كان واضحاً سلوك الأسد المختلف عن باقي أذرع المحور الإيراني في المنطقة…فلم يُطلق تصريحات طنّانة رنّانة ولم يَركب موجة الإستثمار في شعارات تحرير فلسطين والمسجد الأقصى..بل حتى إنّ إعلام النظام الرسمي والرديف لم يُفرد تلك المساحات للتغطية أو الإهتمام بالحرب….
أراد أن يُقدّم نفسه للغرب والعرب بأنه نموذج مختلف عن باقي الأذرع والتي كان لها إسهام عسكري ( مهما كان حجمه) ضِدّ إسرائيل أو الولايات المتحدة….
يُحكى عن نصيحة روسية إماراتية قُدّمت له بأنّ إسرائيل سَتضربه شخصياً إذا ما سمح بإستخدام أراضيه في المعركة…وكان خطاب حسن نصر الله في شهر تشربن ثاني عن إعفاء الجيش السوري من المشاركة مع بقية الأذرع لأنه مشغول داخلياً وانهكته سنون الحرب..وهذا الإعفاء بالطبع لايَشمل الاراضي الواقعة تحت سيطرة النظام ولو شكلياً…
حاول الاسد تقديم نفسه كمن يَهتمّ بترتيب ببته الداخلي فتوالت قرارات داخلية تَتعلّق بإصلاح بنية جيشه وهيكلة اجهزة مخابراته وإصلاحات في حزب البعث الخ….وبَثّ صور لزياراته لدور أيتام وجرحى او القيام بلعبة شَدّ الحبل بعد تدمير القنصلية الإيرانية في المزة.
وعندما بدات الضربات الإسرائيلية بالإزدياد كماً ونوعاً لقيادات إيرانية وقيادات من حزب الله وتعطيل المطارات المدنية لم يكن يُدين تلك العمليات بل يذكرها يصيغة خبربة في إعلامه…
لن يَدع الحرس الثوري الأسد يُميّز نفسه عنهم …فقد توالت عمليات إستهداف الجولان المحتل من الأراضي اللبنانية والسورية وتَمّ من الأراضي السورية أقوى عملية ضِدّ القواعد الأمريكية في البرج 22 في الأ ردن والتي إستدعت رداً أمريكياً قاسياً…كما أنّ الميليشيات العراقية تستهدف القواعد الأمريكية في سوريا من الأراضي السورية والعراقية ..لِتثبت أنّ الأسد غير قادر على منع تلك الضربات .
وعت روسيا لأهمية جبهة الجولان بعد 7 أكتوبر فأنشأت نقاط مراقبة مُتعدّدة في الجولان السوري مع تسيير دوريات جوية لإرسال رسالة لإيران ومحورها ولتطمين إسرائيل مفادها أنّ تلك الجبهة في العهدة الروسية ولن يُسمح لأحد باللعب فيها…
لاتستطبع روسيا بعد 22 شباط 2022 أن تُملي إرادتها على أطراف الصراع أو الإستثمار في تلك البقعة الملتهبة لمصلحتها…والغاية الروسية الحفاظ على نظام الأسد من السقوط وإبعاد الحرب عنه لأنّ وجوده في السلطة ضمان لإستمرار نفوذها في سوريا….
بدأت تتوالى أخبار من الجنوب السوري عن إنسحاب الميليشيا الإيرانية ( أو تخفيف تواجدها كثيراً فيه ) خوفاً من مصير مشابه لمصير الجنوب اللبناني والذي تَمّ تدمير كل قواعد الحزب وطرد السكان الذين يُشكّلون حاضنة وغطاءاً لتحركاته ..وبالطبع لن تتخلى إيران عن الجبهة السورية في مناكفة أو تهديد إسرائيل بعد سقوط نظرية الردع الإيراني من إيران من مسافة 1200 كم بل إنّ قوة ردعها ستكون من مسافات صفرية من سوريا ولبنان حيث لا تَتمكّن منظومات الدفاع الجوي الغربية والإسرائيلية من تحقيق نفس نسبة النجاح التي تَمّ تحقيقها فجر 14 نيسان وستصل صواريخ ومُسيّرات كثيرة إلى داخل العمق الإسرائيلي….
ويرى البعض أنّ إنشاء منطقة عازلة في الجنوب السوري لحماية الأردن وإسرائيل بات مسالة وقت… والصدام المُتوقّع سيكون في الأراضي السورية قبل اوبعد أو أثناء الحرب على حزب الله …ولن يستطيع الأسد التهرب أو النأي بنفسه عن تداعيات الحرب ولن يكون بمقدوره إستخدام إيران لحمايته من السقوط… وعندما تحتاجه في إستراتيجياتها يتخلى عنها….وقد لايكون بعيداً أن يذهب الأسد فرق عملة عندما تصطدم البورصات الإقليمية والدولية في المنطقة.
*د باسل معراوي*