موقف قوي لمن يريد أن يطبّع رغم أن هناك قرارات أمريكية تُتخذ لكن تأثيرها ليس بعيد”.
ويختم الحمزة حديثه بالقول “الأوضاع لن تنفجر في سوريا بسبب صراع بين أمريكا وروسيا هم سيجدون دوما لغة مشتركة، هناك تبادل أدوار وتراجع في المواقف عند الضرورة، وعندما تكون الأمور جدية نحن نرى أن هناك تناغم في المواقف. في النتيجة السياسة الامريكة والروسية تصب في اتجاه واحد، صحيح روسيا لها مصالح مختلفة لكن هناك هدف مشترك وهي الحفاظ على هذا النظام وأمن دولة اسرائيل”.
من جانبه، أوضح قائد وحدات القوات الجوية الأمريكية في الشرق الأوسط، أليكسوس جرينكيويتش، أن الطائرات من الدرجة الأولى عالية القدرة على المناورة تنضم إلى طائرات مقاتلة أمريكية أخرى متمركزة بالفعل في المنطقة، بما في ذلك طائرات “إف-16” و”أ-10″، وقد بدأت بالفعل في رحلات جوية فوق سوريا.
وحول نشر الولايات المتحدة أسلحة حديثة يؤكد الدكتور السوري أن “هذا من باب الابتزاز لروسيا وجذب اهتمامها لسوريا اكثر هم يريدون ان تكون متورطة في سوريا، مثلما هي متورطة في اوكرانيا ةبالتالي هذه الأسلحة الحقيقة لا تعبر عن أي شيء عملي،و لن تدخل أمريكا بمجابهة مع روسيا، لكن قد تكون هناك اشتباكات او هجومات متبادلة مع الميليشيات الايرانية، وهي ايضا تدخل في نطاق الاعلام والدعاية وليس لها اي معنى عملي، لو ارادت امريكا واسرائيل لأخرجت ايران من سوريا خلال فترة فصيرة لنتذكر عندما ارادت امريكا اخراج نظام الأسد من لبنان اخرجوه خلال اربعة وعشرون ساعة”.
وقبل أيام، قالت مديرة الشؤون العامة للقوات الجوية الأمريكية (AFCENT)، تيريزا سوليفان، إن الطائرات الروسية في سوريا تعمل منذ مدة بطريقة “غير آمنة وغير مهنية”.
ولفتت إلى أن موسكو تتقصد تنفيذ “مناورات عدوانية”، وارتكاب عمليات توغل غير متضاربة في مناطق العمليات الأمريكية.
وأوضحت سوليفان أن جنود سلاح الجو الأمريكي يواصلون الالتزام بالبروتوكولات المتفق عليها، معتبرة أن الجيش الروسي “ابتعد مؤخراً عن المعايير المتوقعة لسلاح جوي محترف، واختار من ذلك انتهاك الاتفاقيات عمداً”.
وأشارت إلى أن سلاح الجو الأمريكي يستخدم الرادار وأنظمة وأجهزة استشعار أخرى، عندما يحدث هذا النوع من المناورات الروسية في المنطقة، لتجنب الاصطدام والحفاظ على الوعي بالطائرات الروسية التي تحلق بالقرب منه.
ونوهت المسؤولة الأمريكية إلى وجود بروتوكولات راسخة متفق عليها، بين قوات التحالف والقوات الروسية في سوريا، لمنع تعارض عمليات الجانبين، “وتحدد هذه البروتوكولات الإجراءات اللازمة للحد من مخاطر سوء التقدير أو سوء الفهم في أثناء العمل في منطقة القتال”.
يعتبر الباحث السياسي السوري فراس علاوي أن الاستفزازات المتبادلة ليست جديدة وهي قبل حرب اوكرانيا، ولكن لم تصل لحد التصعيد او الاصطدام المباشر، هي احتكاكات دائما موجودة وهذه الاحتكاكات غير منتجة ممكن أن يكون هناك تصعيد اعلامي اكثر ما هو تصعيد على الأرض.
ويضيف في حديث لموقع غلوبال جستس سيريا نيوز أن “مستقبل العلاقة بين الطرفين بشرق سوريا مرتبط بالتصعيد المتبادل بين القوتين بكل دول العالم، يعني لم نرى تصعيد في منطقة دون اخرى، ولكن قد تكون الشرارة في إحدى المناطق شرق سوريا، و هو أحدى المناطق القريبة جداً التي تحتك فيها القوتان، ولكن قد تكون شرارة في مكان أخر في حال حدوث تصعيد في مكان، ما سنرى التصعيد في جميع المناطق ومنها شرق سوريا، أماأن نرى تصعيد في شرق سوريا دون مكان أخر أعتقد ان الأمور لم تصل إلى هذه المرحلة”.
ويشير علاوي أن نشر الولايات المتحدة أسلحة حديثه ليس له علاقة مباشرة بالتصعيد مع روسيا، على العكس تماماً لها على مباشرة بالتصعيد مع إيران لأن من يستهدف القواعد الامريكية في شرق سوريا هي أما مليشيات إيرانية أو ميلشيات تتبع بشكل مباشر لإيران، وبالتالي الطيران المسير والقذائف الدفقعية تخرج من مناطق السيطرة الإيرانية وهذا ما جعل القواعد الامريكية تتزود ببعض الاسلحة الحديثة من مضادات طيران”.