توماس فريدمان*
– 14 تشرين الأول 2024 ( الاتحاد ) –
قد نكون على وشك الدخول فيما يمكن أن يكون أخطر لحظة في تاريخ الشرق الأوسط الحديث، أي حرب صواريخ باليستية بين إيران وإسرائيل، ومن شبه المؤكد أنها ستجلب الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل، وقد تفضي في الأخير إلى جهد أميركي إسرائيلي لتدمير البرنامج النووي الإيراني. هذا هو التقييم الذي استقيتُه من حديثي مع مصادر استخباراتية إسرائيلية، توقعت الهجوم الصاروخي الإيراني قبل وقوعه يوم الثلاثاء الأول من أكتوبر بساعات. وذهبت هذه المصادر في توقعاتها إلى أن الهجوم الإيراني مخطط له على موجتين تفصل بينهما 15 دقيقة، وأن كل موجة ستشمل 110 صواريخ باليستية، وأن هذه الصواريخ الإيرانية تركز على 3 أهداف، أولها مقر جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي «الموساد» بالقرب من تل أبيب، وثانيها القاعدة الجوية الإسرائيلية في نيفاتيم، وثالثها القاعدة الجوية الإسرائيلية في ختسيريم، وتقع كلتا القاعدتين في جنوب إسرائيل في صحراء النقب. ويشعر المسؤولون الإسرائيليون بالقلق بشكل خاص من أي ضربة تستهدف مقر «الموساد» لأنه يقع في ضاحية رمات هشارون المكتظة بالسكان في شمال تل أبيب، ولا يبعد كثيراً عن مقر الاستخبارات الدفاعية الإسرائيلية، «الوحدة 8200».
هذه المعلومات تم تقاسمها معي لأن الإسرائيليين يصرون على أنهم لا يرغبون في حرب باليستية واسعة النطاق مع إيران، ويريدون من الولايات المتحدة أن تحاول ردع الإيرانيين من خلال إخبارهم بأنهم إذا نفذوا الهجوم الصاروخي بالفعل فإن واشنطن لن تقف موقف المتفرج وإن ردها لن يكون دفاعياً بحتاً، على غرار ما حدث في الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل في 13 أبريل الماضي. وبعبارة أخرى، فإن إيران قد تخاطر ببرنامجها النووي بأكمله إذا ما نفذت هجوماً صاروخياً ضد إسرائيل. لم أتمكن من التحدث إلى أي مسؤولين أميركيين كبار لتقييم ردود أفعالهم، لكنني سأقوم بتحديث المعلومات حالما أتمكن من ذلك. قد يعتقد المرء أن إسرائيل تتفوق في هذا النوع من الحرب على إيران إلى حد يسمح لها بالقضاء على برنامجها النووي وتوريط الولايات المتحدة في مواجهتها. لكن هذا ليس هو الانطباع الذي لدي، ذلك أن حرب الصواريخ الباليستية يمكن أن تلحق أضراراً هائلة بالبنية التحتية الإسرائيلية إذا لم يتم اعتراض كل الصواريخ تقريباً. لكن، هل كانت تصريحات الإيرانيين مخادعة، حيث أعطوا الانطباع بأنهم ينوون إسقاط الصواريخ في مناطق مفتوحة في إسرائيل؟ هذا ليس هو الانطباع الذي استقاه الإسرائيليون من معلوماتهم الاستخباراتية.
تقييم الاستخبارات الإسرائيلية هو أن الشعب الإيراني بشكل عام لا يرغب في هذه الحرب مع إسرائيل، إذ لطالما كان هناك استياء بسبب مليارات الدولارات التي يتم إنفاقها على دعم جماعتي «حماس» و«حزب الله»، في وقت باتت فيه البنية التحتية الإيرانية قديمة جداً ومتهالكة واقتصاد البلاد في حالة غير مرضية. والرسالة التي يأمل الإسرائيليون أن تنقلها الولايات المتحدة إلى إيران هي أنه إذا بدأت هذه الحرب وأدت إلى دمار كبير وموت مدنيين إيرانيين، فإنها قد تؤدي أيضاً إلى اندلاع انتفاضة داخلية. وخلاصة القول إنني آملُ، كأميركي، أن تتوقف الضربات الصاروخية، وأن يكبح الإسرائيليون هجومهم الآن ضد «حزب الله».
لقد شهدنا العام الماضي تجاوز الخطوط الحمراء يميناً ويساراً، من هجوم «حماس» الوحشي على إسرائيل في السابع من أكتوبر إلى الهجوم الإسرائيلي على قيادة «حزب الله» بأجهزة «البيجر» واغتيال أمينه العام حسن نصر الله. والإيرانيون يشعرون بأن قوة ردعهم قد تآكلت وعليهم الرد. إنها لحظة دقيقة وحرجة، لأنه بمجرد أن تبدأ في تجاوز الخطوط الحمراء، فإنها تختفي كلُّها.
– ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
– *كاتب وصحافي أميركي.